ترمب وعبد الله الثاني يبحثان خطة السلام

الرئيس الأميركي يعلن إحراز تقدم كبير... ويشيد بـ«تحسن الأوضاع» بعد الانسحاب من «النووي»

الرئيس ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
TT

ترمب وعبد الله الثاني يبحثان خطة السلام

الرئيس ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)

استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا في البيت الأبيض مساء أمس، حيث عقدا محادثات تركزت على العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الإقليمية، وخطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال ترمب خلال اللقاء إنه تم إحراز «تقدم كبير في الشرق الأوسط»، لكنه رفض الإفصاح عن الموعد الذي سيطرح فيه البيت الأبيض خطته للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي سؤال من الصحافيين حول توقيت إعلان الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط وفحواها، قال ترمب: «إننا نقوم بعمل جيد في الشرق الأوسط. وبعدما أنهينا الصفقة النووية مع إيران، فإن الأمور اختلفت كثيرا».
وأثنى الرئيس الأميركي على جهود المملكة الأردنية في استضافة اللاجئين ودفع جهود السلام. فيما وجه الملك عبد الله الثاني الشكر لإدارة الرئيس ترمب على دعم ومساعدة الأردن. وتحدث ترمب عن جهود إدارته في تأمين الحدود الأميركية الجنوبية ولمّ شمل الأطفال بذويهم، مشددا على أهمية منع مرور المهاجرين غير الشرعيين.
وعقد مسؤولو الجانبين الأميركي والأردني محادثات مغلقة، حيث أشار مسؤولو البيت الأبيض إلى أن المحادثات تركز على مكافحة الإرهاب والتهديدات الإيرانية والأزمة في سوريا، إضافة إلى دفع الجهود من أجل تحقيق سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتأتي زيارة الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن في أعقاب استضافته لصهر الرئيس ومستشاره الخاص جاريد كوشنر، والمبعوث الرئاسي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، في عمان الأسبوع الماضي. وتركزت المحادثات بين الطرفين على محتويات الخطة الأميركية، المعروفة إعلامياً بـ«صفقة القرن»، التي لم تكشف الإدارة الأميركية عن محتواها بعد.
وعقب اجتماعه بكوشنر، استقبل العاهل الأردني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قام بزيارة نادرة إلى عمان. وخلال الاجتماع، شدّد الملك عبد الله الثاني على التزام الأردن بحل الدولتين على أساس حدود 1967. وقال للمسؤولين الأميركيين إن هذه الخطة هي السبيل الوحيد للتوصل إلى السلام في المنطقة.
وقد التقى جاريد كوشنر بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال جولته في المنطقة التي استمرت خمسة أيام، فيما لم يشمل جدول زيارة أي اجتماعات مع الجانب الفلسطيني الذي يقاطع الإدارة الأميركية منذ إعلانها القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب إليها.
وتفيد تقارير أميركية بأن جاريد كوشنر تلقى التأكيد نفسه خلال لقاءاته بالقادة العرب في المنطقة الذين أصروا على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية كأساس للسلام بين الجانبين. وذكرت مصادر في البيت الأبيض أن المسؤولين الأميركيين لديهم إحساس بالإحباط، حيث لم تسفر لقاءات كوشنر مع القادة العرب عن الدعم الكافي الذي تحتاجه الإدارة الأميركية للإعلان عن خطتها النهائية. وشملت التكهنات حول خطة إدارة ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعدم إزالة المستوطنات الإسرائيلية من الضفة الغربية، كما لا تضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم. كما لفتت تقارير إلى دعم واشنطن احتفاظ إسرائيل بحق السيطرة الأمنية على الحدود مع الأردن، فيما يحصل الفلسطينيون في المقابل على حزمة من المساعدات الأميركية ودعم مالي لمشروعات تنمية في غزة ومشروعات في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء.
ويسعى العاهل الأردني إلى إقناع إدارة ترمب بتأييد حل الدولتين وإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، مع إقامة دولة فلسطينية عند حدود 1967. لكن لا يبدو أن الإدارة الأميركية تتبنى هذا النهج، وليس من الواضح ما إذا كان إقامة دولة فلسطينية سيكون جزءا من خطة إدارة الرئيس ترمب. وكان ترمب قد صرح في الماضي أنه سيدعم حل إقامة الدولتين، إذا أيده الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي.
ويشعر الأردن بالقلق من أن تتغافل خطة سلام إدارة ترمب إقامة دولة فلسطينية وتوفير حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، مما يضع مزيدا من الضغوط على عمان التي تستضيف عددا كبيرا من الفلسطينيين. كما يسعى الأردن للحصول على ضمانات باستمرار الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس في إطار أي صفقة سلام مقترحة.
من جانبها، أكّدت الإدارة الأميركية أن الخطة الأميركية سيتم إعلانها في وقت قريب، ويتحدث البعض عن شهر أغسطس (آب). ورفض المسؤولون الإشارة إلى أي تفاصيل محددة حول الخطة، واكتفوا بالتأكيد على أنها توفر حلولاً عادلة وخططاً لتحسين حياة الشعب الفلسطيني.
وقد وصل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى العاصمة الأميركية واشنطن مساء الجمعة، والتقى بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوتشين ووزير التجارة ويلبر روس، ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي جون بولتون، حيث تركز زيارته أيضا على الحصول على الدعم الأميركي لسياسات الأردن الاقتصادية والسياسية بعدما شهدت المملكة موجة من المظاهرات بسبب ارتفاع الأسعار.
وتناولت محادثات عاهل الأردن الاقتصادية أهمية زيادة التبادل التجاري بين الأردن والولايات المتحدة، والاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة. كما تطرقت المباحثات إلى برامج الإصلاح الاقتصادي في الأردن، وتداعيات أزمة اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني.
وخلال لقاء الملك عبد الله الثاني مع وزير الدفاع الأميركي، تطرق النقاش إلى التعاون العسكري والدفاعي بين البلدين وأهمية الحفاظ على الهدوء في مناطق التصعيد في جنوب غربي سوريا، ودور منظمة الأونروا في توفير الصحة والتعليم وخدمات الإغاثة للاجئين الفلسطينيين. وناقش الملك عبد الله الثاني مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أهمية دعم الجهود الرامية للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية، من خلال دعم عملية جنيف.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.