تركيا: المنطقة المنزوعة السلاح تشكلت في إدلب السورية

TT

تركيا: المنطقة المنزوعة السلاح تشكلت في إدلب السورية

قالت وزارة الدفاع التركية إن المنطقة منزوعة السلاح في إدلب السورية تشكلت، وإنه تم سحب أسلحة ثقيلة بعد اتفاق بين زعيمي روسيا وتركيا في سوتشي الشهر الماضي. وينص الاتفاق على سحب الأسلحة الثقيلة والدبابات ونظم الصواريخ لجميع فصائل المعارضة بحلول 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وأن تراقب المنطقة بدوريات تركية وروسية.
وقالت الوزارة في بيان إن «تركيا تحملت مسؤولياتها بصفتها دولة ضامنة (...). في هذا الإطار أنجز سحب السلاح الثقيل من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب في 10 من الشهر الحالي».
ويتراوح عرض المنطقة بين 15 و20 كيلومتراً، وتقع على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة والمتشددة. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم يتم رصد أي سلاح ثقيل الأربعاء في كامل المنطقة منزوعة السلاح». وتم نقل السلاح الثقيل إلى مقرات خلفية للفصائل في عمق محافظة إدلب. وعاين مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في إدلب أول من أمس وضع فصائل معارضة دبابات ومدفعية ثقيلة داخل تحصينات على بعد نحو 20 كيلومتراً من حدود المنطقة منزوعة السلاح.
وفي خطوة بدّدت شكوك المحللين، التزمت كل التنظيمات المتشددة؛ وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)» التي تسيطر على ثلثي المنطقة منزوعة السلاح، بتطبيق البند الأول من الاتفاق.
لكن الاتفاق ينص في مرحلته الثانية على أن تنسحب التنظيمات المتشددة من هذه المنطقة في مهلة أقصاها الاثنين المقبل، وهو ما يشكل الجزء الأصعب.
ويقول الباحث في «معهد تشاتام هاوس» حايد حايد، في تصريحات للوكالة: «طبعاً تطبيق بند السلاح الثقيل هو الأسهل، والأصعب انسحاب القوات من هذه المنطقة» التي تعد المعقل الأخير لها.
ورغم أن «هيئة تحرير الشام» لم تعلن أي موقف من الاتفاق الروسي - التركي منذ التوصل إليه، فإن محللين يتحدثون عن ضغوط تركية كبرى على كل الفصائل؛ وبينها «الهيئة»، لتطبيق الاتفاق بحذافيره من أجل ضمان حمايتها من هجوم للنظام بدعم روسي. وبدت دمشق بدورها واثقة بقدرة تركيا على تطبيق الاتفاق «بسبب معرفتها بالفصائل» وفق ما قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم مطلع الشهر الحالي. وتسيطر «هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)» على الجزء الأكبر من إدلب، بينما توجد فصائل ينضوي معظمها في إطار «الجبهة الوطنية للتحرير» في بقية المناطق. وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
ويرى الباحث في «المعهد الأميركي للأمن» نيكولاس هيراس أن «(هيئة تحرير الشام) تخطط على المدى الطويل في إدلب»، انطلاقاً من اعتقادها بأن «تركيا ستسمح لها بمواصلة نشاطها في شمال غربي سوريا بقدر ما يبقى حضورها (الهيئة) بعيداً عن الواجهة». ويضيف: «بقدر ما تبقى (هيئة تحرير الشام) تحت الجناح التركي، فستحظى بفرصة ذهبية لترسيخ جذورها بشكل دائم في إدلب».
وأفاد متحدثون باسم الفصائل المعارضة عن تلقيهم ضمانات حول توجّه تركيا لتعزيز وجود قواتها على الجبهات الأمامية مع قوات النظام، أي في المنطقة العازلة.
وتسعى تركيا من خلال هذا الاتفاق، وفق هيراس، إلى «تثبيت أقدامها على المدى الطويل في إدلب، لتصبح الأخيرة من ضمن مناطق سيطرتها في سوريا». ويعرب هيراس عن اعتقاده بأن «روسيا تسمح لتركيا بإنشاء منطقة دائمة في شمال غربي سوريا، لأنه لا يوجد أمامها خيار أفضل في الوقت الراهن»، انطلاقاً من رغبتها «في تجميد الحرب بالمنطقة ومواصلة أعمالها في إعادة إعمار مناطق سيطرة (الرئيس السوري بشار) الأسد».
ورغم أن دمشق وصفت بدورها الاتفاق بأنه «إجراء مؤقت»، وخطوة لـ«تحرير» إدلب، فإن قبولها الاتفاق يبدو الخيار المتاح حالياً. ويشرح هيراس: «قد يرغب الأسد باستعادة السيطرة على إدلب، لكن في الوقت الراهن ليس لديه خيار أفضل من هذا الاتفاق».
وتشهد سوريا منذ 2011 نزاعاً دامياً متعدد الأطراف، تسبب في مقتل أكثر من 360 ألف شخص، وفي دمار هائل بالبنى التحتية، ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.