بن دغر لـ«الشرق الأوسط»: غريفيث طلب هدنة... والمناصب ليست طموحنا

قال إن أجداد الحوثيين خسروا معاركهم في اليمن وسيخسرون هذه المعركة

د. أحمد بن دغر
د. أحمد بن دغر
TT

بن دغر لـ«الشرق الأوسط»: غريفيث طلب هدنة... والمناصب ليست طموحنا

د. أحمد بن دغر
د. أحمد بن دغر

يقرأ رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر هذه الأيام «منطق ابن خلدون لعلي الوردي»، ويقول إنه كتاب يعالج مقولات الفلسفة الاجتماعية لدى ابن خلدون، مقارنة بمن سبقوه من فلاسفة العصور السابقة، وفلاسفة العصور الحديثة والمعاصرة.
كان سؤال الكتب آخر سؤال أجاب عليه رئيس الوزراء في حوار موسع أجرته معه «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني، حيث لم يترك الدكتور بن دغر أيا من الأسئلة الـ19 من دون إجابة مستفيضة.
وبسؤاله عن إجابته عن الذي يقول إن الشرعية ستفقد مقاعد كثيرة ومناصب في الحكومة إذا ما تم إنجاح أي حل أو تسوية، ولذلك تتهم بأنها ليست حريصة على إنجاز التسوية حتى لا تفقد تلك المزايا والمناصب، قال بن دغر: «ينسحبون، ويسلمون الأسلحة لجهة محايدة، وبعدها بيننا وبينهم صندوق الاقتراع، الشعب هو الحكم بعد ذلك، سنحتكم لنتائج الاقتراع وعلى هذا الأساس نحن نقبل التحدي».
انتقل الحديث من السياسة إلى الاقتصاد ومنه إلى الشؤون المحلية والعسكرية، أورد خلاله رئيس الوزراء اليمني الذي يمارس مهامه منذ أبريل (نيسان) 2016 بأن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث طالب بوقف لإطلاق النار قابله طلب من الحكومة اليمنية أن يكون ذلك بعد تنفيذ الحوثيين الإجراءات الأمنية التي تسبق السياسية، معتبرا أن المبعوث أخطأ وأصاب في بعض أفكاره التي طرحها منذ توليه مهامه في مارس (آذار) الماضي. وفيما يلي نص الحوار

