مسؤول ليبي لـ «الشرق الأوسط»: 150 ألف مهاجر غير شرعي يدخلون البلاد شهريًا

مستشار الجيش قال إن بينهم متطرفين وأغلبهم شباب.. و20 % منهم يتجهون لأوروبا

مهاجرون سوريون ينزلون من قارب لدى وصولهم إلى احدى الجزر اليونانية (رويترز)
مهاجرون سوريون ينزلون من قارب لدى وصولهم إلى احدى الجزر اليونانية (رويترز)
TT

مسؤول ليبي لـ «الشرق الأوسط»: 150 ألف مهاجر غير شرعي يدخلون البلاد شهريًا

مهاجرون سوريون ينزلون من قارب لدى وصولهم إلى احدى الجزر اليونانية (رويترز)
مهاجرون سوريون ينزلون من قارب لدى وصولهم إلى احدى الجزر اليونانية (رويترز)

قال مسؤول ليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن 150 ألف مهاجر غير شرعي يدخلون البلاد شهريا، بينهم مقاتلون متطرفون وأغلبهم شباب.
وكشف مستشار الجيش، الدكتور صلاح الدين عبد الكريم، أن نحو 20 في المائة من هؤلاء يواصلون الهجرة عبر السواحل الليبية إلى أوروبا، بينما يتبقى 80 في المائة داخل البلاد، مما يزيد الأعباء على السلطات الشرعية التي تكافح من أجل بسط الاستقرار في الدولة الغنية بالنفط والغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
وعما إذا كان الجيش بإمكاناته الحالية قادرا على مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا بمساحتها الصحراوية الشاسعة وسواحلها التي تمتد بطول نحو ألفي كيلومتر في مواجهة أوروبا على البحر المتوسط، أكد المستشار القانوني للجيش الذي يقوده الفريق أول خليفة حفتر أن «الأمر صعب». وأضاف أن المهاجرين عبارة عن «موجات وراء موجات، تأتي بمعدل نحو 5 آلاف مهاجر يوميا عبر الحدود مع دول الجوار خاصة من الجنوب، ولا تتوقف».
وغرق أو فقدان أكثر من ألفي شخص في البحر المتوسط أغلبهم أمام السواحل الليبية، منذ مطلع 2015. وينتمي عشرات الألوف من المهاجرين إلى دول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين يوم الخميس الماضي أن نحو ربع مليون مهاجر وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط منذ بداية العام الحالي.
وتقول إحصاءات شبه رسمية إن نسبة المهاجرين غير الشرعيين الذين يغامرون بعبور البحر المتوسط من الإريتريين تبلغ 12 في المائة، والأفغان 11 في المائة، والنيجيريين 5 في المائة، والصوماليين 4 في المائة، بينما تبلغ نسبة السوريين 36 في المائة. وتعد إيطاليا واليونان أكثر الدول الأوروبية استقبالا للمهاجرين. وينتقل الفارون من الفوضى والاحتراب في بلادهم إلى دول الجوار الليبي، خاصة الجزائر ومصر وتشاد، ومن ليبيا ينتقلون عبر مراكب صغيرة يديرها مهربون في البحر، بسبب هشاشة السلطة الحاكمة هناك وضعف الرقابة على الحدود البرية والبحرية.
وقال عبد الكريم إن آلاف المهاجرين يدخلون إلى البلاد، محذرا من خطورة حدوث تغيير في التركيبة السكانية في جنوب ليبيا، بسبب تركز الهجرة القادمة من وسط أفريقيا هناك. وأضاف موضحا: «يوميا يدخل من 4 آلاف إلى 5 آلاف مهاجر غير مرغوب فيهم إلى ليبيا، بينهم 20 في المائة فقط يحاولون مواصلة الهجرة من ليبيا إلى أوروبا. والباقون يظلون في داخل البلاد».
