برهم صالح رئيساً للعراق

بعد منافسة شرسة مع مرشح بارزاني حُسمت في اقتراع سري بالجولة الثانية

برهم صالح رئيساً للعراق
TT

برهم صالح رئيساً للعراق

برهم صالح رئيساً للعراق

انتخب البرلمان العراقي، أمس الثلاثاء، مرشح «الاتحاد الوطني الكردستاني» برهم صالح رئيساً للجمهورية العراقية، بعد معركة شرسة في مواجهة مرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني» فؤاد حسين.
وجاء فوز صالح بالجولة الثانية من الاقتراع السري بفارق كبير على منافسه فؤاد حسين مرشح «الحزب الديمقراطي» بزعامة مسعود بارزاني الذي عبّر عن اعتراضه على النتائج منذ الجولة الأولى التي حصل خلالها صالح على 171 صوتاً بينما حصل حسين على 89 صوتاً. وحيث يتعين على من يفوز بمنصب رئيس الجمهورية وبموجب الدستور الحصول على ثلثي أصوات أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً بما يعني حصوله على 220 صوتاً، فإن مرشح «الديمقراطي» قرر الانسحاب من المنافسة في الجولة الثانية، ممهداً الطريق أمام فوز سهل لغريمه مرشح «الاتحاد الوطني».
وفي موقف يشي بتصعيد مقبل في العلاقات الكردية - الكردية وفي العلاقات بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، أعلن زعيم «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني رفضه الآلية التي جرت بها عملية الاقتراع على رئيس الجمهورية. وقال بارزاني في بيان إن «ما يجري الآن لاختيار رئيس جمهورية العراق مخالف للأعراف المتبعة في انتخاب رئيس الجمهورية في الدورات السابقة، فكان ينبغي أن يتم اختيار مرشح كردي من أكبر كتلة أو أن تحسم الكتل الكردية الأمر. وسيكون لنا موقفنا منه قريباً». وطبقاً لما كشفه قيادي شيعي لـ«الشرق الأوسط» طالباً عدم الكشف عن اسمه، فإن الذي حصل بعد ظهر أمس هو أن الاتفاق الذي كان أبرم بين «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي لديه 25 نائباً في البرلمان العراقي وبين «كتلة البناء» التي تضم «الفتح» و«دولة القانون» نص على أن ينضم بارزاني إلى «كتلة البناء» لكي تكون «الكتلة الأكبر»، في مقابل التصويت لمرشحه فؤاد حسين. غير أن الذي حصل أن غالبية النواب الذين ينتمون إلى تلك الكتلة رفضوا الالتزام بما قرره قادتها. وأضاف القيادي أن «بارزاني شعر بالخذلان حيال هذا الأمر لأنه ما كان له أن يمرر مرشحه إلا بطريقة التوافق، بعكس برهم صالح الذي فضّل الفضاء الوطني».
وكان «الاتحاد الوطني الكردستاني» أكد وجود تفاهمات مع القوى السياسية في بغداد لتمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية برهم صالح. وقال عضو المجلس القيادي في «الاتحاد» أريز عبد الله في تصريح صحافي إن «الاتحاد متفق مع أغلب الكتل السياسية لتمرير مرشحه خلال جلسة اليوم (أمس) وإعلانه رئيساً للجمهورية»، مبيناً أن «المباحثات مع الكتل السياسية ما زالت مستمرة، لا سيما مع الأحزاب الكردية، إلا أنها لم تتوصل إلى تفاهمات بشأن الخروج بمرشح موحد».
في سياق ذلك، أكد الناطق باسم تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الدكتور قحطان الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «انتخاب رئيس الجمهورية طبقاً للتوقيتات الدستورية أمر مهم من أجل استكمال الاستحقاقات اللاحقة وهي انتخاب رئيس الوزراء». وأضاف الجبوري أن «من المهم الآن التوجه نحو تنفيذ البرامج التي أوصلت الكتل السياسية إلى مجلس النواب الحالي. وأوضح أن «الشعب العراقي الذي أوصل الكتل السياسية إلى قبة البرلمان ينتظر منها تشكيل حكومة بأسرع وقت قادرة على تلبية مطالبه واحتياجاته بدءاً بالخدمات والأمن والاستثمار وإصلاح منظومة الحكم والتوجه إلى بناء علاقات متوازنة مع الجميع في الداخل والخارج». وأضاف أن «ذلك لن يتحقق في حال استمرت التجاذبات والمناكفات السياسية فضلاً عن التوافقات التي من شأنها إجهاض خطط الإصلاح».
إلى ذلك، نقلت شبكة «رووداو» عن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قوله أمس في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إن «رئيس الجمهورية ينتخبه البرلمان، لكن رئيس الوزراء تختاره الكتلة الأكبر»، مبيناً أنه «مع تكليف مرشح الكتلة الأكبر برئاسة الحكومة، وليس مع مرشح التسوية». وأضاف أن «مرشح التسوية مخالف للدستور والقوانين»، محذراً من أن «هناك محاولة للعبور على النص الدستوري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».