> هل ستقدمون مزيداً من التنازلات مقابل إنجاح المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة؟
- دعني أولاً أوجه الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً لمواقفهم الأخوية الصادقة تجاه شعبنا اليمني في صراعه مع الحوثيين المدعومين إيرانياً، ودعني ثانياً أؤكد وقد ارتفعت بعض الأصوات النشاز وأساء البعض حقه في التعبير. تقديرنا العالي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قائد عاصفة الحزم والعزم، ودعمنا لمواقفه، وتأكيدنا المطلق لكل خطوة يقدم عليها لمصلحة اليمن والمملكة العربية السعودية وتحية تقدير لولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان
ورداً على سؤالكم، نحن ذاهبون للمشاورات مع الحوثيين، وتحت إشراف الأمم المتحدة، وسنسعى للسلام لأنه الأمل الذي ينشده اليمنيون، سنسعى للسلام إذا قبل الحوثيون مرجعياته، الثلاث، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي أساسها القرار 2216. من عليه تقديم التنازلات هو المعتدي على الدولة وعلى الشرعية المنتخبة، من قتل ودمر وعاث فساداً في اليمن.
> هناك من يقول إن الشرعية ستفقد مقاعد كثيرة ومناصب في الحكومة إذا ما تم إنجاح أي حل أو تسوية، ولذلك يتهمون الحكومة بأنها ليست حريصة على إنجاز التسوية حتى لا تفقد تلك المزايا والمناصب. بماذا تردون على ذلك؟
- ينسحبون، ويسلمون الأسلحة لجهة محايدة، وبعدها بيننا وبينهم صندوق الاقتراع، الشعب هو الحكم بعد ذلك، سنحتكم لنتائج الاقتراع على هذا الأساس نحن نقبل التحدي، في الواقع هم يدركون، أي الحوثيين، أنهم الخاسر إذا ما عدنا إلى الشعب، هم يدركون أن خرافة الحق الإلهي سوف تسقط، لقد سقطت خرافة التميز منذ أمد طويل، سقطت لدى أتباع المذهب الزيدي قبل غيرهم من أتباع المذاهب الأخرى في اليمن، لم يعد أهلنا في اليمن يقبلون العبودية في أي صورة كانت، لهذا استخدموا القوة والعنف والسلاح للوصول للسلطة تدعمهم في ذلك إيران. المناصب ليست من طموحنا ولهذا حرصنا على السلام وفق مرجعياته هو حرصنا على اليمن.
> هل انتهت أعمال اللجنة التي تترأسونها بتوجيه رئيس الجمهورية حول التعاطي مع الأفكار الأممية؟ أم أنكم ستقودون وفد الحكومة إلى المشاورات أو المحادثات المقبلة؟
- نعم، وقد سلمنا المهمة بعد إنجاز رؤيتنا للخروج من هذه الأزمة إلى وفدٍ رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية. الأستاذ خالد اليماني، وهو وفد يمثل معظم القوى السياسية التي تؤيد الشرعية، وكنا قبل ذلك قد بسطنا رؤيتنا للمبعوث الأممي وقدمناها مكتوبة، وهي رؤية تحترم الإرادة الوطنية، والمصالح العليا للشعب، وتلتزم أمن المنطقة وأمن دولها وشعوبها.
> ما أبرز النقاط التي لفتت انتباهكم في الأفكار الشاملة التي قدمها المبعوث الأممي، وهل ناقشتم ذلك معه في الاجتماعات الأخيرة؟
- المبعوث الدولي حاول تقديم أفكار، رأى فيها قواسم مشتركة فيما تقدم به من موضوعات، أصاب في بعضها وأخطأ في بعضها الآخر، نحن نقدر جهده المتواصل في البحث عن حلول، لكن عملية السلام في اليمن مسألة معقدة والوصول إليها يبدأ بتمثل المرجعيات وينتهي بها. كان يريد حلاً جزئياً في الحديدة، وقد أخبرناه أن الحلول الجزئية إن لم ترتبط وتؤسس لحلول دائمة وشاملة وعادلة للأزمة لن يكتب لها النجاح، وكان يريد وقفاً لإطلاق النار، وقد أخبرناه أننا لا نستطيع قبول ذلك ما لم يقبل الحوثيون إجراءات عسكرية وأمنية تسبق الحلول السياسية. أخبرناه أن هناك حاجة مثلاً لإجراءات لبناء الثقة كأن يطلق سراح المعتقلين، كل المعتقلين، لكن الحوثيين رفضوا.
> هل ستقبل الحكومة اليمنية أي مبادرة لهدنة ثامنة تترافق مع إجراءات بناء الثقة؟
- لقد منحنا الحوثيين فرصاً كثيرة، وهدناً كثيرة، كانوا دائماً يطلبون الهدنة وعندما كانوا يحصلون عليها، كانوا يستخدمونها لتعزيز مواقعهم في الجبهات، وفي الحصول على الأسلحة والذخائر. هذه العصابات العنصرية السلالية المتمردة لا تفهم غير القوة، هؤلاء يصعب الوثوق بهم، لا ذمة ولا أخلاق لهم. السلطة والتحكم في رقاب العباد وأرزاقهم هي دينهم، وهي نهجهم وأساس أخلاقهم.
> ماذا تعني لكم المرجعيات الثلاث للحل؟
- تعني الحل العادل والشامل والدائم، وتعني السلام القائم على احترام إرادة الشعب اليمني، وتعني السلام في المنطقة، كما تعني احترام المواثيق والقوانين الدولية والمعاهدات التي تحترم حق الشعوب في اختيار طريقها في الحكم. وأخيراً تعني المستقبل، المستقبل الذي يفصل في قضية جوهرية هي اختيار شكل ومضمون الدولة المتوافق عليها من قبل الأغلبية من المواطنين. وأعني هنا الدولة الاتحادية. المرجعيات هي القواعد الحاكمة لكل سلوك وموقف ينحاز للشعب اليمني، وفِي الأخير هي الإرادة الوطنية الجامعة.
> هناك انتقادات في وسائل التواصل الاجتماعي (وإن كان يتخللها حملات إعلامية) حول التوظيف والمجاملات داخل الحكومة الشرعية. فماذا كانت ردة فعلكم وماذا فعلت إزاء ما اكتشفتم أنه صحيح، وهل تتحققون من تلك الاتهامات التي تنشر باستمرار؟
- نحن شعب مارس الديمقراطية وضمن حق التعبير والرأي في العقود الماضية لكل أبنائه، وهذه قيم تسمح بالنقد، نقد أعمال الحكومة، وقرارات القيادة، وكثيراً ما أخذنا في الاعتبار الملاحظات النقدية التي كانت تصلنا عبر وسائل إعلامية كثيرة، لكن الديمقراطية وحق التعبير لا يستخدم دائماً في محله، لذلك رفضنا بعض الأطروحات النقدية، لم ندعِ يوماً الكمال، ولم نقل إن أعمالنا خالية من الخطأ، لكننا نعرف أن بعض الانتقادات تنضوي تحت حالة المكايدة السياسية، والصراع الحزبي المصاحب للحياة الديمقراطية، وفيما يتعلق بالتوظيفات في الخارج، نحن ندرس الوضع كله برمته، بعد أن غدا سبباً للخلافات الحزبية المستمرة، ودراستنا للوضع ستصحح في النهاية هذه الأخطاء.
علينا أن ندرك بأننا لا نستطيع ترك القوى السياسية، ورجال الفكر والإعلام الذين فروا من وجه الحوثيين دون اهتمام، دون مصدر دخل. وهذه الحكومة والكل يعرف ذلك. في الواقع لم تؤسس لجديد فيما يتعلق بصرف مرتبات في الخارج، نحن وجدنا أمامنا لائحة عُمِل بها خلال سنة ونصف، ولم نتجاوزها من حيث ما كان مخصصاً لمستويات الوظيفة العامة.
ومع ذلك هناك أصوات نقدية كثيرة بعضها موضوعي يطلب التصحيح، وحتى الخفض، وهو محق، وبعضها يبالغ فيطلب إلغاء اللائحة وسلم المرتبات كلية في الخارج، والسؤال هو كيف سيعيش زملاؤهم في الخارج إن لم يجدوا ما يكفي احتياجاتهم وأسرهم للعيش بكرامة، ولتعليم الأبناء وللعلاج. خاصة وعدن لم تفتح ذراعيها للجميع، لم ترحب بالجميع، مع ذلك أنا أرى أن الأيام القادمة ربما فرضت على هذه الحكومة أو الحكومة القادمة مراجعة هذه الفوارق في المرتبات. والالتزام بهيكل مرتبات واحد. المسألة مسألة وقت، فسلم المرتبات هذا سيسقط بمجرد تحقيق السلام، وسنعود جميعاً لسلم مرتبات واحد.
> كيف تقيمون وضع المناطق المحررة في الفترة الأخيرة. وهل هي برأيكم أفضل من السنوات الماضية؟
- أستطيع أن أقيم الفترة التي تولت هذه الحكومة أمر البلاد فيها جئنا بعد تشكيل الحكومة في أبريل (نيسان) 2016، وكانت العاصمة دون كهرباء والماء يكاد ينقطع عن معظم أحيائها، والقمامة تملأ الشوارع، والمستشفيات شبه خاوية وبعضها خالٍ تماماً من الأدوية، والأطباء والممرضون في البيوت ما عدا المستشفيات الخاصة. فأعدنا بعض النجاح، وإن لم نصل إلى كل ما كنا نطمح إليه، وجئنا عدن، والكوليرا تقضي على حياة بعض الناس وحاربناها، حتى غدت من الماضي.
وتشكلت الحكومة و«القاعدة» تسيطر على محافظات بأسرها كمحافظة أبين، وأجزاء من حضرموت، وشبوة، وكانت الفوضى عارمة، حررنا أبين من القاعدة، وطاردناهم في المحافظات الأخرى، وفرضنا الأمن... في كل مديرية ومركز.
جئنا وسكان المناطق المحررة دون مرتبات مدنية وعسكرية، ووفرنا المرتبات للمدنيين والعسكريين، نحن نصرف مرتبات الآن لمائة ألف من المدنيين، وأكثر من أربعمائة ألف من العسكريين، وهذه أرقام تقريبية، تشمل هذه الأرقام كل من كانوا في جيش الجنوب سابقا وداخليته وأمنه والمتقاعدين، والمقاومة التي بلغ عدد المنتسبين إليها خمسون ألف جندي وضابط، مضافاً إليهم ألوية الجيش الوطني التي تنضوي في سبع مناطق عسكرية، وجبهات قتال كثيرة.
وأنجزنا مشروعات عملاقة لم تعرفها اليمن في عهد استقرارها، في الاتصالات في عدن والكهرباء في حضرموت، وشققنا وأصلحنا طرقات كادت أن تدمر، وأنجزنا مشروعات في معظم المحافظات بنسب متفاوتة من حيث حجمها وتكلفتها. على هذا الأساس الوضع الآن أفضل مما كان عليه عندما تشكلت هذه الحكومة.
كما أعدنا إعمار مؤسسات الدولة التي ما كان في الإمكان العمل من دونها، في القضاء، والنيابة، واستعدنا مؤسسات أمنية وشرطية كانت في علم الغيب بعد سقوط الدولة.
لا شك أننا ندين للمملكة بالجميل للمساعدة التي كنا نتلقاها ولازلنا نتلقاها، على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والمعنوية. لكن فضل المملكة يتعدى ذاك إلى ما هو أهم وهو قيادة المملكة لعاصفة الحزم وقيادة التحالف العربي ضد الحوثيين وإيران في اليمن، هذه وحدها مساعدة استراتيجية أخوية كبيرة لا تقدر بثمن. كما ندين بالجميل للأشقاء في الإمارات ودول الخليج الأخرى كذلك.
> لاحظنا حديثا، كثيراً من التصريحات الصادرة من وزراء ومسؤولين في الشرعية تنتقد أداء المنظمات الإغاثية الدولية. فكيف تقيم أداء المنظمات، وما هي ملاحظاتكم في الحكومة حولها.
- نعم كثيراً ما وجهنا الشكوى لمسؤولي الأمم المتحدة حول مكاتبهم العاملة في اليمن، كان هناك تمييز في المعاملة، فبينما أسست كل منظمات الأمم المتحدة مكاتب لها في صنعاء، ترددت في أن تنشئ لها مكاتب في عدن العاصمة، ومع غياب هذه المنظمات عن المناطق المحررة غابت خدمات الأمم المتحدة الإغاثية والإنسانية، أو كانت في مستوى أدنى، بعض مسؤولي هذه المنظمات أبدوا انحيازاً للمعتدين الحوثيين. لكن معظم هذه المنظمات غيرت منذ بداية العام الماضي من خططها، ووجدت في المناطق المحررة وإن كانت بنِسَب مختلفة وبأحجام ومهام أقل أو أكثر وقامت بأعمال إنسانية جليلة، وجهودها وأعمالها تتحسن شيئاً فشيئاً.
