الاحتجاجات تدخل أسبوعها الثاني وسط إجراءات أمنية مشددة

روحاني {تحت رقابة مخابرات الحرس} ومستشاره ينتقد تصريحات جعفري... والجيش يعلن استعداده لمواجهة المتظاهرين

عناصر من القوات الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية ينتشرون في وسط طهران ليلة أول من أمس (وكالة فارس)
عناصر من القوات الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية ينتشرون في وسط طهران ليلة أول من أمس (وكالة فارس)
TT

الاحتجاجات تدخل أسبوعها الثاني وسط إجراءات أمنية مشددة

عناصر من القوات الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية ينتشرون في وسط طهران ليلة أول من أمس (وكالة فارس)
عناصر من القوات الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية ينتشرون في وسط طهران ليلة أول من أمس (وكالة فارس)

فرضت السلطات الأمنية حصاراً أمنياً واسعاً في كبريات المدن الإيرانية بعد أسبوع من احتجاجات ضربت أكثر من 90 مدينة، شهدت خروج آلاف الأشخاص، للتنديد بسياسات الدولة الإيرانية، وغداة تصريحات قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري عن «نهاية الفتنة»، أعلن قائد الجيش عبد الرحيم موسوي، أمس، جاهزية قواته لمواجهة الاحتجاجات إن تطلب الأمر، وانتقد مستشار الرئيس الإيراني حسام الدين آشنا، إعلان جعفري نهاية الاحتجاجات كما دخل نشطاء المجتمع المدني، أمس، بقوة لإدانة سلوك النظام الإيراني في التعامل مع المتظاهرين، بالتزامن مع اعتصام نظمته أسر المعتقلين لليوم الخامس على التوالي أمام سجن أفين وسط العاصمة.
وبدأت المظاهرات، الأسبوع الماضي، وبدا أنها تلقائية ودون زعيم واضح، في مدينة مشهد ثاني كبرى مدن إيران احتجاجاً على المصاعب الاقتصادية والبطالة التي يعانيها الشباب، ومزاعم استشراء الفساد.
وبعد أسبوع، قال شهود عيان من مدينة مشهد إن القوات الخاصة انتشرت أمس في محيط المراكز الحكومية وسط المدينة، كما لوحظ خروج دوريات لدراجات نارية تابعة للشرطة في عدة أماكن. وقال الشهود إن «الوضع غير مستقر للسلطات، خشية انفلات الأوضاع مرة أخرى».
وبعد مرور 7 أيام، تداولت وسائل الإعلام الحكومية صوراً في مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبت متابعين بالتعرف على أشخاص قالت إن لهم دوراً في الاضطرابات.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن طهران وأصفهان وبلوشستان وأرومية مركز أذربيجان الغربية وشيراز وتبريز وسنندج في كردستان شهدت أمس خروج مظاهرات متفرقة في أنحاء المدينة.
وقال ناشطون ليلة أول من أمس (الأربعاء) إن هتافات «الله أكبر» فوق أسطح المنازل أدت إلى نزول المتظاهرين في محيط شارع وليعصر وسط طهران، وفق مقطع مسجل تداولته شبكات التواصل.
وأظهرت لقطات فيديو على مواقع للتواصل الاجتماعي متظاهرين في خرم آباد، جنوب غربي إيران، ليلة أول من أمس، وهم يرشقون الشرطة بالحجارة مما أجبرها على التقهقر. وفي لقطات أخرى خرج مئات إلى الشوارع في مدينة أرومية التي تقع شمال غربي البلاد قرب الحدود التركية، وهم يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة.
وأظهرت لقطات متظاهرين في الأحواز الغنية بالنفط وهم يضرمون النار في بنك ليلة الأربعاء. وفي كرمانشاه نشر ناشطون مقطعاً يُظهِر تمركز قوات الأمن في وسط المدينة.