وتطرق مستشار الجيش الليبي إلى استغلال أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة لوجود امتداد لقبيلتين ليبيتين على الأقل، هما الطوارق والتبو، على جانبي الحدود الليبية من الجنوب، وتسلل أفارقة إلى داخل البلاد تحت ستار الانتماء لمثل هذه القبائل، دون وجود قدرة على معرفة الليبيين من غير الليبيين، بسبب الفوضى التي تعم البلاد واحتراق عديد المقار التي كانت تحوي وثائق رسمية للمواليد والمواطنين.
ووفقا للمستشار عبد الكريم، فقد تعرضت مبان للسجل المدني، الذي يسجل فيه المواطنون الليبيون، إضافة لمقار أخرى خاصة بتوثيق المواليد، للحرق خلال الحرب التي شنها المتمردون المسلحون، في ما يعرف بـ«ثورة 17 فبراير (شباط) 2011» بمعاونة حلف شمال الأطلسي «ناتو» والتي استمرت ثمانية أشهر وانتهت بمقتل القذافي. وقال: «منذ فبراير 2011، جرى حرق مكاتب للسجل المدني وعدة مقار تخص توثيق مواليد ووفيات الشعب الليبي.. الآن أي شخص من الممكن أن يقول لك إنه من قبيلة (طوارق ليبيا) أو من قبيلة (تبو ليبيا) أو غيرهما، ولا تعلم ما هي الحقيقة. وبالتالي هذه الموجات من المهاجرين أصبحت فيها تجارة كبيرة».
وحذر من خطورة وجود مجرمين ومتطرفين ومقاتلين مرتزقة وسط المهاجرين غير الشرعيين، ليس على ليبيا فقط، ولكن على الدول الأوروبية الواقعة شمال البحر المتوسط. وأضاف أن الهجرة غير الشرعية تجلب معها «نسبا من المجرمين ونسبا من الإرهابيين ومن العسكريين الأجانب أيضا، وهم كانوا عسكريين سابقين في دولهم ويأتون لليبيا للعمل كمرتزقة مع الميليشيات المتطرفة». وأضاف أن «أغلب المهاجرين غير الشرعيين صبية وشباب في أعمار تبدأ من 15 إلى 40 أو 45 سنة. وهؤلاء قادرون على القتال».
وتقول المصادر إنه وفقا للمعلومات المتوافرة لدى قيادات في الجيش الليبي فإن أكثر بلدان الجوار قدرة على ضبط حدودها والتصدي لعمليات التسلل إلى ليبيا، هي مصر، مع الوضع في الحسبان أن تونس بدأت في بناء جدار عازل على حدودها مع جارتها، بعد أن قام متطرفون بتلقي تدريبات في معسكرات المتطرفين في ليبيا والعودة لتنفيذ «هجمات إرهابية» ضد السلطات وضد السياح داخل تونس.
وتسيطر ميليشيات متطرفة على طرق التجارة والتهريب خاصة في الجنوب وامتداده في اتجاهي الغرب والشرق. وأوضح عبد الكريم قائلا إن مصر «هي الدولة الوحيدة من دول الجوار القائمة بجهود كبيرة وملموسة لمنع الهجرة غير الشرعية.. وتتخذ إجراءات لحماية مستقبل الشعب الليبي». لكنه أضاف أن المشكلة التي تواجه السلطات الليبية لوقف الهجرة غير الشرعية تكمن في ضعف إمكانيات الجيش، بسبب الحظر الدولي على توريد السلاح لليبيا، وهو حظر مستمر منذ 2011. وقال: «ما لم يُقدم الدعم للجيش الوطني فإن مهمة وقف الهجرة غير الشرعية ستكون مهمة مستحيلة. لدينا صحراء شاسعة، كما أن مساحة الدولة تبلغ أكثر من مليون 760 ألف كيلومتر مربع، مع حدود مفتوحة. ولا يوجد أمن ولا شرطة ولا استخبارات ولا أجهزة أمنية».
