عباس يمنع الإساءة إلى الدول العربية تحت طائلة الأمن القومي

بعد تكرار تصريحات مسيئة ومحسوبة على محاور في المنطقة

عباس يمنع الإساءة إلى الدول العربية تحت طائلة الأمن القومي
TT

عباس يمنع الإساءة إلى الدول العربية تحت طائلة الأمن القومي

عباس يمنع الإساءة إلى الدول العربية تحت طائلة الأمن القومي

توعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمحاسبة أي مسؤول فلسطيني يسيء لدول عربية، أو يتدخل في شؤونها الداخلية، تحت بند المس بالأمن القومي العربي والفلسطيني.
وقال عباس، في بيان، إن الموقف الفلسطيني الثابت هو «عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، أو الإساءة إليها»، مشدداً على عدم جواز المس أو التشهير بأي من قيادات الدول العربية. وأضاف: «إن قيام أي من أعضاء القيادة الفلسطينية بذلك سوف يُعرضه للمساءلة تحت بند المس بالأمن القومي العربي والفلسطيني».
وثمّن عباس في البيان المفاجئ «مساندة ودعم الدول العربية، ومواقفها الرافضة لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وكذلك اعتماد الدول العربية لرؤية الرئيس محمود عباس التي طرحها أمام مجلس الأمن الدولي يوم 20 فبراير (شباط) 2018، كموقف ثابت للدول العربية».
ويعكس البيان غضب الرئيس الفلسطيني من تصريحات مسؤولين فلسطينيين يحظون بمناصب رسمية، وتسببت له غالباً في حرج مع دول عربية مؤثرة، كما يشير إلى احتمال أن بعض هذه الدول قد احتج فعلاً على التصريحات. وانتقد مسؤولون فلسطينيون، بشكل مباشر وغير مباشر، أدوار دول عربية، وألمحوا إلى أنها تدعم صفقة القرن الأميركية التي يرفضها الفلسطينيون سلفاً، وهي اتهامات نفاها عباس شخصياً مرات عدة، كما انتقد مسؤولون أدوار دول عربية في المصالحة الفلسطينية الحالية.
وذهب مسؤولون آخرون إلى تمجيد الدور الإيراني في المنطقة، منتقدين أدوار الدول السنية ضمناً في أماكن الصراع المختلفة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة في بعض التصريحات أنها مبنية على معلومات من وسائل إعلام، أو على ترجيحات وتحليلات شخصية، وليست دقيقة نهائياً، ولا تعكس وجهة نظر القيادة الفلسطينية.
وأضافت المصادر: «تكرار هذه التصريحات وفق أهواء شخصية، أو أهواء وسائل إعلام محددة، قد يتسبب في خسارة دول عربية نحن أحوج ما نكون إليها».
وبحسب المصادر، فإن الرئيس يحظى بعلاقات طيبة مع الجميع، ويلقى دعماً في القضايا الحساسة، ولا يسعى لخسارة أي بلد عربي، حتى إن كانت هناك ملاحظات محددة أو طلبات.
وقالت المصادر أيضاً إن بعض الملاحظات، إن وجدت، ليس مكانها الإعلام؛ وهذا مبدأ ثابت عند الرئيس.
وتابعت: «وسط هذه المعركة الكبيرة مع دولة عظمى، نريد دعم الجميع، وليس تصدير الخلافات، وافتعال معارك جانبية».
وأكدت المصادر أن عباس يرفض بشدة التدخل في لعبة المحاور في المنطقة، وإبداء الرأي والنصيحة والتهجم على دول لإرضاء دول أخرى، خصوصاً أن موقفه معروف.
ويقصد عباس بالبيان مسؤولين في القيادة الفلسطينية، أي أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح، وأعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وكان بعض المسؤولين في اللجنتين قد انتقدوا أخيراً دولاً عربية لم يسموها، واتهموها بالاجتماع مع الأميركيين للتباحث في شؤون الفلسطينيين، كما أساءوا إلى دول على خلاف مع إيران.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».