وتواصلت ردود الفعل المختلفة أمس على المستويين السياسي والعسكري، أمس، في إيران. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن قائد الجيش اللواء جنرال عبد الرحيم موسوي قوله: «رغم أن هذه الفتنة العمياء كانت من الصغر بحيث تمكن جزء من قوات الشرطة من وأدها في المهد... فإننا نطمئنكم بأن رفاقكم في جيش إيران سيكونون على استعداد لمواجهة من غرَّرَ بهم الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة)»، وفق ما نقلت «رويترز».
ومساحة إيران الشاسعة، والقيود التي تفرضها على وسائل الإعلام المستقلة، جعلت من الصعب تحديد حجم ومدى انتشار الاضطرابات. وقالت وكالة «إيلنا» العمالية إن السلطات رفعت أمس قيوداً كانت فرضتها على استخدام تطبيق إنستغرام، وهو إحدى الوسائل التي استُخدِمَت لحشد المحتجين. لكن استخدام «تلغرام»، وهو تطبيق الرسائل الأوسع انتشاراً، ظل مقيداً، في إشارة إلى أن السلطات لا تزال تشعر بالقلق من التهديد الذي تشكله الاحتجاجات.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم رئاسة البرلمان الإيراني بهروز نعمتي رفض البرلمان حجب تطبيق «تلغرام»، إلا أنه بالوقت ذاته اشترط رفع الحجب عن تطبيق «تلغرام» بحذف مواقع تدعو للتظاهر في إيران. وأشار في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية إلى تأثير حجب «تلغرام» على تفاقم أزمة البطالة في إيران.
وقال: «في الأيام الأخيرة واجه البعض مشكلات في مجال العمل»، وتابع أن «الحكومة تحاول تبحث عن بديل لتطبيق (تلغرام)»، مضيفاً: «إذا ما واصل هذا التطبيق عمله في ظل هذه الظروف فإنه يسبب المشكلات».
ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي قوله أمس (الخميس) إن «هناك 42 ألف شخص على الأكثر شاركوا في الاحتجاجات، وهو ليس بالعدد الكبير»، في دولة يقطنها 80 مليون نسمة.
وتباينت تصريحات فضلي مع قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري الذي قدر عدد «مثيري الشغب» بأنه لا يتعدى 15 ألفاً في أنحاء البلاد.
ومع انتشار الاضطرابات في أنحاء البلاد، خصوصاً في المدن الأصغر، يقول المحتجون إنهم سئموا الشعارات الرسمية المناهضة للغرب، وإنه آن أوان رحيل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، وحكومة الرئيس حسن روحاني.
ويشارك في المظاهرات أفراد من أبناء الطبقة العاملة، ولكنها بدأت كذلك في اجتذاب أبناء الطبقة الوسطى التي كانت عماد احتجاجات مطالِبة بالإصلاح عام 2009.
وبعد ستة أيام شهدت مظاهرات متواصلة، قال الحرس الثوري الإيراني، أول من أمس (الأربعاء)، إنه نشر قوات في ثلاثة أقاليم لإخماد الاضطرابات في المناطق، التي شهدت أكبر احتجاجات.
في هذا الخصوص، انتقد مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني حسام الدين أشنا تصريحات جعفري حول «نهاية الفتنة»، وقال عبر حسابه في «تويتر» إن إعلانه «لا يخدم صورة إيران العالمية». وتابع أن «مواجهة العنف في حركة احتجاجية واجب الشرطة، وإعلانها لوسائل الإعلام دور وزارة الداخلية، وليس الحرس الثوري».
وكانت هذه أوضح علامة على أن السلطات تأخذ أمر الاحتجاجات بجدية. وكان دور الحرس الثوري حاسماً في قمع انتفاضة 2009، التي تفجرت إثر مزاعم عن تزوير الانتخابات وقتل فيها العشرات.