نحن لا نطلب من هذه المنظمات سوى العدالة، العدالة في توزيع المساعدات، ولا نطلب غير المرونة ذاتها التي تُمارس بها عملها في المناطق الخاضعة للحوثيين ولا نطلب منهم غير كلمة الحق والحيادية.
> هل تم التحرك لتحفيز الوكالات الإغاثية لتحسين أدائها في مختلف المحافظات اليمنية؟
- باختصار نعم، تعاوننا مع من طلبوا خدمات الحكومة، وتعاوننا في تحقيق أمن موظفي الأمم المتحدة، بل اعتبرنا أمنهم مسؤولية قصوى، ولهذا لم يتعرض أي منهم لأي أذى، وقد سجعهم ذلك على العمل والتواجد في عدن وبقية المحافظات المحررة. تحركوا بحرية وقد وفرنا من جانبنا كل ما كانوا يحتاجونه.
> كيف ترون المشكلات التي ترافق محافظة تعز المحاصرة. وهل هناك تحرك لحسم الاشتباكات الداخلية والتركيز على توحيد الصفوف ضد الميليشيات؟
- تعز محافظة قاومت الانقلاب، ورفضت الخنوع والخضوع للباطل أو القبول بالأكاذيب والخرافات، ولهذا دفعت ثمناً غالياً لتحافظ على نفسها بعيداً عن العصابات الحوثية، صمدت في وجه الانقلاب، وقدمت في سبيل حريتها وما زالت الكثير من أبنائها، تعز تشبه في صمودها مدينة ستالينجراد التي صمدت في وجه النازيين، تعز سوف تجترح معجزة في الصمود والتضحية في الأيام القادمة، ومرحلة النصر الكبير على الحوثيين ستبدأ من تعز.
وفيما يخص الاشتباكات بين فصائلها العسكرية الآن التي لا مبرر لها، حاولنا قدر المستطاع وقفها، وتجنيب أهلها ويلات الاحتراب الداخلي بين أبنائها، وأعتقد أن التعزيين، القادة منهم والشباب سوف ينتصرون في النهاية على خلافاتهم. هناك عبرة من كل حدث، وهي عندما تتوقف الجبهات عن التقدم نحو العدو، يتحول الجمود إلى خلافات بين القوى والمكونات. وصراع داخلي ليس له ما يبرره وهذا ما حدث ويحدث الآن في تعز. يجب على جميع القوى احترام السلطات المحلية، فهي الممثلة للسلطة الشرعية، للرئيس وللحكومة، وعدم الالتزام للمحافظ والتمرد على أوامره يخلق الأسباب للخلاف والصراع. وفي النهاية على الجميع إبداء الحرص الشديد على حياة المواطنين وممتلكاتهم.
> كيف تصفون أداء الحكومة الشرعية في مختلف المناطق المحررة. وما أبرز التحديات التي تواجهها؟
- في إجاباتي السابقة ما يكفي للرد على الجزء الأول من هذا السؤال، لكنني هنا سأشير إلى جزئية التحديات. في الواقع كل ما يجري في اليمن هو شكل من أشكال التحديات التي تواجه الشعوب، نحن شعب تمكنت منه عصابات متمردة مجرمة، هذا وحده تحدٍ كبير، وقد تمكنا من مواجهة هذا التحدي كشعب وسلطة ولنا سيطرة على نحو 80 في المائة من الأرض، وهذه المساحة الكبيرة تحتاج إلى إرادة وقوة وقدرة للسيطرة عليها. سنصل إلى هدفنا المشترك في التحالف العربي ولن يثنينا عن هزيمة هذه العنصرية السلالية لدى الحوثيين، وهذه النزعة التسلطية لدى الإيرانيين.
أبرز التحديات في المحافظات المحررة هو الوضع الأمني، نحن في الوقت الذي نواجه فيه الحوثيين نخوض حرباً ضد القاعدة و«داعش»، والعصابات الإجرامية التي تمارس أعمال النهب والسطو وقطع الطرق. المسألة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة هي أولوية، ثم توفير الخدمات والمرتبات. وقد نجحنا قياساً بما لدينا من إمكانيات محدودة، ورغم المعارضة الشديدة، والتحريض الممول مالياً وعسكرياً وفي ظل غياب استراتيجيات توجه عملنا المشترك.
هناك صراع في المحافظات المحررة بين من يريدون استعادة الدولة، بنظمها وقوانينها وسلطتها وهيبتها. ومن يعملون خلاف ذلك لمصالح خاصة، وهذا وحدة تحدٍ كبير، لكننا نعول كثيراً على وعي المواطنين، وعلى الأصوات العاقلة، وعلى الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية.
> في الجانب الاقتصادي، ماذا فعلت الحكومة اليمنية لتحافظ على استقرار العملة؟
- يتعرض الريال اليمني لمؤامرة لعب لها طرفان، الحوثيون الذين ضخوا نحو مائتي مليار ريال يمني في الأيام القليلة الماضية، هذه الأموال كانوا قد استولوا عليها من البنك المركزي عندما اجتاحوا صنعاء، وبعضها من فائض نشاط الشركات والبنوك، والضرائب والجبايات التي يجنوها من الناس بقوة السلاح والطرف الآخر هم ممن يضاربون بالعملة في السوق أحيانا لأطراف مشبوهة.
لقد اتخذنا جملة من الإجراءات العامة، كان من نتائجها في اليومين الماضيين تراجع قيمة الدولار من 670 ريالا إلى 580 وهذا يعني تحسناً ملموساً في سعر الريال اليمني، وأعتقد أنه سيتحسن أكثر في الأيام المقبلة. اتخذنا إجراءات مهمة وعبر آليات متعددة كمنع استيراد الكماليات مؤقتاً، وإغلاق شركات الصرافة غير المرخصة، وسنعمل على تحسين وزيادة إنتاج النفط والغاز، وتطوير موارد مهمة كالضرائب والجمارك، وملاحقة التهريب والمهربين. وغيرها من الإجراءات التي تعيد للريال قيمته التي افتقدها في الساعات الماضية.
لكن الإجراء الأكثر تأثيراً على قيمة الريال كان بسبب القرار الحكيم والكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين برفد البنك المركزي اليمني بملياري دولار أميركي في الأشهر الماضية.
> ما أبرز الجوانب التي تركز عليها الحكومة في برنامج الإعمار؟ وكيف ترون بداية البرنامج؟
- لدينا أولويات في هذه المرحلة، وهي مرحلة ما زال القتال فيها مستمراً مع الحوثيين، الصحة والتربية والطرقات والكهرباء والماء والنظافة والاتصالات. يساهم أشقاؤنا في المملكة في معظمها إما بالبناء وإما بالإعمار أو بالترميم أو بالصيانة. المملكة تقوم بدعم وإسناد أعمال البناء وإعادة البناء، وهو برنامج ناجح يقوم على رعايته سفير المملكة لدى اليمن د. محمد سعيد آل جابر. وهذه جهود تضاف إلى الجهود الطيبة التي قام بها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية برئاسة الدكتور عبد الله الربيعة.
> ما أبرز المشاريع التي تساعد اليمن في تحسين مداخيله المالية، وماذا فعلتم لتحفيزها؟
- النفط والغاز هما المصدران الرئيسيان للدخل وللموارد، وهما الآن متوقفان بسبب الحرب التي أشعلها الحوثيون ضد الشرعية والدولة، وباستثناء تصدير ثلاثين ألف برميل يومياً من حقول المسيلة بحضرموت، فإن 75 في المائة تقريباً من موارد البلاد معطلة، في عام 2013 بلغت إيرادات الدولة 10 مليارات دولار، بينما هي في العام الماضي أقل من مليار دولار. نلام كثيراً على التقصير والحق في لومنا للذين قدموا لنا المساعدة وكانوا إلى جانب شعبنا.
لقد انهارت الدولة في عام 2014، وانهارت معها جميع المؤسسات الإيرادية، وكانت موازنة الحكومة في العام الأول من الحرب صفر. لقد استعدنا الآن بعض الموارد، ونتوقع إيرادات قد تبلغ تريليون ريال يمني، (ملياري دولار تقريباً) هذا العام وجهنا بصرفها على الرواتب، وبعض النفقات التشغيلية، وبعض مشروعات خدمية في المناطق المحررة، ويستفيد منها أكثر من نصف سكان البلاد. وبعض السكان في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين. نحن نعمل الآن لتحفيز مصادر الإيرادات بصورة عامة، نفطاً وغازاً وجمارك وضرائب. وإذا تُرك للحكومة إدارة المناطق المحررة دون تدخل وتشجيع على التمرد فإن الوضع سيكون أفضل في الأيام القادمة. ما يجري الآن في المناطق المحررة للأسف الشديد يجري بفعل فاعل.
> هل ستقتحم القوات اليمنية مدينة الحديدة إذا فشلت المشاورات؟ وهل حددتم وقتا لذلك؟
- ما أستطيع قوله الآن بعيد عن القرار العسكري هو أن قرارنا الوطني المدعوم عربياً بالتحالف العربي بقيادة المملكة، ودولياً بقرارات مجلس الأمن هو في تحرير كل مناطق اليمن من سلطة الحوثيين، ومن النفوذ الإيراني في اليمن. هذه استراتيجيتنا، ونحن نمضي في تنفيذها ولا نلوي على شيء. وبالقدر الذي نمضي فيه نحو السلام، نقول للحوثيين لن تجنوا من أعمالكم الإجرامية واعتداءكم على شعبنا سوى الهزيمة في الحديدة وفِي كل اليمن.
> هناك من يسأل عن جبهات نهم وصرواح... ولماذا لم يتم الانتهاء منها حتى اللحظة؟
- لا يمنعنا من اقتحام صرواح في مأرب سوى احتفاظ الحوثيين بالمدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ كدروع بشرية يحتمون بها، نحن سلطة شرعية منتخبة من الشعب، وحرصنا على أهلنا يجعلنا نؤجل بعض المعارك الصغيرة التي لا تقدم ولا تؤخر في خطة التحرير الشاملة.
> هل تؤمنون بأن الحل العسكري أكثر نجاعة في ظل التشاؤم الملم بالمشاورات السياسية؟
- نحن نسعى لحل سياسي للأزمة في اليمن عماده المرجعيات الثلاث، وهدفه الاستقرار والأمن لنا وللأشقاء جميعاً، هذه حرب فرضت علينا، سببها واضح وهو اعتداء الحوثيين على الدولة وعلى الشرعية وعلى الشعب اليمني الذي فوض هذه الشرعية، ومنحها شرعيتها، لقد دمَّر الحوثيون بلادنا وإمكانياتنا، وقتلوا الآلاف من أبناء شعبنا. هذه حرب الضرورة ليس فقط بالنسبة لنا ولكنها لأشقائنا في المملكة ودول الخليج العربي، والدول العربية قاطبة، لقد استشعر العرب جميعاً خطورة الموقف في اليمن، والتدخل الإيراني السافر في بلدنا وهذا هو السر وراء التحالف العربي وراء الصحوة العربية بقيادة المملكة وبمساهمة فعالة من الأشقاء في الإمارات العربية المتحدة وباقي دول الخليج والسودان ومصر وغيرها من البلدان العربية.
> ماذا يعني لكم المواطن اليمني في مناطق سيطرة الميليشيات؟ وهل تتواصل وتتلقون اتصالات ورسائل من المواطنين هناك؟ وما أبرز موقف أو رسالة أو اتصال كان له وقع على قلبكم؟
- اليمني أينما وجد هو اليمني بالنسبة لي ولغيري من قادة الشرعية ورجالها، نحن نعيش مأساة أهلنا في المناطق المحررة، ونعيش أوجاعهم، لقد بلغت حالتهم من السوء كما لم تكن في أي يوم من الأيام، لقد تسبب الحوثيون لهم بركام هائل من الأذى والجوع والمرض والدماء والدمار، لديهم هوس وجنون السلطة والتسلط على رقاب أهلنا في المناطق التي يحتلونها، ولكننا نقول لهم لقد خسر أجدادكم مرات ومرات معاركهم مع اليمنيين، وستخسرون هذه المعركة، الحوثيون الفرس جسم غريب في اليمن، وستلفظه اليمن والمنطقة عاجلاً أم آجلاً لغرابته وشذوذه.
أما عن تواصلنا مع أهلنا مستمر ولَم ينقطع وعبر كثير من الوسائل نحن نرسل المرتبات للآلاف من القضاة، والمعلمين، ونرسل المساعدات للآلاف من المعتقلين في سجون الحوثيين، للأسف يمارس الانقلابيون القمع تجاه الناس هناك.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يعلن إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين

الولايات المتحدة​ أرشيفية لإطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (ا.ب)

الجيش الأميركي يعلن إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين

قالت القيادة المركزية الأميركية، إن سفينة تابعة للتحالف تصدت لصاروخ مضاد للسفن أشار بيان القيادة أن الحوثيين أطلقوه فوق خليج عدن من مناطق سيطرتهم في اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)

فريق تقييم الحوادث في اليمن: نتعامل بجدية مع الادعاءات كافة

أكد المستشار منصور المنصور، المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن، أن الفريق مستمر في تلقي الادعاءات حتى في ظل عدم وجود أي عمليات جوية في اليمن، ويأخذ على…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي عدد من سيارات الإسعاف المقدمة من الصين للقطاع الصحي في حضرموت شرق اليمن (سبأ)

مركز الملك سلمان للإغاثة يقدم مساعدات عاجلة لمتضرري السيول في حضرموت

بادر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى تقديم المساعدات العاجلة للمتضررين من السيول والأمطار، الناتجة عن المنخفض الجوي الأخير.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي مساعدات غذائية مقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID) بالتعاون مع اليونيسيف (الأمم المتحدة)

واشنطن توقع اتفاقية لدعم اليمن تنموياً لخمس سنوات

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية توقيع اتفاقية مساعدة لليمن في المجالات التنموية وتوفير احتياجاته الفورية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من زيارة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك لمدينة الشحر ضمن زيارته لمحافظة حضرموت (الحكومة اليمنية)

لماذا يثير وجود الحكومة اليمنية في الداخل قلق الحوثيين؟

ضمن سلسلة جولات عديدة، زار رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك بشكل مفاجئ مؤسسة الكهرباء بمديرية المنصورة في عدن قبل يومين، وفي التوقيت نفسه كان رئيس…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون: نفذنا 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون: نفذنا 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

أعلن الحوثيون، المدعومون من إيران، مساء اليوم (الأربعاء)، تنفيذ 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي، استهدفت سفينة ومدمرة حربية أميركيتين، وسفينة إسرائيلية.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة للحوثيين العميد يحيى سريع إن القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية - الحوثية - نفذت عملية عسكرية استهدفتْ سفينة «ميرسك يورك تاون» الأميركية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة وكانت الإصابة دقيقة.

وأوضح سريع أن سلاح الجو المسير نفذ عمليتين عسكريتين استهدفتْ إحداهما مدمرة حربية أميركية في خليج عدن بعدد من الطائرات المسيرة واستهدفت العملية الأخرى سفينة «إم إس سي فيراكروز» الإسرائيلية في المحيط الهندي بعدد من الطائرات المسيرة، وقدْ حققت العمليتان أهدافهما بنجاح، وفقاً للبيان.


العليمي يدعو غروندبرغ للتركيز على أفعال الحوثيين لا أقوالهم

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)
TT

العليمي يدعو غروندبرغ للتركيز على أفعال الحوثيين لا أقوالهم

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)

في حين يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مساعيه من أجل إحراز تقدم لإنجاز خريطة السلام في اليمن وخفض التصعيد، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى التركيز على أفعال الحوثيين لا أقوالهم، في إشارة إلى عدم جديتهم لطي صفحة الصراع.

جاء ذلك في وقت أبلغت فيه، هيئتان بريطانيتان، الأربعاء، عن هجوم على سفينة شحن غرب عدن، دون وقوع أضرار، حيث يشن الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقالت شركة «أمبري» للأمن البحري إنها على دراية بحدوث واقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة عدن اليمنية، في حين أفادت هيئة العمليات البريطانية عن وقوع الهجوم على بعد 72 ميلاً من ميناء جيبوتي، حيث دوى انفجار بالقرب من سفينة شحن وأبلغ القبطان بعدم وجود أضرار.

وإذ يؤمل المبعوث الأممي غروندبرغ أن تقود مساعيه إلى فصل مسألة السلام اليمني عن الصراع في المنطقة، اختتم زيارة إلى الرياض التقى خلالها رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ووزير خارجيته، إضافة إلى لقاء جمعه مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، لبحث سبل إحراز تقدم في خريطة الطريق الأممية.

وأوضح آل جابر في تغريدة على منصة «إكس» أنه جرى خلال اللقاء مناقشة آخر المستجدات والجهود بشأن خريطة الطريق للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن، وأنه تم التأكيد على دعم السعودية لجهود المبعوث لتحقيق الأمن والسلام والتنمية في اليمن لرفع المعاناة عنه.

في السياق نفسه، أفاد الإعلام اليمني الرسمي بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي استمع من غروندبرغ خلال استقباله له في الرياض إلى إحاطة حول نتائج اتصالاته الأخيرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، والأولويات المطلوبة لإحياء مسار العملية السياسية، بما في ذلك النقاشات الجارية بشأن ضمانات وقف الميليشيات الحوثية لهجماتها الإرهابية على مختلف الجبهات، والاستماع لصوت العقل، وتغليب مصالح الشعب اليمني على أي مصالح أخرى.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد باسمه وأعضاء المجلس الرئاسي الذي يقوده والحكومة، الدعم الكامل لجهود السعودية، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، من أجل إحياء مسار السلام في بلاده، والتخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها الهجمات الإرهابية للميليشيات الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية بدعم من النظام الإيراني.

وطبقاً للوكالة، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس والحكومة، بالتعاطي الإيجابي مع الجهود الرامية كافة لإحلال السلام بموجب المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وخصوصاً القرار 2216 الذي يمثل خريطة طريق مثلى لتحقيق تطلعات جميع اليمنيين.

وجدد العليمي التأكيد على أهمية تركيز الوساطة الأممية على أفعال وليس أقوال من وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية» للتحقق من جديتها في التعاطي مع جهود السلام، بما في ذلك وقف تصعيدها الحربي، وهجماتها الإرهابية على المنشآت والأعيان المدنية.

تبنى الحوثيون مهاجمة نحو 100 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

كما دعا إلى وقف الجماعة الحوثية انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، وعسكرة الحياة الاجتماعية، والإفراج عن جميع المحتجزين، وإنهاء إجراءاتها الأحادية المدمرة للاقتصاد الوطني، والقيود المفروضة على حركة الأموال والسلع ومرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لها بالقوة.

وكان المبعوث الأممي قبيل زيارته إلى الرياض زار مسقط والتقى بمسؤولين عمانيين إلى جانب لقائه المتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام فليتة، حيث ناقشوا سبل إحراز تقدم في خريطة الطريق الأممية لليمن، وضرورة خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع.

تراجع الهجمات والضربات

شهدت الهجمات الحوثية البحرية في الآونة الأخيرة تراجعاً ملحوظاً، كما تراجعت في المقابل الضربات الغربية، التي تأمل واشنطن أن تكون أثرت على قدرات الجماعة العسكرية.

وتبنى زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطبة قبل أسبوع مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، تفند الحكومة اليمنية هذه السردية وتتهم الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وأُصيبت نحو 16 سفينة خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».


فريق تقييم الحوادث في اليمن: نتعامل بجدية مع الادعاءات كافة

المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)
المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)
TT

فريق تقييم الحوادث في اليمن: نتعامل بجدية مع الادعاءات كافة

المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)
المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)

أكد المستشار منصور المنصور، المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن، أن الفريق مستمر في تلقي الادعاءات حتى في ظل عدم وجود أي عمليات جوية في اليمن، ويأخذ على محمل الجد أي تقارير أو حالات تصل إليه من أي جهة.

ولفت المنصور خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، وفند فيه بعض الادعاءات الواردة، إلى أن مدة دراسة الحالات تختلف بحسب المعلومات المتوفرة للفريق وإمكانية التوصل لرأي قاطع بشأنها، معرباً في الوقت نفسه عن انفتاح فريق التقييم على مراجعة أي حالة ترد فيها معلومات جديدة حتى بعد سنوات.

وشدد المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن على أنهم ينطلقون على القاعدة القانونية التي تفيد بأن «الانتهاكات لا تسقط بالتقادم»، وأضاف قائلاً: «مهمتنا الرئيسية التحقيق بصورة موضوعية واستعراض النتائج، ونأخذ على محمل الجد جميع الادعاءات التي تصل إلينا».

