أزمتا مياه وكهرباء تزيدان حرارة صيف العراق

الصدر يمهل الحكومة بضعة أيام للتحرك

عراقيان في بغداد يلوذان بمياه دجلة الشحيحة لتخفيف وطأة الحر أمس (إ.ب.أ)
عراقيان في بغداد يلوذان بمياه دجلة الشحيحة لتخفيف وطأة الحر أمس (إ.ب.أ)
TT

أزمتا مياه وكهرباء تزيدان حرارة صيف العراق

عراقيان في بغداد يلوذان بمياه دجلة الشحيحة لتخفيف وطأة الحر أمس (إ.ب.أ)
عراقيان في بغداد يلوذان بمياه دجلة الشحيحة لتخفيف وطأة الحر أمس (إ.ب.أ)

لم تهدأ الأزمة السياسية والشعبية التي نجمت عن الاتهامات المتعلقة بالنتائج النهائية للانتخابات العامة، حتى ظهرت للعلن أزمة المياه بعد مباشرة تركيا العمل بسد «اليسو» الواقع على منابع دجلة وتأثيره على مناسيب المياه في النهر، إضافة إلى النقص الشديد في تجهيز المنازل بالطاقة الكهربائية. وامتلأت خلال اليومين الأخيرين مواقع التواصل الاجتماعي بأنواع الانتقادات والشتائم للسلطات المحلية، متهمة إياها بالتقصير وسوء الإدارة، الأمر الذي قد يؤشر إلى أن البلاد مقبلة على صيف ساخن جدا وملبد بغيوم الأزمات.
وقد لمح زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، في تغريدة على «تويتر» إلى ما يشبه «التلازم» بين الأزمات الثلاث، حين كتب: «إذا كان انتصارنا (آل الصدر) أو انتصار الإصلاح بداية الانتقام من العراق والعراقيين، فإنني لن أسمح بذلك»، في إشارة إلى الأزمات الثلاثة وفوز تحالف «سائرون» الذي يرعاه الصدر بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة برصيد 54 مقعدا. وأضاف: «أنا على يقين أن قطع الماء والكهرباء عن الشعب لن يركعكم. شعب العراق لن ينثني». وختم الصدر تغريدته قائلا: «لذا نعطي فرصة للحكومة بضعة أيام للنظر في مسألة الماء والكهرباء، وإلا فأفسحوا لنا المجال للعمل من أجل إرجاع حقوقنا».
من جهة أخرى، وبعد أن عقد وزير الكهرباء قاسم الفهداوي مؤتمرا صحافيا مشتركا مع وزير الموارد المائية حسن الجنابي وأمينة بغداد ذكرى علوش، أول من أمس، لشرح تداعيات أزمتي الماء والكهرباء، عاد أمس، وعقد اجتماعا مع الملاك المتقدم لوزارته لمناقشة أزمة الكهرباء بحسب بيان صادر عن مكتبه، مؤكدا أن «المسؤولية مشتركة، وعلى الجميع العمل لإسناد منظومة الكهرباء الوطنية». وأشار البيان إلى قرار رئيس الوزراء بـ«زيادة حصة وزارة الكهرباء من مادة الكازويل من (1000 متر مكعب يومياً) إلى (3000 متر مكعب يومياً)، لتشغيل الوحدات التوليدية المتوقفة، بسبب شحة الوقود». فضلا عن «إسعاف المنظومة وتجهيز الغاز المصاحب، حيث إن كمية الطاقة المفقودة نتيجة شحة الوقود وانخفاض ضغط الغاز بلغت (1045) ميغاواط».
وكرر الوزير بحسب البيان شكوى وزارته من أنها «تعاني من الإفراط في استهلاك الطاقة الكهربائية وخاصة بعد تخفيض تسعيرة أجور الاستهلاك، إلى جانب وقوف مجالس المحافظات بالضد من مشروع الخدمة والجباية، ووضع العراقيل أمام تنفيذه»، في إشارة إلى قيام وزارة الكهرباء قبل أكثر من عام بالتعاقد مع شركات أهلية لجباية أجور الكهرباء من المواطنين، حيث يمتنع عدد كبير منهم عن تسديد أجور الكهرباء، الأمر الذي حرم الوزارة من مداخيل مالية كبيرة، لكن المشروع واجه معارضة شديدة من قبل مجالس المحافظات التي اعتبرته يضر بمصالح المواطنين.
وكان الفهداوي أشار أول من أمس، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة السريع أدى إلى زيادة الطلب، وبالتالي زيادة الاستهلاك، مؤكدا على أن «الأزمة ستنتهي بدخول وحدات توليدية جديدة خلال هذا الشهر، وبشكل تدريجي، والتي تأخر برنامج صيانتها بسبب عدم إطلاق المبالغ المخصصة لذلك».
في غضون ذلك، أبلغ مواطنون يسكنون حي زيونة في بغداد، الذين حصلوا في الصيف الماضي على خدمة تجهيز بالكهرباء جيدة وبمعدل 24 ساعة في اليوم نتيجة إحالتها على شركة أهلية للجباية والصيانة، أبلغوا «الشرق الأوسط» أنهم اضطروا خلال اليومين الأخيرين إلى الاستعانة بأصحاب المولدات الأهلية نتيجة انعدام التجهيز في الطاقة الكهربائية لساعات طويلة.
لكن المهندس كريم حمود الذي يدير شركة متعاقدة مع وزارة الكهرباء لجباية الأموال في حي المأمون ببغداد، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأهالي في زيونة استعجلوا قليلا في اللجوء إلى المولدات الأهلية، لكن لا أحد يستطيع توجيه اللوم إليهم لأنهم يخافون ويشعرون بالقلق مع أي خلل في التجهيز». ويعتقد حمود أن «مشروع الجباية ناجح جدا ويعيد للدولة حقها في استحصال أجور الكهرباء، إضافة إلى أنه يدفع المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك في استخدام الطاقة الكهربائية». ويضيف: «في الصيف الماضي قمنا بجباية نحو مليار دينار عن كل شهر وسلمناها لوزارة الكهرباء، فيما كانت لا تحصل إلا على نحو 25 مليون دينار عراقي».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.