ورغم البداية الاقتصادية للاحتجاجات، فإن المحتجين يزدادون جرأة، إذ ينادون بسقوط المرشد الإيراني علي خامنئي الذي يتهم عناصر أجنبية بإثارة أكبر تحدٍّ لحكمه المستمر منذ 29 عاماً. ويلقي خامنئي باللائمة في الاضطرابات على مَن يصفهم بـ«مثيري الفتن» وأنشطة العملاء الأجانب على مدى أكثر من عقد.
وبثّ التلفزيون الرسمي لقطات حية لمزيد من المسيرات المؤيدة للحكومة، اليوم (الخميس)، منها تجمعات في مدينة قائمشهر في شمال البلاد، وفي مشهد في الشمال الشرقي، إضافة إلى شاهين شهر في وسط إيران.
وحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها: «لا، لمثيري الشغب»، و«إيران ليست سوريا»، و«الموت لمثيري الفتن»، كما رفعوا صوراً لخامنئي. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن ثلاثة من عناصر الأمن قُتِلوا، أول من أمس، قرب الحدود مع العراق في اشتباك أدى إلى تفكيك مجموعة من «المعادين للثورة» خَطَّطَت لتنفيذ تفجيرات وإثارة اضطرابات.
وقالت وزارة المخابرات إن عدداً من «الإرهابيين» قُتِلوا في الاشتباك فيما اعتُقِل شخص واحد. ومن المعروف أن مسلحين أكراداً ينشطون في المنطقة.
أبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» أن فريقاً مكلفاً من جانب الحرس الثوري والقضاء الإيراني مراقبة المواقف الصادرة من الرئيس الإيراني حسن روحاني، وذلك بعد أيام من إعلان الكشف عن الصندوق الأسود للأحداث التي تفجرت في إيران.
وكان مكتب روحاني أعلن، في اليوم الثالث من خروج المظاهرات، السبت الماضي، أنه سيلقي كلمة عبر التلفزيون موجهة للإيرانيين، وبعد ساعات نقلت وكالات مقربة من الحكومة تسجيل كلمة لروحاني. ولم يبث التلفزيون أي موقف لروحاني، ولكن باليوم نفسه نشرت وكالات أول موقف له من الأحداث خلال اجتماع الحكومة الإيرانية. وأثارت الصحف الإيرانية تساؤلات حول غياب روحاني.
وقالت خدمة هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي بي سي) الفارسية، إن بحوزتها وثائق تُظهِر أن مقربين من الرئيس الإيراني حسن روحاني، بمن فيهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، كانوا عرضة لهجوم إلكتروني من قراصنة تابعين للحرس الثوري.
واستندت القناة على دراسة لمعهد كارنيغي حول وثائق تظهر أن مقربين من روحاني بمن فيهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ومستشار حسام الدين آشنا، ومساعدا وزير الخارجية عباس عراقجي وحميد تحت روانتشي، وشقيق روحاني حسين فريدون، ومساعدته شهين دخت مولاوردي، كانوا هدفاً لفريق القراصنة الإلكترونيين.
وقالت مصادر مطلعة من الخارجية الإيرانية لوكالة «إيسنا»، أمس، إن السفارة الإيرانية قدمت شكوى ضد وسائل إعلام ناطقة بالفارسية تأخذ لندن مقراً لها على خلفية تغطية الأحداث في إيران.
في هذا الصدد، قالت وسائل إعلام إيرانية إن القضاء استدعى عمدة طهران الأسبق وأمين عام حزب عمال البناء غلام حسين كرباسجي وحميد جلايي بور عضو اللجنة المركزية في «جبهة مشاركت»، على أثر شكوى تقدم به أمام ممثل خامنئي في مدينة مشهد أحمد علم الهدي.
وكان كرباسجي كشف في حسابه عبر شبكة «تلغرام» عن استدعاء علم الهدى إلى مجلس الأمن القومي الإيراني، على خلفية دعوته إلى التظاهر في مدينة مشهد، قبل أن يتراجع كرباسجي وينفي أن يكون لديه حساب على «تلغرام».



أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.