«الجدار الإسرائيلي» على جدول تيلرسون أثناء زيارته إلى لبنان

تل أبيب تدعو ساترفيلد للتركيز على «حزب الله»

TT

«الجدار الإسرائيلي» على جدول تيلرسون أثناء زيارته إلى لبنان

يتوقع أن يطرح لبنان ملف التوتر الحدودي الناشئ جنوباً مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أثناء زيارته إلى بيروت الأسبوع المقبل من ضمن جولة تشمل 5 دول إقليمية، ويناقش فيها عناوين مرتبطة بالمنطقة، فيما واصل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد جولته اللبنانية عارضاً حلولاً لحل النزاع الحدودي البري والبحري مع إسرائيل، لم يكشف المسؤولون اللبنانيون عن طبيعتها.
وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن ساترفيلد «قدم مقترحات سيدرسها لبنان»، من غير تقديم إيضاحات حول طبيعة تلك المقترحات، مشيرة إلى أن «المقترحات تهدف إلى الحد من أي قلق أو مشكلات يمكن أن تؤذي الاستقرار». ولفتت المصادر إلى أن أهداف زيارة تيلرسون ستكون مختلفة عن عناوين زيارة ساترفيلد «لكونها تأتي من ضمن جولة إقليمية ستناقش ملفات كثيرة وكبيرة مرتبطة بالمنطقة». وقالت المصادر: «لكن بما أن ملف التوتر الحدودي مع إسرائيل في البر والبحر بات طارئاً، فمن المؤكد أن المسؤولين اللبنانيين سيطرحونه خلال اللقاءات مع تيلرسون».
ويبحث تيلرسون مع الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري و«ستركز زيارة الوزير على دعم الولايات المتحدة للشعب اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية»، بحسب ما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هير نويرت، أول من أمس، الخميس.
في هذا الوقت، واصل ساترفيلد جولته على المسؤولين اللبنانيين، والتقى أمس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أكد أن لقاءه مع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط «تمحور بأغلبيته حول موضوع المناطق المتنازع عليها عند الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل»، مشيرا إلى «أن لدى الموفد الأميركي حلولا إن كان بما يتعلق بالمناطق البرية المتنازع عليها أو بالنسبة إلى الحدود البرية ويقول إنه طرحها على الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية». وشدد جعجع على «أننا يجب علينا جميعا العمل من أجل الحفاظ على جميع حقوقنا الوطنية إن كان على اليابسة أو في المياه، وذلك من دون أن نترك لأي طرف خارجي فرصة الاستفادة من هذه القضية واستخدامها في قضايا لا علاقة للبنان بها»، لافتا إلى أنه «من المهم جدا في هذه المرحلة أن تتداول الحكومة اللبنانية بشكل جدي بالحلول المطروحة من قبل الموفد الأميركي للوصول إلى أفضل مخرج ممكن أن يحافظ على جميع حقوقنا الوطنية ويفتح لنا آفاق المستقبل».
والتقى ساترفيلد أمس وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي رحب بالوساطة الأميركية لحل أزمة حدود لبنان البحرية والبرية مع إسرائيل، وذلك خلال استقباله بحضور السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد. وأكد المشنوق «تمسك لبنان بحقه في مياهه الإقليمية وفي نفطه، ورفض لبنان السماح للعدو الإسرائيلي بالاستيلاء على أي مساحة من حقوقه، إن في البر أو في البحر». وناقش الجانبان مضمون الوساطة الأميركية للحل، ورحب المشنوق بـ«الدور الأميركي في التوصل إلى حل لهذا الخلاف»، واستبعد أن «يؤدي هذا الخلاف إلى مواجهة عسكرية». وأكد ساترفيلد «إصرار الولايات المتحدة على نجاح مؤتمر (روما 2) لدعم قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني».
وكان ساترفيلد التقى منذ وصوله إلى لبنان مطلع الأسبوع الحالي، عددا من المسؤولين اللبنانيين بينهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل والنائب وليد جنبلاط.
وقالت الرئاسة اللبنانية بعد لقاء عون مع ساترفليد الخميس الماضي إنّ «البحث تطرّق إلى الجهود الأميركية لمعالجة الوضع الذي نشأ، حيث قدّم السفير ساترفيلد اقتراحات تهدف إلى المحافظة على الاستقرار والهدوء في المنطقة الحدودية»، مشيرة إلى أنّ «الرئيس عون أبلغ السفير ساترفيلد موقف لبنان الّذي تمّ التأكيد عليه في مجلس الوزراء وفي المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه يوم الأربعاء».
إلى ذلك، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، عن أن الحكومة الإسرائيلية توجهت إلى ساترفيلد، الذي يتوسط بينها وبين لبنان، بادعاء أن «سبب التوتر الذي يثيره مسؤولون كبار في لبنان ليس الخلافات على الحدود أو على موقع آبار الغاز بل هو الاعتراض الإسرائيلي على بناء مصانع سلاح إيرانية على الأراضي اللبنانية». وقالت هذه المصادر إن الخلافات حول الحدود والآبار قابلة للتفاهم من خلال وساطة أو تحكيم دوليين. وإنه سبق أن أجرت محادثات عبر طرف ثالث وبمشاركة قادة قوات «يونيفيل» التابعة للأمم المتحدة المرابطة في الجنوب اللبناني. وفي حينه تم التوصل إلى تفاهمات حول 6 من مجموع 12 نقطة خلاف على الحدود، وهو الخلاف الذي نشب في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2000، لكن التفاهمات لم تترجم على الأرض لأن المحادثات توقفت.
وأبدى الإسرائيليون استعدادهم أمام ساترفيلد للعودة إلى المفاوضات، حول بقية نقاط الخلاف. وأكدوا أن الجدار الذي يرسم الحدود على الأرض سيبنى فقط داخل الأراضي الإسرائيلية وأنهم مستعدون لتحريك الجدار في حال الاتفاق على تغيير الحدود.
وبحسب مسؤول أمني في تل أبيب، فإن «المشكلة الأساس كانت وستبقى في نشاط (حزب الله) العسكري لصالح المصالح الإيرانية. فهو يريد بناء مصنع صواريخ وأسلحة دقيقة. وإزاء الرد الإسرائيلي الحاد والتهديد الإسرائيلي بأننا لن نسمح ببناء هذا المصنع أو غيره، يحاول (حزب الله) جر القيادة السياسية والعسكرية اللبنانية إلى جانبه ويغطي على قضية مصانع السلاح بقضية الحدود البرية والبحرية».
الجدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي استأنف البناء في مقطع من مقاطع الجدار المخطط له على طول الحدود الأمنية مع لبنان، في رأس الناقورة. قريبا ستبدأ الأعمال في المقطع الثاني في غرب المطلة. بالإجمال، هناك أعمال مخطط لها لمسافة 11 كلم، التي يتوقع أن تستمر لعدة أشهر.
وفي هذه الأثناء تبذل جهود للتهدئة من خلال قناتين، عن طريق اللجنة الثلاثية مع اليونيفيل وعن طريق الإدارة الأميركية، وهناك يتوسط في هذا الأمر أحد رجال وزارة الخارجية، ديفيد ساترفيلد. ورغم ازدياد التوتر فإن إسرائيل تقول إن الحكومة اللبنانية و«حزب الله» غير معنيين بمواجهة عسكرية حول الجدار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».