نشرت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي أمس (الجمعة)، مذكرةً غير مسبوقة تندد بأساليب الـ«إف بي آي»، وذلك بعد دقائق فقط من إعلان الرئيس دونالد ترمب رفع السرية عن المذكرة التي تنتقد أداء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي). وتقع المذكرة في 4 صفحات، وأعدها الرئيس الجمهوري للجنة الاستخبارات ديفن نيونز، بخلاف آراء أعضاء ديمقراطيين في اللجنة والـ«إف بي آي» ووزارة العدل، وذلك استناداً إلى معلومات سرية عن تنصت قامت به الشرطة الفيدرالية على عضو في فريق حملة ترمب في 2016.
وقال ترمب: «تم رفع السرية عنها، سنرى ماذا سيحصل»، مضيفاً: «ما يحصل في بلادنا هو عار (...) على كثير من الناس أن يشعروا بالعار». وأعلن كريستوفر راي، المدير الحالي لـ«إف بي آي»، بوضوح أنه لا يؤيد نشر الوثيقة. بدورها، أبدت وزارة العدل تحفظها، وخصوصاً لدواعٍ أمنية، وخطر كشف أساليب جمع المعلومات. وخلاصة المذكرة التي طلب نونيز من ترمب أن يجيز نشرها هي أن الـ«إف بي آي» استخدم معلومات منحازة لطلب التنصت في خضمّ الحملة الرئاسية فيما يشكل استغلالاً للسلطة، حسب الجمهوريين.
وأعدّ المذكرة غير المسبوقة ديفن نيونز، مستنداً إلى معلومات سرية، والهدف منها كشف التنصت الذي قام به مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتردد أنها تُظهر إساءة «إف بي آي» لسلطات رقابته من أجل التجسس على أحد مستشاري ترمب. وذكرت شبكة «سي إن إن» الأميركية نقلاً عن مسؤول في البيت الأبيض، أن ترمب أرسل موافقته إلى لجنة الاستخبارات بمجلس النواب بأنه يمكن إطلاع الشعب على الوثيقة.
وقبل إعطاء الضوء الأخضر من الرئيس ترمب، أوضح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية -طلب عدم ذكر اسمه، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «إن الرئيس موافق على ذلك»، مضيفاً: «أشك في أنه ستكون هناك أي عمليات تنقيح، ستصبح (المذكرة) في حوزة الكونغرس بعد ذلك». وأوضح المسؤول أن المذكرة التي تم إرسالها إلى البيت الأبيض كي يفحصها القائمون على الأمن القومي، بسبب اعتراضات من الديمقراطيين، بعد أن أقرتها الأغلبية الجمهورية في لجنة الاستخبارات يوم الاثنين الماضي «لا تكشف الكثير فيما يتعلق بالسرية».
واتهمت نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، رئيس لجنة الاستخبارات ديفين نونيز «باتخاذ إجراءات غير نزيهة عمداً» تجعله «غير صالح» لرئاسة اللجنة، حسبما كتبت في رسالة إلى رئيس مجلس النواب بول رايان. في المقابل، يبرر رئيس مجلس النواب بول رايان نشر المذكرة برقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية قائلاً: «المذكرة ليست اتهاماً لـ(إف بي آي)، أو وزارة العدل ولا تشكل إعادة نظر في تحقيق مولر».
ورغم إصرار الجمهوريين، أطلق الديمقراطيون محاولة أخيرة لمنع نشر المذكرة، إذ تبين أن الصيغة التي نقلها نونيز إلى البيت الأبيض تتضمن تعديلات عن الصيغة التي تبنتها اللجنة، الاثنين الماضي. إلا أن نونيز أصر على أن التعديلات «طفيفة». وطالب الديمقراطيون باستقالة نونيز من رئاسة اللجنة، لكن المسؤولين الجمهوريين في الكونغرس استبعدوا ذلك على الفور.
وصوتت الأغلبية الجمهورية بلجنة الاستخبارات على الاعتراضات الديمقراطية. واتهمت بيلوسي، نونيز بمنح البيت الأبيض نسخة من المذكرة «تم تعديلها عمداً» بخلاف النسخة التي اعتمدتها اللجنة.
كان مكتب التحقيقات الاتحادي قد أعرب عن قلقه هذا الأسبوع بشأن المذكرة، قائلاً إنها اشتملت على حذف لحقائق بشكل يؤثر على دقة المذكرة. واعتبر هذا البيان غير المعتاد من جانب مكتب التحقيقات الاتحادي بمثابة توبيخ للبيت الأبيض في دعمه الصريح للإفراج عن المذكرة. من جانبه، دافع ريان، أول من أمس (الخميس)، عن المذكرة التي قال إنها يجب أن تُنشر علناً. أما تشارلز شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، فقد حث ريان على إقالة نونيز، ودعا إلى وقف خطط نشر المذكرة، متهماً الجمهوريين في مجلس النواب بـ«اختلاق نظريات مؤامرة» لحماية ترمب وتقويض تحقيق المستشار الخاص روبرت مولر.
وتثير المعركة حول هذه المذكرة بلبلة في الأوساط السياسية منذ عدة أيام، إذ يشعر الديمقراطيون بالقلق من سعي الحكومة إلى تسييس المعلومات الاستخباراتية، ومن انعكاسات ذلك على شرعية التحقيق الذي يقوده المدعي الخاص، روبرت مولر، حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ومنذ فضيحة «ووترغيت» التي أدت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون في سبعينات القرن الماضي، يتعين على مكتب التحقيقات الفيدرالي استصدار مذكرة من محكمة خاصة قبل الحصول على إذن بالتنصت.
ويريد الجمهوريون من خلال المذكرة التشكيك في حياد الشرطة الفيدرالية، إلا أن ذلك أدى إلى خلاف كبير بين مدير المكتب، كريستوفر راي، الذي عارض علناً نشر المذكرة، وترمب الذي ثبّته في منصبه في أغسطس (آب).
بالنسبة إلى الديمقراطيين، اللعبة مكشوفة. فالأمر لا يتعلق إلا بتقويض التحقيق حول التدخل الروسي في الانتخابات من خلال مذكرة تم إعدادها –برأيهم- بشكل جزئي ومنحاز.
كان مولر قد تولى التحقيق في القضية العام الماضي. وهي تزعزع رئاسة قطب الأعمال الذي أُخضع العشرات من المقربين منه ومعاونيه للاستجواب من قبل المحققين الفيدراليين، ويمكن أن تتم دعوته أيضاً للإدلاء بشهادته حول الموضوع. وعلق السيناتور الديمقراطي كريس كونز: «إنه جزء من محاولاتهم المنظمة لتقويض تحقيق روبرت مولر». في الكونغرس، يدعو أعضاء جمهوريون إلى وقف التحقيق بالاستناد إلى مضمون مذكرة نونيز. وصرح السيناتور مات غيتز، الأربعاء الماضي، على شبكة «فوكس نيوز» بأن «كل تحقيق مولر عملٌ من الخيال ما كان يجب أن يبدأ أصلاً».
ترمب يوافق على نشر مذكرة سرية تدين «إف بي آي» ووزارة العدل
المعارضة الديمقراطية غاضبة وتطالب بإقالة رئيس لجنة الاستخبارات
ترمب يوافق على نشر مذكرة سرية تدين «إف بي آي» ووزارة العدل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة