تونس: كتلة برلمانية تدعم الشاهد وتعدّه لرئاسيات 2019

ستشكّل «القوة الثالثة» في مجلس النواب بعد «النداء» و«النهضة»

يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية يتحدث في جلسة للبرلمان في 28 يوليو الماضي (رويترز)
يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية يتحدث في جلسة للبرلمان في 28 يوليو الماضي (رويترز)
TT

تونس: كتلة برلمانية تدعم الشاهد وتعدّه لرئاسيات 2019

يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية يتحدث في جلسة للبرلمان في 28 يوليو الماضي (رويترز)
يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية يتحدث في جلسة للبرلمان في 28 يوليو الماضي (رويترز)

كشف وليد جلاد، النائب المستقيل من كتلة «الحرة» البرلمانية الممثلة لـ«حركة مشروع تونس» بزعامة محسن مرزوق، أن «كتلة برلمانية موحدة جديدة» تتشكل من نحو 40 نائباً في مجلس النواب بصدد التشكل وستكون مع عودة نشاط البرلمان القوة الثالثة فيه بعد حزبي «النداء» و«النهضة». وتروج معلومات عن أن الكتلة الجديدة ستدعم ترشح رئيس الحكومة يوسف الشاهد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية لسنة 2019.
وفي حال تشكلت هذه الكتلة البرلمانية الجديدة فعلاً، فإنها ستلتقي مع «النهضة» في دعمها للشاهد وحكومته. لكن الخلاف يمكن أن يقع بين الطرفين في شأن الدور المستقبلي لرئيس الحكومة، خصوصاً أن «النهضة» طلبت منه الالتزام بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة العام المقبل.
وأعلن نواب منضمون إلى الكتلة البرلمانية الجديدة التي ستتكون من نواب «الكتلة الوطنية» ومستقيلين من كتلة «الحرة» وعدد من نوّاب حزب «الاتحاد الوطني الحرّ» الذي أسسه رجل الأعمال التونسي سليم الرياحي، عن مساندتهم ليوسف الشاهد، وكان هؤلاء قد ساندوا ترشيح الأخير لهشام الفراتي وزيراً للداخلية وخرجوا في معظمهم عن المواقف الرسمية لأحزابهم وخالفوا إجماعها حول ضرورة عدم منح الثقة للوزير الجديد للضغط على الشاهد للتوجه إلى البرلمان لتجديد الثقة في حكومته.
وكان حزبا «النداء» و«حركة مشروع تونس» قد أعلنا قبل فترة وجيزة عن تشكيل تحالف برلماني يجعلهما في مقدمة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بـ69 مقعداً، متجاوزين بذلك حركة «النهضة» التي تبقى ممثلة بـ68 مقعداً. إلا أن هذا التحالف الانتخابي في حاجة إلى دعم كتل برلمانية أخرى للحصول على 109 أصوات تمثّل الأغلبية البرلمانية المطلقة في حال عرض مشاريع قوانين على البرلمان التونسي.
وتمسكت هذه الكتلة البرلمانية الجديدة بضرورة استكمال الهيئات الدستورية (المحكمة الدستورية وانتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات)، ومن المنتظر أن تعرض على البرلمان التونسي في دورته الأخيرة قبل تنظيم انتخابات 2019 مجموعة من النصوص الخلافية على غرار مشروع قانون المساواة في الإرث، ومشروع قانون هيئة مكافحة الفساد، وهو ما يجعل حسم عدد من الملفات الساخنة مرتبطاً بتوازن الكتل الممثلة للأحزاب السياسية داخل البرلمان.
وذكرت مصادر قريبة من «النداء»، المتزعم للمشهد السياسي التونسي، أن الكتلة البرلمانية الجديدة «قضمت» نواب عدد من الأحزاب الممثلة في البرلمان، بما في ذلك «النداء» نفسه، وأيضاً نواباً من أحزاب «حركة مشروع تونس» و«الاتحاد الوطني الحر» و«آفاق تونس». واعتبرت أن جمع نواب من أحزاب مختلفة يوحي بأن الكتلة البرلمانية الجديدة «بُنيت على مصالح ذاتية هدفها تكوين حزام حول شخص رئيس الحكومة والتمسك بكرسي الحكم رغم مناداة الكثير من الأطراف السياسية والاجتماعية بتغيير الحكومة، وهذا يعني أن التشكل المفترض للكتلة ظرفي وخاص ومبني على سلوك انتهازي»، بحسب وجهة نظرها.
ولفت أكثر من طرف سياسي تونسي في تحليله لأهداف تكوين هذه الجبهة البرلمانية الجديدة، إلى أن المنتمين إليها أكدوا في السابق دفاعهم عن الحكومة وتحديداً عن رئيسها يوسف الشاهد، كما أن معظمهم من المنتمين إلى «جبهة برلمانية وسطية تقدمية» تأسست السنة الماضية وكان من أهم أولوياتها الدفاع عن الشاهد. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الكثير من النواب المنضمين لهذه الجبهة البرلمانية عادوا أحزابهم التي أوصلتهم إلى البرلمان دفاعاً عن حكومة الشاهد، خصوصاً خلال عرض ميزانية السنة الماضية على التصويت، وما رافق ذلك من جدل حول الزيادات الكبيرة في الأسعار.
ويرى المحلل السياسي عادل العوني أن تشكل هذه القوة البرلمانية الجديدة قد يكون منعرجاً لـ«تتويج الشاهد زعيماً لها» ومقدمة لإعلانها دعم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة و«استغلال شعبيته» لخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة. وستصطدم هذه الجبهة البرلمانية باشتراط «النهضة» عدم ترشح الشاهد في الانتخابات المقبلة لمواصلة دعمه على رأس الحكومة، وهي إشكالية تسعى هذه الجبهة إلى إيجاد حل مناسب لها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».