ودعا عبد الكريم دول الجوار والدول الشقيقة والصديقة مثل مصر وروسيا للإسراع من أجل دعم الجيش، قائلا إنه «إذا لم يتلق الجيش الوطني الدعم من دول الجوار والدول الشقيقة والصديقة، خاصة مصر وروسيا، فإنه سيكون من الصعب بسط الاستقرار في البلاد أو إنهاء نفوذ المتطرفين أو التصدي للهجرة غير الشرعية.. هذه مهام شاقة أمام الشعب الليبي ومعركة طويلة وليست سهلة». وأضاف أن «معدل الهجرة غير الشرعية، إذا استمر على وضعه الموجود حاليا، فإن الشعب الليبي سيتحول إلى أقلية في أرضه، خلال عشر سنوات».
وأدى تكدس ألوف المهاجرين الأفارقة في الجنوب الليبي إلى نشوب معارك بالأسلحة في ما بينهم وسقوط عشرات القتلى بسبب الصراع على النفوذ. وقال المستشار عبد الكريم إن المنطقة الجنوبية من البلاد أصبحت فيها مشكلة كبيرة لأنها تشهد غزوا من الأفارقة، خاصة من قبيلتي الطوارق والتبو من أبناء الصحراء الكبرى. وأضاف أن هؤلاء المهاجرين يأتون إلى مدن «سبها» و«أوباري» و«غات» وغيرها، ويخوضون حروبا على النفوذ بين بعضهم بعضا، مشيرا إلى محاولات من المهاجرين لجر قبائل الطوارق والتبو الليبيتين في هذه المعارك.
وشدد على أن الحرب الدائرة الآن في مدن مثل «أوباري» و«غات» هي ليست بين الطوارق والتبو الليبيين «لكنها بين الطوارق والتبو من أبناء الصحراء الكبرى.. هؤلاء تشاديون ونيجيريون وماليون وغيرهم، يتقاتلون على الأراضي الليبية، بينما يواصل ألوف آخرون من المهاجرين رحلتهم إلى مدن الشمال الليبي ومنها إلى أوروبا».
ولا يبدو من كلام المستشار عبد الكريم أنه يعول كثيرا على الدول الأوروبية، المتضرر الرئيسي من الهجرة غير الشرعية، وهو يرى أنها «غالبا غير جادة»، مشيرا إلى أن الدول الأوروبية إذا أرادت مواجهة خطر الهجرة غير الشرعية فعليها أن تضغط على الأمم المتحدة من أجل رفع الحظر عن الجيش الليبي، وتنحاز للسلطات الشرعية. ومثل غالبية قادة الجيش الليبي يرفض عبد الكريم الإجراءات التي أعلنتها عدة دول أوروبية بالتدخل لمنع الهجرة من السواحل الليبية.
وشدد مجددا، حول هذه النقطة، على أن الجيش لن يسمح لأي عمليات عسكرية أوروبية بالاقتراب من السواحل الليبية من دون إذن أو تنسيق مسبق مع السلطات الشرعية. وأضاف: «نحن أعلنا أن الأوروبيين إذا لم يأخذوا الإذن من السلطات الليبية، فإن سلاح الجو الليبي سيقصف كل من يقترب من سواحلنا. الدول الأوروبية لها مصالحها الخاصة، ونحن لنا مصالحنا».
وردا على سؤال بشأن ما يقال عن أن هناك مهربين من قادة الميليشيات المتطرفة منخرطين في الهجرة غير الشرعية لتمويل عملياتهم العسكرية، أجاب مستشار الجيش قائلا إن هذا «ممكن جدا، لأن الإرهاب الدولي يستخدم تجار المخدرات والأسلحة وتهريب البشر، لجلب الأموال». وتابع محذرا من أن هناك معلومات تشير لاحتمال تسلل عناصر من تنظيم داعش ومن الجماعات الإرهابية وسط المهاجرين غير الشرعيين، لتنفيذ أعمال إرهابية في أوروبا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».