في تقريره، أشار المنصور إلى رصد الفريق المشترك في التقرير الصادر من منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» في مارس (آذار) 2020، سقوط ثلاث ذخائر عام 2016 على (مركز الغيل الصحي) في مديرية (الغيل) بمحافظة (الجوف)؛ حيث كان الحوثيون يحتلون المركز ويستخدمونه مركزاً عسكرياً. الهجوم دمر المبنى جزئياً.

وبعد التحقق من الإجراءات كافة وتقصي الحقائق الحادثة المذكورة – بحسب المنصور – تبين وجود آثار أضرار داخل محيط (مركز الغيل الصحي) ولم يتمكن الفريق المشترك من تحديد أسبابها، كما اتضح عدم توافق وصف الهدف العسكري لقوات التحالف (تجمعات عناصر مقاتلة تابعة لميليشيا الحوثي المسلحة) في أرض فضاء، مع الوصف الوارد في الادعاء (مركز الغيل الصحي)، إلى جانب عدم توافق عدد الذخائر المستخدمة من قبل قوات التحالف (قنبلة واحدة) على الهدف العسكري، مع عدد الذخائر الواردة بالادعاء (ثلاث ذخائر).

ومن ثم، توصل الفريق المشترك إلى أن قوات التحالف لم تستهدف (مركز الغيل الصحي) بمديرية (الغيل) بمحافظة الجوف، كما ورد بالادعاء.

الحالة الثانية كانت ما ورد في تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، عن قيام طيران التحالف باستهداف منزلين بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة خلال عام 2017، نتج عن الاستهداف تدمير المنزلين ومقتل وإصابة عدد من الأشخاص، وتدمير سيارتين.

وبعد التحقق من جميع الأدلة الواردة توصل الفريق المشترك إلى أن قوات التحالف لم تستهدف المنزلين محل الادعاء في صعدة.

الحالة الأخيرة التي استعرضها المستشار المنصور كانت ما ورد للفريق المشترك عن إصابة رجل وطفلين نتيجة استهداف منزل سكني بمديرية الجراحي في الحديدة خلال عام 2021. ووفقاً للمتحدث، فإنه بعد البحث وتقصي الحقائق عن وقوع الحادثة، تبين للفريق المشترك أن قوات التحالف لم تنفذ أي مهام جوية على كامل محافظة الحديدة خلال تلك الفترة، وعدم مسؤولية قوات التحالف عن استهداف المنزل السكني محل الادعاء.


السيسي يحذر من التداعيات «الكارثية» لأي عملية عسكرية في رفح

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)
TT

السيسي يحذر من التداعيات «الكارثية» لأي عملية عسكرية في رفح

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)

حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء من أي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية بقطاع غزة.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أحمد فهمي إن هذا التحذير جاء في اتصال هاتفي بين السيسي ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، مشيرا إلى أن الرئيس المصري حذر مما وصفها بالتداعيات «الكارثية» على الوضع الإنساني لأي عملية عسكرية في رفح.

وأضاف المتحدث في البيان، الذي نشرته الرئاسة المصريةعلى فيسبوك، أن الرئيس شدد أيضا على ضرورة وقف الحرب الجارية في قطاع غزة، لافتا إلى أن أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية سيكون لها تداعيات كارثية على الوضع الإنساني في القطاع، وكذلك على السلم والأمن الإقليميين، «الأمر الذي يؤكد أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته لتنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة»، بحسب البيان.

وقال المتحدث إن الجانبين «توافقا على أهمية العمل بشكل عاجل للوصول إلى وقف لإطلاق النار، ولضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف إلى كافة مناطق قطاع غزة لحمايته من المأساة الإنسانية التي يتعرض لها، مع التشديد على ضرورة التحرك نحو إنفاذ حل الدولتين بما يسهم في استعادة الاستقرار الإقليمي وإرساء الأمن والسلام في المنطقة».

كان رئيس هيئة الاستعلامات المصريّة ضياء رشوان قال أمس الثلاثاء إن مصر لم تجر مطلقا أي مداولات مع إسرائيل حول خطط اجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، نافيا بشكل قاطع ما نشرته إحدى الصحف الأميركية من أن مصر تداولت مع إسرائيل حول خططها للاجتياح المزمع.

وأكد رشوان في بيان أن «الموقف المصري ثابت ومعلن عدة مرات من القيادة السياسية بالرفض التام لهذا الاجتياح»؛ وقال إن القيادة المصرية حذّرت من أن اجتياح رفح سيؤدي إلى «مذابح وخسائر بشرية فادحة وتدمير واسع».


«حماس» تنشر مقطعاً مصوراً لرهينة في قطاع غزة

جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تنشر مقطعاً مصوراً لرهينة في قطاع غزة

جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)

نشرت حركة «حماس»، اليوم الأربعاء، عبر قناتها الرسمية على «تلغرام»، مقطعاً مصوراً لرهينة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كانت حركة «حماس» شنت حينها هجوماً غير مسبوق داخل إسرائيل أدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

وخُطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بينهم 34 توفوا على الأرجح، وفق مسؤولين إسرائيليين.


البنك الدولي: تصاعد الصراع يفاقم التحديات الاقتصادية في اليمن والمنطقة

من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)
من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)
TT

البنك الدولي: تصاعد الصراع يفاقم التحديات الاقتصادية في اليمن والمنطقة

من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)
من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)

حذر البنك الدولي من أن يؤدي التوتر المتزايد في الشرق الأوسط إلى تفاقم التحديات الاقتصادية في بلدان المنطقة الهشة، والمتأثرة بالصراعات، مثل اليمن الذي يعاني بالفعل من صعوبات مالية، ونقدية كبيرة.

وأكد البنك في تقرير له عن الأوضاع في الشرق الأوسط أن تفاقم الصراع سيؤدي إلى زيادة في التنافس على المساعدات الخارجية المحدودة، والناتجة عن تداخل عدة أزمات متزامنة حول العالم، وقال إن هذه الأزمات قد تؤدي إلى تقليص المساعدات المقدمة إلى بلدان محددة تعاني من أوضاع هشة، والصراع والعنف، وتفاقم الأزمات المالية العامة.

اليمن مهدد بتفاقم الفقر والجوع بسبب نقص التمويل واستمرار الصراع وهجمات الحوثيين (الأمم المتحدة)

وأوضح أن آليات التكيف القاسية، ومنها إخراج الأطفال من المدارس، ودفعهم إلى العمل، وتزويجهم في سن مبكرة، وإلحاقهم بأعمال خطرة، تنتشر بالفعل في هذه البلدان، وقال إنه من المتوقع أن تزيد هذه الظواهر بصورة أكبر.

وتناول التقرير كيف أن برنامج الأغذية العالمي عندما واجه نقصاً في تمويل المساعدات الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن في عام 2020، زاد انعدام الأمن الغذائي على الفور بواقع 15 في المائة.

واستند إلى تقرير أصدره مؤخراً برنامج الأغذية العالمي توقع فيه حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة في اليمن بسبب هجمات الحوثيين على سفن الشحن بالبحر الأحمر.

ويعتمد 90 في المائة من سكان اليمن –وفق البنك الدولي- على الواردات لتلبية احتياجاتهم من المواد الغذائية الأساسية على المستوى المحلي، وهم معرضون بشدة للمخاطر، ونبّه البنك إلى أن الهجمات على السفن التي تسببت في اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر يمكن أن تؤدي إلى إطالة أوقات الشحن، وزيادة التكاليف بالنسبة للعديد من بلدان المنطقة.

تراجع حركة السفن

ذكر البنك الدولي في تقريره أنه وبعد مرور خمسة أشهر على اندلاع الصراع، لا تزال المنطقة تعاني درجة عالية من عدم اليقين، مما قد يؤدي إلى تفاقم أوجه الهشاشة القائمة في العديد من اقتصادات المنطقة. وذكر أنه، على سبيل المثال، في اقتصاد ذي أهمية إقليمية مثل مصر يمكن أن تتفاقم آثار أزمات ميزان المدفوعات إذا حدث تباطؤ أطول من المتوقع في حركة الملاحة البحرية عبر قناة السويس بسبب استهداف الحوثيين لسفن الشحن في البحر الأحمر، وأكد أن ذلك أثر سلباً بالفعل على الموازنة العامة، وحساب المعاملات الخارجية للدولة المصرية.

صيادون يمنيون في ساحل مدينة الخوخة جنوب الحديدة (أ.ف.ب)

وأكد التقرير أن السياحة، كعنصر حيوي آخر للاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، تأثرت بشكل كبير بعدم الاستقرار الذي شهدته المنطقة مؤخراً، مما أدى إلى إضعاف وليس إيقاف الانتعاش القوي الذي كان قد بدأ بعد الجائحة.

وذكر أنه وفق البيانات الأولية، فإن اندلاع الصراع في عام 2023 أدى إلى انكماش السياحة الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط، أو شمال أفريقيا في نهاية العام، وبالتالي إبطاء وتيرة النمو القوي في التعافي عقب انحسار جائحة كورونا.

ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، كانت المنطقة هي الأولى التي عادت إليها حركة السياحة التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا بحلول أوائل عام 2023، وظلت في طليعة انتعاش السياحة العالمية على الرغم من الصراع في غزة.

واختتم عام 2023 –بحسب المنظمة- بارتفاع عدد السائحين الوافدين بنسبة 22 في المائة عن مستويات ما قبل الجائحة. وكان من المرجح أن تنهي المنطقة العام بمعدلات نمو سياحي أقوى لو لم يؤد الصراع إلى إلغاء حجوزات نهاية العام.

وطبقاً لما جاء في التقرير، فإنه إذا زاد عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة، فقد تتأثر أسواق النفط، ورأس المال، وقد تتراجع رغبة المستثمرين الأجانب في إقراض بلدانها، وقال إن حجم التأثيرات الإقليمية للصراع على المنطقة سيتوقف إلى حد كبير على مدة الصراع، وما إذا كان سيتسع.

تأثر اقتصادات المنطقة

في سيناريو اتساع نطاق الأعمال العدائية، يذكر البنك الدولي أنه يمكن أن تتأثر اقتصادات الشرق الأوسط من خلال بعض القنوات، مثل السلع الأولية، لا سيما الطاقة؛ والتجارة في السلع والخدمات؛ وتحويل الاستثمارات؛ والتضخم؛ وانخفاض قيمة العملة، «وهي أمور من شأنها هي وغيرها» رفع تكلفة الديون وإعادة التمويل.

ورجح البنك الدولي أن تتأثر نسبياً العديد من اقتصادات المنطقة، مثل الجزائر وليبيا ودول مجلس التعاون الخليجي والمغرب، بالصراع، لأن روابطها الاقتصادية مع فلسطين أو إسرائيل محدودة، غير أنه نبه إلى أن هذه الاقتصادات قد تتعرض لصدمات في أسعار السلع الأولية، واحتمال اشتداد التوترات الداخلية، وقال إنه من غير المرجح أن يحدث أي من ذلك إذا تم احتواء الصراع.

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بخدمة أجندة إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وبين البنك الدولي أن العلاقات التجارية المباشرة للمغرب مع إسرائيل محدودة للغاية، كما أن ليبيا والجزائر تحافظان على نفس المسافة الاقتصادية، وقال إنه ومع ذلك، من المحتمل أن تعاني هذه البلدان من بعض الآثار غير المباشرة المترتبة على الصدمات التجارية المتعلقة بأزمة قناة السويس، نتيجة تراجع حركة السفن بسبب هجمات الحوثيين في جنوب البحر الأحمر، وخليج عدن، أو احتمال تحويل مسار المعونات الدولية، وهي مصدر حيوي للتمويل لمواجهة العجز الهيكلي في حسابات المعاملات الخارجية، وحسابات المالية العامة.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن مجموعة أخرى من بلدان المنطقة، مثل سوريا وإيران والعراق ولبنان، معرضة للمخاطر الاقتصادية لأسباب جيوسياسية. فمنذ بداية الصراع كانت هناك غارات جوية مستهدفة على سوريا، بما في ذلك المطارات الرئيسية في البلاد، مما أدى إلى تدمير المدارج، وتعليق الرحلات الجوية، وتعطيل حركة السفر الجوي.

وقال البنك الدولي إنه يمكن أن يؤدي طول أمد الصراع إلى أضرار طويلة الأجل في البنية التحتية، وربما تعطيل سلاسل الإمداد، ورفع تكاليف الخدمات اللوجيستية، فضلاً عن تفاقم الضغوط التضخمية، وانخفاض قيمة العملة.


مصادر طبية: ألفا يمني ماتوا بالملاريا خلال شهرين

يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
TT

مصادر طبية: ألفا يمني ماتوا بالملاريا خلال شهرين

يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)

اتسعت رقعة تفشي وباء الملاريا في عدد من المحافظات اليمنية نتيجة عودة الأمطار الموسمية التي أدت لنشوء المستنقعات المائية، بالتزامن مع انتشار مخلّفات وأكوام القمامة، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بالفساد والإهمال ونهب مخصصات برامج المكافحة والحماية ضد المرض.

وكشفت مصادر بالقطاع الصحي الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن وقوع أكثر من 2250 حالة وفاة بالملاريا، بعد تلقي بلاغات عبر المكاتب والمرافق الصحية بمحافظات صنعاء والحديدة وإب وذمار وريمة وحجة والمحويت وعمران، على مدى الشهرين الماضيين، بتسجيل أكثر من 82 ألف إصابة.

اليمنيون يواجهون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي (أ.ف.ب)

وفي حين ذكرت المصادر أن غالبية الوفيات من الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل وكبار السن، أرجعت أسباب هذا التفشي إلى استمرار مصادرة ونهب الجماعة الحوثية مخصصات المركز الوطني لمكافحة الملاريا، وفروع ومكاتب عدة تابعة له ولمؤسسات رسمية وأهلية معنية بمكافحة المرض في المحافظات الخاضعة لسيطرتها منذ سنوات.

ولا يزال عدد من الأمراض الوبائية المدارية التي يتصدرها الملاريا، تشكل خطراً كارثياً حقيقياً يتهدد صحة وحياة اليمنيين، خصوصاً مع غزارة الأمطار الموسمية المصحوبة بتجمع المخلفات والمياه الراكدة واختلاطها بالصرف الصحي، ما يؤدي إلى تكاثر البعوض الناقل للعدوى بتلك المحافظات.

وتوقّع أطباء متخصصون في صنعاء، خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون الأرقام الحقيقية لحالات الإصابة بالملاريا أكثر من تلك الحالات المُبلَّغ عنها، نظراً لاعتمادها على تقارير الترصد الإلكتروني للإنذار المبكر للأوبئة، معبرين عن قلقهم حيال تصاعد حالات الإصابة بالملاريا في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية، التي تقتصر جهود مواجهتها للوباء على وسائل تقليدية.

مواجهة بوسائل بدائية

بينما تتبنى الجماعة الحوثية، من خلال قطاع الصحة الخاضع لسيطرتها، برامج مكافحة تعتمد على توزيع الناموسيات ببعض المناطق، يواجه غالبية السكان صعوبة في التوجه إلى المشافي والمراكز الصحية للفحص وتلقي العلاج في مرحلة مبكرة، إلى جانب استمرار عجز برنامج مكافحة الملاريا عن القيام بمهامه، نتيجة مصادرة ونهب مخصصاته.

وحذرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير سابق لها، من أن 65 في المائة من سكان اليمن (ما يقارب 19.5 مليون شخص) باتوا عرضة للإصابة بمرض الملاريا، في ظل توقف العمل بنصف المرافق الصحية، وعمل الباقي بشكل جزئي مع شح الأدوية الأساسية والمُعدات الطبية.

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، في وقت سابق أيضاً، إن الملاريا يواصل تأثيره على آلاف السكان اليمنيين، في ظل نظام صحي ضعيف جراء الحرب الدائرة بالبلاد، بعد قيامها بمعالجة أكثر من 10 آلاف مصاب بالمرض خلال عام 2017.

ويعدّ «الملاريا» مرضاً فتّاكاً تُسبّبه طفيليات تنتقل إلى البشر عبر لدغات بعوض الأنوفيلس الحاملة للعدوى، وتظهر أعراض المرض عادة بعد 10 - 15 يوماً من لدغة البعوض، وتشمل الحمى والصداع والقشعريرة، مع صعوبة التعرف عليه، وإذا لم يتلقَّ المصاب العلاج العاجل، فمن الممكن أن تتطور الحالة إلى مرض شديد يهدد الحياة.

سوء التغذية

أدت المعدلات المرتفعة لسوء التغذية في اليمن إلى زيادة خطر الإصابة بالملاريا بين الفئات الضعيفة، وخصوصاً الأطفال دون سن الخامسة، والنساء الحوامل، نتيجة انخفاض نظم المناعة لديهم، في حين تشير تقديرات أممية سابقة إلى أن أكثر من 21 مليون شخص يمني يعيشون في مناطق معرَّضة لخطر الإصابة بالملاريا، مع حدوث أكثر من مليون حالة ملاريا، كل عام.

وعبر تحديثات جديدة لها على «فيسبوك»، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن، ومنهم النازحون داخلياً والأطفال والنساء وكبار السن، والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، والأشخاص الذين يعانون أمراضاً نفسية، لا يزالون يواجهون عقبات فريدة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية في بلد يعاني فرصاً محدودة للحصول على تلك الخدمات وغيرها، بسبب الفقر واستمرار حدة الصراع.

يمنيون يكافحون البعوض بإحراق إطارات السيارات (فيسبوك)

وتوفر المنظمة، في هذه الأثناء، بالشراكة مع حكومة ألمانيا، الحماية من العدوى المكتسبة في المرافق الصحية، عبر توفير إمدادات المياه ومستلزمات الوقاية من العدوى ومكافحتها، كما تقوم بتزويد أكثر من 72 مرفقاً صحياً يمنياً بالمياه الصالحة للشرب، وتوفر لمرضى يمنيين الرعاية والحماية الكافيتين من مخاطر العدوى، إلى جانب الموظفين ومقدمي الرعاية.

وأطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أواخر فبراير (شباط) الماضي، حملة شاملة هدفت إلى الحد من انتشار الملاريا والحمى الفيروسية وحمى الضنك وعلاج الحالات المصابة بهما في عدد من المحافظات اليمنية المحرَّرة، خصوصاً محافظة الحديدة التي تعدّ إحدى أكثر المحافظات المنكوبة بالأوبئة الفيروسية.

ويستقبل المرفق الطبي، التابع للمركز، يومياً مئات الحالات من سكان حيس والخوخة ومن النازحين، ويقدم لهم خدمات طبية متنوعة، في حيتن تنفذ السلطات الصحية، التابعة للحكومة اليمنية في المديريات المحرَّرة من المحافظة، حملة موسعة لمكافحة البعوض الناقل للملاريا والحميات الفيروسية.


مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
TT

مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)

جدد انتشارٌ واسعٌ حققته حملةٌ لمقاطعة الأسماك في مصر تساؤلات حول جدوى حملات المقاطعة في خفض الأسعار، مع استمرار ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية، رغم التعهدات الحكومية بضبط الأسواق، وتوافر الدولار اللازم للاستيراد. وفيما أكد القائمون على الحملة ومتضامنون معها «نجاحها في جذب الكثيرين»، تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول شروط نجاح حملات المقاطعة وتأثيرها على الأسعار.

وقبل أيام انطلقت حملة لمقاطعة الأسماك من مدينة بورسعيد (شمال شرق مصر)، تحت عنوان «خليه يعفن»، وأكد مشاركون في الحملة انتقالها لمحافظات أخرى، وقال مؤسس الحملة سعيد الصباغ في اليوم الثالث للحملة (الثلاثاء) إن «الحملة قُوبلت باستجابة واسعة من المواطنين، وانتقلت إلى محافظات أخرى، منها السويس والإسماعيلية والإسكندرية والشرقية وبني سويف والدقهلية والغربية، وقام عدد من التجار بالفعل بتخفيض الأسعار نسبياً».

وأكد في تصريحات صحافية أن «سبب اختيار الأسماك لمقاطعتها، لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، كما أنها سريعة التلف مما سيساهم في نجاح الحملة».

وأعلن محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان تضامنه مع أهالي المحافظة، وتأييده لحملة المقاطعة، مؤكداً خلال جولة بالمحافظة، الاثنين، أنه «لن يدخل سوق السمك بالمدينة إلا بعد خفض الأسعار ونزولها لمستوى يجعلها في متناول المواطنين».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية أدت إلى موجة غلاء وارتفاع متواصل لأسعار معظم السلع، خصوصاً الأساسية، وتراهن الحكومة على المزيد من التدفقات الدولارية المرتقبة لتجاوز الأزمة.

وقفز التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 35.7 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، بعدما كان 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني)، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس (آذار) الماضي.

وحسب الجهاز «ارتفعت أسعار السلع على أساس شهري بنسبة 11.4 في المائة في فبراير، مقارنة بـ1.6 في المائة فقط في يناير، وقفزت أسعار المواد الغذائية 15.9 في المائة، مقارنة بـ1.4 في المائة في يناير».

وقلل الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس من تأثير حملات المقاطعة على خفض أسعار السلع بشكل عام، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون مقاطعة السمك فعالة بالوقت الراهن، لأنها سلعة سريعة العطب، لكن بعد ذلك، ستؤدي المقاطعة إلى خروج الكثير من التجار من السوق بسبب خسائرهم، وهو ما يعني عودة الأسعار إلى الارتفاع».

وحسب النحاس، فإن «مصر أصبحت تعاني مما يسمى (بوار السلع) بمعنى أن كثيراً من السلع لم تعد أسعارها في متناول معظم الناس، وهذا أدى إلى ركود تضخمي، حيث تكون السلعة متوافرة بالأسواق، لكنها فوق القدرة الشرائية لمعظم الناس، لذلك يكون تأثير حملات المقاطعة ضعيفاً».

وحققت حملة مقاطعة الأسماك انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وحرص الكثير من المشاركين على نشر صور لسوق السمك خالية من الزبائن للتأكيد على نجاح الحملة، وعلق حساب باسم «داليا أبو عمر» على منصة «إكس» قائلاً: «بورسعيد عاملة ملحمة والله ايه الحلاوة والعقل والنضج ده».

ودعا حساب باسم «أيمن عبدالسلام» إلى تفعيل الحملة في محافظات أخرى.

وتسابق مشاركون على منصة «إكس» بالإعلان عن انضمام محافظاتهم للحملة، وكتب حساب باسم «أحمد حافظ»: "اسكندراني اسكندراني... عندنا في سوق عمر باشا محطة مصر وسوق غيط العنب كرموز في ركود جامد في سوق السمك برغم قلة المعروض وفي أبو قير الستات بدأت المقاطعة في حلقة السمك زي محافظة بورسعيد، وسيدي بشر برضو في مقاطعة... خليها تعفن».

وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد حنفي الانتشار الواسع لحملة مقاطعة الأسماك إلى ما وصفه بـ«حالة المقاطعة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث في بورسعيد ليس حملة مقاطعة، لأن الحملة تكون أكثر تنظيماً وعلى مستوى وطني، لكنه حالة مقاطعة نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، وهذه الحالة يمكنها أن تتطور إلى حملة أكثر تنظيماً».

ورأى حنفي أن «حملات المقاطعة تكون فاعلة أكثر في السلع سريعة العطب أو التي لديها فترة صلاحية قصيرة، وهو ما حدث مع السمك»، مؤكداً أن «حملات المقاطعة المنظمة اجتماعياً يمكنها أن تؤدي إلى خفض أسعار السلع».

وتقول الحكومة المصرية إنها تتحرك مع المُصنعين والمُنتجين والتجار بهدف السيطرة على أسعار السلع الأساسية، واحتواء موجة الغلاء التي شهدتها البلاد على مدار الأشهر الماضية، كما قامت بتفعيل فرق عمل من مجلس الوزراء للتأكد من تطبيق خفض الأسعار بالسلاسل التجارية والسوبر ماركت للوقوف على حقيقة استجابة المصنعين والتجار لمبادرة خفض الأسعار.


مصر تحذِّر إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح

وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
TT

مصر تحذِّر إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح

وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)

دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، إسرائيل إلى «عدم اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح بقطاع غزة» التي لجأ إليها نحو 1.5 مليون فلسطيني فروا من الحرب الإسرائيلية. وأضاف شكري محذراً: «ينبغي أن تكون هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة في حال إقدام إسرائيل على هذه الخطوة، بما يعد رادعاً لها».

وتعهدت إسرائيل باقتحام رفح بهدف ملاحقة مقاتلي «حماس»؛ لكن العملية العسكرية المزمعة في البلدة الواقعة على الحدود المصرية أثارت قلقاً دولياً، بسبب وجود عدد ضخم من المدنيين.

وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، تكررت التحذيرات المصرية من اقتحام رفح الملاصقة للحدود المصرية. وقال شكري، في مؤتمر صحافي مع نظيره الآيرلندي مايكل مارتن الذي يزور القاهرة: «نترقب وندعو لعدم اتخاذ إسرائيل أي خطوات عسكرية في رفح... هذه أيضاً دعوة من الغالبية العظمى من أعضاء المجتمع الدولي، لإدراك الجميع أن الأعمال العسكرية في منطقة تكتظ بالسكان المدنيين، حوالي مليون ونصف مليون، يترتب عليها مزيد من الضحايا من المدنيين، ومزيد من المعاناة، ومزيد من المحاولات لتصفية القضية من خلال التهجير. لا بد من أن نتعدى مجرد المطالبة اللفظية بذلك، وإنما يكون واضحاً أن هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة».

وأكد شكري ضرورة تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة؛ مشيراً إلى أهمية العمل على إدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع؛ مضيفاً أن «قطاع غزة أصبح غير قابل للعيش جراء الحرب الإسرائيلية».

وزيرا خارجية مصر وآيرلندا يترأسان جلسة مشاورات موسعة بين وفدي البلدين (الخارجية المصرية)

وشدد الوزير المصري على أنه «لا بديل لحل الصراع سوى تنفيذ حل الدولتين»، متوقعاً تصويتاً واسع النطاق بالجمعية العامة للأمم المتحدة على الخطوة المقبلة للاعتراف بدولة فلسطين، عضواً كامل العضوية.

ولفت إلى أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى عدم توفر الإرادة الحقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية. وأعلن الوزير شكري رفض التهجير القسري للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، موضحاً أن معبر رفح -من الجهة المصرية- يعمل بصفة مستمرة منذ بداية الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دون توقف.

وأكد العمل مع الأمم المتحدة لتوفير أكبر قدر من المساعدات لقطاع غزة؛ مشيراً إلى أن تقرير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) دحض ادعاءات الاحتلال بتورط موظفيها في «أحداث 7 أكتوبر».

