إسرائيل تطلق أوسع هجوم ضد غزة... والرئاسة تطالب بتدخل دولي

ليبرمان هدد بحرب مؤلمة قائلاً: «حماس» هي التي تريد الحرب

إطفاء حريق تسببت به طائرة ورقية حارقة في محيط غزة (رويترز)
إطفاء حريق تسببت به طائرة ورقية حارقة في محيط غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تطلق أوسع هجوم ضد غزة... والرئاسة تطالب بتدخل دولي

إطفاء حريق تسببت به طائرة ورقية حارقة في محيط غزة (رويترز)
إطفاء حريق تسببت به طائرة ورقية حارقة في محيط غزة (رويترز)

وسعت إسرائيل غاراتها في قطاع غزة بعد يوم متوتر شهد مقتل 4 فلسطينيين وإصابات بين جنود إسرائيليين.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية أهدافاً عدة لحركة حماس في قطاع غزة في بداية عملية واسعة استهدفت - بحسب الجيش - مواقع حساسة للفصائل الفلسطينية في غزة. واتصل وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بالمبعوث الأممي نيكولاي ميلادينوف، وقال له «حركة حماس تقود إلى تدهور الأوضاع بشكل مقصود، نحن سنرد بحزم وستكون كل المسؤولية من الآن فصاعداً ملقاة على قيادة (حماس)». وأضاف «في حال واصلت حركة حماس إطلاق الصواريخ، ستكون النتيجة أصعب مما يتصورون. كامل المسؤولية للدمار وحياة البشر تقع على (حماس) غزة»، محملاً «حماس» مسؤولية التدهور الحالي.
وقال ليبرمان في بيان آخر، إن إسرائيل سترد «بقساوة أكثر بكثير» إذا واصلت «حماس» إطلاق القذائف من قطاع غزة. وأوضح «رد فعل إسرائيل سيكون أكثر قساوة بكثير مما يعتقدون (قادة حماس)». وخلال زيارة لمستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع عزة، هدد ليبرمان بشن «عملية عسكرية واسعة النطاق ومؤلمة» ضد قطاع غزة رداً على استمرار إطلاق «الطائرات الورقية والبالونات الحارقة». واعترف بأن المشكلة الحقيقية هي تآكل آليات الردع لدى جيشه، إلى جانب فقدان الإحساس بالأمان لدى السكان، الذي لا يقل أهمية عن الأمن ذاته. وقال ليبرمان «لم أتحاور مع (حماس)، بل نجري محادثات مع جميع الأطراف التي نعتبرها معنية بالوضع القائم... وأبلغنا كل من يجب تبليغه بأن الوضع في غلاف غزة لا يحتمل، حيث أتت نيران الطائرات الورقية على الغابات الطبيعية كافة فأصبحت رماداً».
واتهم ليبرمان حركة حماس بأنها تدفع جيشه بالقوة نحو «وضع لا خيار فيه» الذي يستوجب شنّ عملية عسكرية واسعة و«مؤلمة» ليست فقط ظاهرية، محملاً «حماس» المسؤولية عن هذه الحالة. كما حذر ليبرمان السلطة الفلسطينية من انتقال البالونات المتفجرة إلى مناطق سيطرتها.
وقررت إسرائيل توسيع حجم النار خلال اجتماع أمني طارئ حضره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان وقادة عسكريون، في نهاية يوم متوتر. ورداً على القصف الإسرائيلي، أطلقت الفصائل الفلسطينية من غزة صواريخ عدة تصدت لبعضها القبة الحديدية، في أسوأ تدهور من نوعه منذ نهاية حرب 2014، وأمر جيش الاحتلال المستوطنين في مناطق «غلاف غزة» بالبقاء في أماكن قريبة من الملاجئ.
وفوراً، حذرت الرئاسة الفلسطينية في بيان من سياسة التصعيد الجارية حالياً على حدود قطاع غزة، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لمنع تدهور الأوضاع بشكل خطير. وقال البيان، إن الرئيس محمود عباس بدأ في إجراء اتصالاته مع أطراف إقليمية ودولية لاحتواء الأزمة المتصاعدة. وكانت إسرائيل قتلت 4 فلسطينيين وأصابت 120 في قصف مبكر استهدف مواقع تابعة لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس رداً على إطلاق نار استهدف جنوداً على الحدود. وقالت مصادر إسرائيلية، إن أحد الجنود ربما توفي. لكن أي مصادر رسمية لم تؤكد ذلك. ووصفت قيادة الجيش الإسرائيلي استهداف جنودها بالأكثر خطورة منذ حرب 2014. وبدأت العملية العسكرية بعد أن طلب رئيس هيئة الأركان الجنرال غادي ايزنكوت في الاجتماع الأمني نحو شهرين لإنهاء إطلاق الصواريخ من غزة تجاه إسرائيل.
وجاء التصعيد في وقت حذرت فيه إسرائيل من أنها جاهزة لحرب جديدة واحتلال قطاع غزة. وكان الجيش الإسرائيلي أجرى مناورات واسعة عند حدود قطاع غزة الأسبوع الماضي، تحت اسم «بوابات الفولاذ». ومن جهته، دعا الموفد الأممي إلى الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف «الجميع» بالابتعاد عن الهاوية وفوراً. وأضاف ميلادينوف في تغريدة على موقع «تويتر»، «إنه يتعين عدم السماح لمن يرغب في جر إسرائيل والفلسطينيين إلى حرب أخرى لتحقيق مآربهم».
وللمرة الأولى منذ أن اختراع الفلسطينيين في قطاع غزة سلاح الطائرات الخفيفة والبالونات المتفجرة، انتقل هذا السلاح إلى الضفة الغربية، حيث عثر على بالون يحمل مواد مشتعلة حارقة، في فناء منزل في مستوطنة جيلو المقامة على أراضي مدينة بيت جالا، جنوبي القدس الشرقية المحتلة، أمس الجمعة.
وأخمدت النار قبل الانفجار، فيما توقعت مصادر الشرطة الإسرائيلية أن يكون البالون أطلق من مدينة بيت جالا جنوب القدس. ومع أنه لم يتسبب في أضرار، فإن السلطات الإسرائيلية اعتبرته تطوراً خطيراً. وطالب مسؤولون في مستوطنة جيلو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، بالتدخل فورا لمنع تطور هذه العمليات. وقال المسؤولون: «لا نستطيع أن نعيش كما يعيش سكان غلاف غزة». وطالبت الشرطة الإسرائيلية سكان المستوطنة بتوخي الحيطة والحذر، من الطائرات الورقية والبالونات الحارقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».