تمثيل «سنة 8 آذار» في الحكومة يضع عون بمواجهة «حزب الله»

لم يسجل تواصل بينهما بعد إعلان الرئيس عن موقفه

الرئيس عون متحدثا إلى محطات التلفزة والإذاعة في لبنان في الذكرى الثانية لانتخابه أول من أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس عون متحدثا إلى محطات التلفزة والإذاعة في لبنان في الذكرى الثانية لانتخابه أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تمثيل «سنة 8 آذار» في الحكومة يضع عون بمواجهة «حزب الله»

الرئيس عون متحدثا إلى محطات التلفزة والإذاعة في لبنان في الذكرى الثانية لانتخابه أول من أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس عون متحدثا إلى محطات التلفزة والإذاعة في لبنان في الذكرى الثانية لانتخابه أول من أمس («الشرق الأوسط»)

غادر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى باريس لأيام، فيما تحوّلت «العقدة السنية» التي تعيق مسار تشكيل الحكومة، إلى «اختلاف» بين «حزب الله» ورئيس الجمهورية ميشال عون إثر تصريح الأخير الذي أكد فيه أن مطلب تمثيل «سنة 8 آذار» غير محقّ.
ومع تأكيد مصادر مطّلعة على المشاورات الحكومية، أن الاتصالات لتذليل العقدة السنية مستمرة ولم تتوقّف، لفتت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى عدم تسجيل أي تواصل مباشر بين «حزب الله» والرئيس عون بشأن موقفه الذي أعلن عنه مساء أول من أمس، كما لم يعلن عن أي موقف للحزب في هذا الإطار. ورأت أنه لا يفترض أن يؤثر موقف الرئيس على علاقته مع «حزب الله»، مؤكدة أن عون عبّر عن موقفه السياسي حيال هذا الأمر، شارحا الأسباب ومجددا تأكيده في الوقت عينه على موقفه حيال الحزب ورفض وصفه بالإرهابي.
ومع تعبيرها عن أملها بأن يكون تشكيل الحكومة اليوم أمام مرحلة «اشتدي يا أزمة تنفرجي»، داعية إلى ترقّب ما سيقوم به الحزب الداعم الأساس لمطلب النواب السنة،، قالت: «إذا كان هناك قرار لجعلها أكثر صعوبة ستكون كذلك وإذا أرادوا التسهيل فيمكن إيجاد حلّ بسهولة»، مكرّرة ما قاله عون لجهة أن مطلب هؤلاء السنة إذا نفّذ سيفتح الباب على مطالب مماثلة على غرار ما أعلن عنه بعض النواب المسيحيين الذي هم خارج الكتل النيابية الكبرى.
وكان عون قد قال في حوار إعلامي بث مباشرة على محطات التلفزة والإذاعة في لبنان في الذكرى الثانية لانتخابه: «نريد حكومة وفقا لمعايير معينة، أي وفقا للأحجام، ومن دون تهميش أحد، لا طائفة ولا مجموعة سياسية. فلو اكتفى كل طرف بمعيار حجمه لما كانت حصلت هذه المشكلة، وظهرت عراقيل غير مبررة، كانت سببا لتأخير تشكيل الحكومة».
وحول العقدة السنية أوضح أن «المجموعة التي تطالب الآن بأن تتمثل في الحكومة مكونة من أفراد وليست كتلة، ونحن نمثل الكتل ضمن معايير معينة، وهم قد شكلوا أخيرا مجموعة»، مؤكدا: «ما يهمنا أيضا ليس إضعاف رئيس الحكومة، فلديه مسؤوليات وعليه أن يكون قويا من دون أن يتعرض لأي هزات».
ورأى الرئيس عون أن اللجوء إلى حكومة أمر واقع، لا يخدم لبنان، «فنحن نبني حكومة عبر التفاهم والتضامن، حيث نستطيع أن نحقق أمورا كثيرة. أما عبر التفرد بالرأي ووضع الشروط فهذا غير ممكن».
وجدّد النائب عبد الرحيم مراد مطلب تمثيل النواب السنة الستة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «تمثيلنا كسنة معارضة هو حق مكتسب ومعطى ميثاقي، ويجب أن نحترم الناخبين ومن نمثلهم»، مشيرا إلى أن الرئيس الحريري «في كل مرحلة المشاورات خلال التكليف والتأليف لم يسبق له أن شاورنا أو كانت له لفتة إيجابية تجاهنا». ويضيف: «نحن من صوتنا للرئيس المكلف ودعمناه وتمنينا له التوفيق، ولكن ليس بهذه الطريقة يتم التعاطي معنا وتجاوزنا»، مؤكدا: «إن أي نائب من النواب الستة يتم اختياره، يمثلنا، وليس لدينا مشكلة في هذا الإطار على الإطلاق، فكائن من كان منا في الحكومة يمثلنا ونحن إلى جانبه وندعمه».
ويشير النائب مراد إلى أن المشاورات والاتصالات التي يقومون بها مع المرجعيات السياسية والمعنيين مستمرة، «لأننا مؤمنون بأن ما نطالب به حق أعطي لنا ممن منحونا أصواتهم، وعلينا أن نكون أوفياء لهم ونمثلهم في الحكومة».
في المقابل، اعتبر النائب في «تيار المستقبل» النائب عاصم عراجي أن حزب الله وعبر هذا المطلب يعرقل تشكيل الحكومة ويضع العصي في دواليب التأليف، بعدما قدّم حزب القوات اللبنانية التسهيلات.
ويرى عراجي أن هناك قطبة مخفية خلف موقف الحزب المعرقل وكأنه يخفي شيئاً ما، ربما مراهنا على ظروف ومعطيات إقليمية، إذ لم يسبق له أن طالب وكان حازما بتوزيرهم، لا بل انتظر إلى الساعات الحاسمة عندما كانت مراسيم التأليف على وشك أن تصدر ليطل علينا بعقدة جديدة، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عما يريده الحزب جراء هذه العرقلة، مضيفا: «وإذا كان يريد توزيرهم فليمنحهم حقيبة من حصّته».
وأكد عراجي أن هؤلاء النواب السنة ليسوا كتلة واحدة، مذكرا بأنهم ذهبوا إلى استشارات التكليف والتأليف أفرادا أو على صعيد ثنائي أو ثلاثي، إضافة إلى أن هناك أربعة نواب سنة آخرين خارج أي تكتّل.
ومع موقف عون، بات الانقسام حيال حق «سنة 8 آذار» بالتمثيل في الحكومة، واضحا، حيث يقتصر دعم موقفهم على «حزب الله» و«حركة أمل». وفي هذا الإطار، انتقد رئيس «الحزب الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، مطالبة هؤلاء النواب بالتمثيل، قائلا: «يبدو أن أخبار لبنان وصلت إلى بغداد فأخد العراقيون يبحثون في شارع المتنبي عن كتاب حول السنة المستقلين. والبعض الآخر وجد التقرير الأخير للبنك الدولي عن لبنان أنه مخيف، فهل قرأه السنة المستقلون. بالمناسبة مستقلون عمن؟».
وردّ النائب فيصل كرامي على جنبلاط قائلا: «السنة المستقلون الذين أعجزك إيجاد تعريف لهم لدرجة الذهاب إلى بغداد والبحث في شارع المتنبي عن الكتب، هم السنة اللبنانيون الذين لم يكونوا تابعين لتشكيلة من الدول الأجنبية والعربية خلال تاريخهم السياسي».
وأضاف: «السنة المستقلون هم السنة اللبنانيون الذين لم يتورطوا في حروب المذابح والفرز المذهبي الذي حوّل لبنان إلى فيدرالية طوائف، وهم الذين لم يستقبلوا شيمون بيريز في قصورهم، ولكنهم ماتوا اغتيالاً في دفاعهم عن عروبة لبنان». وقال: «السنة المستقلون هم الذين لم ينهبوا المال العام بشراهة غير مسبوقة أوصلتنا إلى تقرير البنك الدولي المرعب والخطير الذي تتحدّث عنه. تحية إلى روح المناضل الكبير «سلطان باشا الأطرش».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.