ولفت شكري إلى أن «أونروا» هي المنظمة الوحيدة القادرة على توزيع المساعدات بقطاع غزة، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في قرار تعليق تمويل وكالة «الأونروا».

بدوره، وجَّه وزير خارجية آيرلندا مايكل مارتن الشكر إلى مصر على المساعدات التي قدمتها لرعايا بلاده، من أجل تيسير خروجهم من قطاع غزة، معبراً عن مخاوف كبيرة بشأن الموقف في القطاع.

وكشف مارتن عن أنه سيزور معبر رفح لـ«بحث إزالة العراقيل التي تحول دون إيصال المساعدات»، مؤكداً مواصلة تقديم مزيد من الدعم للشعب الفلسطيني في قطاع غزة من خلال وكالة «أونروا».

وأشار إلى أن وكالة «أونروا» منظمة لا غنى عنها في عمليات إعادة الإعمار بقطاع غزة، عبر تقديم كثير من الخدمات، مثمناً الجهود المصرية بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً ضرورة الإفراج عن المحتجزين.

ولفت إلى أن «الاعتراف بدولة فلسطين خطوة في غاية الأهمية لدعم الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير، والوصول إلى حل الدولتين» معبراً عن «التطلع لمشاركة الجهود المصرية من أجل تعزيز خطة السلام، وتنفيذ حل مستدام قائم على حل الدولتين».


تقارير محلية ودولية تكشف استمرار الانتهاكات بحق أطفال اليمن

طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
TT

تقارير محلية ودولية تكشف استمرار الانتهاكات بحق أطفال اليمن

طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)
طفلة يمنية بين مجموعة نساء ينتظرن الحصول على مساعدات غذائية (إ.ب.أ)

بينما كشفت منظمة دولية عن مقتل وإصابة عشرات الأطفال اليمنيين بالألغام والذخائر المتفجرة خلال العام الحالي، تحدث تقرير محلي عن وقوع مئات الأطفال ضحايا انتهاكات شملت الجرائم الست الجسيمة ضد الأطفال خلال العامين الماضيين، وأسفرت عن وقوع قتلى وجرحى ومشوهين وتجنيد واستغلال جنسي واختطاف.

وقالت منظمة «حماية الطفولة» إن 28 طفلاً يمنياً قتلوا وأصيبوا في حوادث ألغام وذخائر متفجرة منذ بداية العام الحالي، كان آخرها الأسبوع الماضي الذي قتل فيه طفل في محافظة مأرب (شرق العاصمة صنعاء)، وإصابة أربعة آخرين في الحديدة (غرب البلاد) والضالع (وسط)، داعية إلى حماية أطفال اليمن، وتوفير مستقبل أكثر أماناً لهم.

وذكرت المنظمة في تحليل بيانات لها حول مراقبة الأثر المدني والدراسات الاستقصائية للألغام والذخائر المتفجرة أن ارتفاعاً مقلقاً في الضحايا من الأطفال بسبب الذخائر المتفجرة في اليمن حدث ما بين يناير (كانون الأول) 2018 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2022، محذرة من الأثر المؤلم الذي تركته 8 سنوات من الحرب، إلى جانب عقود من الصراع التاريخي في اليمن.

خطر الألغام يحاصر الأطفال اليمنيين وشهد العام الحالي مقتل وإصابة 28 منهم وفق تقارير دولية (مسام)

من جهته كشف التحالف اليمني لرصد الانتهاكات عن حدوث 127 واقعة انتهاك، شملت الجرائم الست الجسيمة ضد الأطفال، تعرض لها 157 ضحية بينهم 26 فتاة، بجانب قتلى ومشوهين، ومجندين، وضحايا عنف جنسي، ومختطفين، في تقرير لا يعكس عنف وبشاعة تلك الانتهاكات بصورة شاملة، بل يكتفي باستعراض الحالات التي استطاع توثيقها في فترة زمنية قصيرة.

ويستند التقرير على معلومات جمعها باحثون في ثلاث عشرة محافظة يمنية بين فبراير (شباط) وأكتوبر (تشرين الأول) 2023، ويرصد نماذج تمثيلية لانتهاكات ارتكبتها أطراف النزاع كافة.

ومنذ أيام دشّنت الجماعة الحوثية معسكراتها الصيفية لطلبة المدارس في مناطق سيطرتها، ونفذت حملات ترويجية واسعة، تضمنت وعوداً بجوائز وسلال غذائية، وسط تحذيرات حكومية ومجتمعية من مخاطر هذه المعسكرات، واستغلالها لتجنيد الأطفال للقتال.

طفل يمني يحمل سلاحاً ويردد شعارات الجماعة الحوثية خلال مسيرة في العاصمة صنعاء تحت اسم مناصرة غزة (أ.ف.ب).

ويرصد تقرير التحالف اليمني لرصد الانتهاكات نماذج تمثيلية لانتهاكات ارتكبت خلال فترة إعلان الهدنة بداية أبريل (نيسان) 2022، وحتى إعلان التوقيع على اتفاق مبادئ لإنهاء النزاع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويقدر التقرير أن ما يقارب 26 ألفاً و761 طفلاً تأثروا بفعل الهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية من طرف الجماعة الحوثية، بينهم 14 ألفاً و457 فتاة.

وبحسب التقرير؛ مثَّل القتل والتشويه الانتهاك الأكثر تسجيلاً بسبب الاستخدام المفرط للأسلحة، خصوصاً من الجماعة الحوثية؛ إذ شكلت الأرقام المحققة من ضحايا تجنيد الجماعة للأطفال أمراً صادماً، مرجعاً ذلك لاستغلالها الوضع الاقتصادي للأسر اليمنية بشكل لافت، إلى جانب دور الدعاية والإعلام في التأثير على الأطفال واستدراجهم.

وأكد أن الأرقام المتدنية لضحايا العنف الجنسي والاختطاف لا تعكس واقع الحال، بسبب خشية ضحايا هذا النوع من الانتهاك وعائلاتهم من العار الذي سيوصمون به في مجتمعهم حال الإفصاح عنه، إلى جانب العيش في حالة من الخوف والترهيب التي يكرَّسها الجناة على نفسياتهم، ما يمنعهم عن الاستجابة لعمليات التحقيق والتوثيق التي أجراها الباحثون.

ولم يحصل الضحايا كافة من الأطفال على العدالة، طبقاً للتقرير، بفعل عجز وانقسام آليات العدالة والمساءلة الوطنية الذي شجعت على مزيد من الهجمات ضد الأطفال، منوهاً إلى أن الحد من هذه الانتهاكات لن يتحقق إلا بوجود آليات للمساءلة الجنائية.

وأضاف التحالف أن أطفال اليمن كابدوا خلال تسع سنوات صنوفاً من الصراع والآلام، ووقعوا تحت جحيم حرب شُنت عليهم بلا هوادة، مشيراً إلى أنه استند في تقريره على معلومات جمعها باحثون في ثلاث عشرة محافظة يمنية بين فبراير وأكتوبر من العام الماضي.

آليات الحماية

طالب معدو التقرير الحكومة اليمنية الشرعية بالإسراع في إنشاء محكمة ونيابة حقوق الإنسان، ومنحها الاختصاص للنظر في الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، وتمكين ودعم قدرات المنظمات المحلية بشكل واسع من قبل الوكالات والمنظمات الدولية المعنية بحماية الأطفال، لتقوم بدور مركزي في توثيق الانتهاكات، وتوفير الدعمين المادي والنفسي للضحايا من الأطفال.

وشدّد مطهر البذيجي المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد الانتهاكات في حديث لـ«الشرق الأوسط» على عدم سقوط الانتهاكات بالتقادم، داعياً إلى عدم السماح لمرتكبيها بالإفلات من العقاب الذي يسمح لهم باستمرار جرائمهم، والتي لوحظ أنها لم تتوقف رغم توقف الأعمال العسكرية، إذ لا تزال الجماعة الحوثية تواصل تجنيد الأطفال وممارسة الأعمال العدائية بحقهم دون رادع.

وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، وصف أحد معدي التقرير، الانتهاكات التي وقعت بحق الأطفال خلال السنوات الماضية بجرائم الحرب التي امتدت لتشمل الحقوق كافة، وجميع مناحي الحياة.

طفلة يمنية بعمر العامين تعاني من سوء التغذية أثناء وزنها في أحد مستشفيات مدينة الحديدة (رويترز)

واتهم نجيب الشغدري الباحث في «تحالف رصد» الجماعة الحوثية بالمسؤولية عن غالبية الانتهاكات التي لحقت بأطفال اليمن، من خلال تعمدها تعريضهم لمختلف مخاطر الصراع، وتجنيدهم وإجبارهم على المشاركة في المعارك، وحرمانهم من التعليم والصحة والتغذية، والوصول إلى المساعدات الإنسانية، مطالباً المجتمع الدولي بالجدية والفاعلية لوقف تلك المعاناة.

وتأتي المعسكرات الصيفية التي تنظمها الجماعة الموالية لإيران هذا العام، بعد أشهر من استغلالها الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين، أغلبهم من الأطفال، تحت اسم مناصرة الفلسطينيين، إلى جانب هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر.