منصب نواب الرئيس تتقاذفه الخلافات السياسية والرغبات الشخصية وتفسير «الاتحادية»

وسط معلومات عن تفاهمات لعودة المالكي إلى البرلمان طمعًا في الحصانة

الرئيس العراقي فؤاد معصوم
الرئيس العراقي فؤاد معصوم
TT

منصب نواب الرئيس تتقاذفه الخلافات السياسية والرغبات الشخصية وتفسير «الاتحادية»

الرئيس العراقي فؤاد معصوم
الرئيس العراقي فؤاد معصوم

في وقت نفى فيه اثنان من نواب الرئيس العراقي فؤاد معصوم الثلاثة (نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي) أن تكون لهما رغبة في العودة إلى البرلمان، وذلك ردا على معلومات عن وجود تفاهمات بهذا الشأن، فإن مصير مناصبهم لا يزال يخضع للخلافات السياسية مرة، وللرغبات الشخصية مرة أخرى، ولما يمكن أن يصدر عن المحكمة الاتحادية بعد أن طعن اثنان منهم بدستورية قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلغاء مناصبهم.
وبينما أصدر نائب الرئيس العراقي المقال أسامة النجيفي بيانا أمس حمل صفته الرسمية كنائب لرئيس الجمهورية، فإنه أكد في تصريح خص به «الشرق الأوسط» أنه «من الناحية العملية لم يتغير الوضع القانوني لنواب رئيس الجمهورية إلى هذه اللحظة، وبالتالي فإنني ما زلت أحمل صفة نائب رئيس الجمهورية حتى يقرر رئيس الجمهورية إقالتنا من مناصبنا أو الطلب من البرلمان التصويت على ذلك»، مشيرًا إلى أن «رئيس الجمهورية لم يتقدم حتى الآن بأي طلب، ولم يصدر مراسيم لإقالتنا».
وكشف النجيفي أنه أبلغ العبادي دعمه للإصلاحات التي أصدرها «شريطة عدم تعارضها مع الدستور، وأن إلغاء مناصب نواب الرئيس غير دستوري، لكن العبادي الذي أكد لي أنني لست أنا المستهدف بذلك، يعتقد أن ما قام به دستوري».
وردًا على سؤال بشأن ما يقال عن تفاهمات حول عودة نواب الرئيس الثلاثة إلى البرلمان، قال النجيفي: «بالنسبة لي، هذا الأمر غير مطروح على الإطلاق».
من جانبه، أكد عباس الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المالكي يمارس عمله نائبًا لرئيس الجمهورية حتى الآن، حيث لم يصدر ما يتعارض مع ذلك من الناحية الدستورية». وردًا على سؤال بشأن القرارات التي اتخذها العبادي وأطلق عليها الحزمة الأولى من الإصلاحات، التي شملت إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية، قال الموسوي إن «الإصلاحات التي أعلنها العبادي وأحالها إلى البرلمان نحن معها، والسيد المالكي يؤيدها، لكن العراق بلد ديمقراطي وفيه دستور وانتخابات برلمانية، وبالتالي فإن الأمر مرتبط حتى بالنسبة للعبادي بما يقرره البرلمان، بالإضافة إلى أن البرلمان صادق عليها مع إضافة فقرة، وهي أن لا تتعارض مع الدستور، وبما أن منصب نواب رئيس الجمهورية مرهون بقانون، فإن إقالتهم غير دستورية ما لم يصدر ما يتطابق مع الدستور».
وحول ما إذا كان المالكي ينوي العودة إلى البرلمان، تساءل الموسوي قائلا: «لماذا يعود إلى البرلمان وهو حتى اللحظة نائب لرئيس الجمهورية». وردا على سؤال عما إذا كان المالكي سيعود إلى البرلمان في حال أقيل من منصبه طبقا للإصلاحات الحالية، أو أنه قدم طعنا للمحكمة الاتحادية، قال الموسوي إن «مثل هذا الأمر يعلن في حينه فيما يتعلق بعودته إلى البرلمان، وإنه لم يقدم طعنا للمحكمة الاتحادية حتى الآن».
واللافت أن المالكي يتقدم المتهمين بالمسؤولية عن سقوط الموصل، وسبق أن أحالت لجنة التحقيق ملف المسؤولين إلى القضاء. وحسب المعلومات المتاحة، فإن المالكي يريد العودة إلى البرلمان طمعا في الحصانة من المحاكمة التي يفترض أن يقرر الأداء العام ما إذا كان سيخضع لها أم لا، على ضوء الاتهامات الموجهة له في سقوط الموصل بيد تنظيم داعش في يونيو (حزيران) من العام الماضي.
لكن الأمر يختلف تماما بالنسبة لنائب الرئيس الثالث إياد علاوي؛ ففي تصريح لـ«الشرق الأوسط» نفت انتصار علاوي، القيادية في حركة الوفاق الوطني التي يتزعمها إياد علاوي، أن «يكون لدى الدكتور إياد علاوي النية على الإطلاق للعودة إلى البرلمان، وإن كل ما يقال ويعلن بهذا الشأن عار عن الصحة تمامًا». وعما إذا كان علاوي لا يزال هو الآخر، شأن المالكي والنجيفي، يحتفظ بمنصبه كنائب لرئيس الجمهورية، قالت القيادية إن «علاوي ترك منصب نائب رئيس الجمهورية طواعية ولم يعد يهمه لا من قريب ولا من بعيد»، مشيرة إلى أنه «كان قدم استقالته من هذا المنصب قبل إصلاحات العبادي بشهور، وبالذات في الشهر الخامس، ولكن مورست ضغوط عليه فسحب الاستقالة، ولكنه لم يمارس عمله في المقر الحكومي، وبالتالي فإن علاوي لا يحمل منصبًا رسميا في الدولة، ولا يهمه إن قدموا طعنا في المحكمة الاتحادية أم لا، إذ إن موقعه الذي يعتز به هو رئيس ائتلاف الوطنية فقط».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.