عباس يتصدى لـ«إمارة غزة»

TT

عباس يتصدى لـ«إمارة غزة»

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه سيتصدى لمشروع إقامة «إمارة غزة»، مشدداً على رفضه الكامل لأي «مشاريع مشبوهة تهدف إلى تكريس الانقسام، وفصل غزة عن باقي أجزاء الوطن».
وأضاف عباس في كلمته أمام أعضاء المجلس الثوري في دورته الرابعة العادية، التي أطلق عليها «دورة القرار والانتصار للقدس العاصمة الأبدية والأسرى والشهداء واللاجئين»، وتنتهي اليوم (الأحد)، أن المطلوب هو «الالتزام الكامل بتنفيذ بنود اتفاق القاهرة، الذي تم برعاية الأشقاء في مصر، والذي يؤكد ضرورة تولي حكومة الوفاق الوطني مهامها في قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، لرفع المعاناة عن أبناء شعبنا في قطاع غزة». مؤكداً أنه سيبحث هذا الموضوع في جلسة المجلس المركزي المقررة نهاية الشهر الحالي.
ويتوقع أن يأخذ «المركزي» قرارات من بينها وقف أي تمويل لقطاع غزة إذا لم تسلم «حماس» القطاع للسلطة الفلسطينية.
وتأجج الخلاف بين السلطة و«حماس» إثر إصرار الحركة على إنجاز تهدئة، غير أن عباس يرى أن مباحثات التهدئة الحالية تهدف إلى فصل غزة عن الضفة الغربية. لكن تهديداته لم تَلقَ آذاناً صاغية لدى «حماس».
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خلال مراسم تشييع سبعة فلسطينيين قُتلوا يوم الجمعة في مسيرات غزة، التي تحاول «حماس» من خلالها الضغط على الأطراف من أجل عقد اتفاق تهدئة: «إن مسيرات العودة ليست من أجل السولار والدولار، مع أنه حق طبيعي لشعبنا أن يعيش حياة كريمة وأن يُرفع عنه الحصار الظالم»، مشدداً على أن «مسيرات العودة لن تقنع بالحلول الجزئية ولا الخطوات المنقوصة، ولن تقنع إلا بإنهاء الحصار كلياً عن قطاع غزة».
وبارك هنية كل جهد يُبذل من أجل كسر الحصار على قطاع غزة. ورفض التصريحات التي تصف إدخال الوقود والرواتب إلى غزة «بإضاعة للقضية»، وكان هنية يرد بذلك على اتهامات من مسؤولين فلسطينيين بأن «حماس» باعت غزة بالسولار والدولار، وتنوي إنهاء مسيرات العودة مقابل ذلك، بدل أن تكون مقابل حقوق أخرى.
وجاء هذا التوتر بينما يواصل المجلس الثوري لحركة فتح مناقشة قضايا سياسية وتنظيمية تتعلق بالمصالحة مع «حماس».
وقال أمين سر المجلس الثوري ماجد الفتياني: «إن المجلس الثوري سيصدر بياناً الأحد (اليوم)، يتعلق بالشقين السياسي والتنظيمي لحركة فتح».
ونقل الفتياني موقف عباس من المصالحة قائلاً إن موقفه يقول إن المصالحة الفلسطينية «استحقاق وقرار وطني لانتصار هذا المشروع الوطني الفلسطيني». مبرزاً أنه «لا يمكن القبول بأن تكون المساعدات الإنسانية بديلاً لمشروعنا الوطني في وحدة ترابنا وهويتنا الوطنية، ودولتنا بعاصمتها القدس».
وبخصوص إسرائيل قال الفتياني «إنها تخلّت عن كل الاتفاقيات التي وُقعت معها. لذلك فقد أصبحت في مهبّ الريح لأننا لن نلتزم بأي اتفاق مع إسرائيل، وسنطالب بمراجعة كل هذه الاتفاقيات، وإنْ تطلب الأمر إلغاء ما تم الاتفاق عليه، لأننا أقدمنا على العملية السياسية منذ 25 عاماً لبناء سلام، والوصول إلى حقوق شعبنا، وإن لم يتحقق ذلك فلن يتحقق سلام».
أما بخصوص «حماس»، فقال الفتياني «إن على (حماس) أن تدرك أن المصالحة استحقاق، وغزة ليست حملاً زائداً على منظمة التحرير، ولا مشروعاً إنسانياً في ذات الوقت... وإذا أصرت (حماس) على سلوكها الانفصالي، أو على وهم إقامة دولة أو إمارة في القطاع، فعلينا أن نتقدم للمجلس المركزي، بصفته صاحب الولاية على السلطة والمجلس التشريعي والحكومة وعلى كل شيء، أن يختار ما يقرر أن يحمي وحدة ترابنا وهويتنا الوطنية الفلسطينية، ومشروعنا في الدولة والعاصمة».
ويدور الحديث عن قرارات من قبيل وقف التمويل البالغ نحو 96 مليون دولار شهرياً لغزة، وحل المجلس التشريعي الفلسطيني، وتحويل صلاحياته للمجلس المركزي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.