موسكو تعلّق عمل دبلوماسييها في صنعاء وتنقلهم لأداء مهامهم من الرياض

مقتل 20 قيادياً حوثياً في جبهات الحديدة ونهم والجوف

يمنيون تطوعوا لتنظيف شارعهم في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيون تطوعوا لتنظيف شارعهم في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

موسكو تعلّق عمل دبلوماسييها في صنعاء وتنقلهم لأداء مهامهم من الرياض

يمنيون تطوعوا لتنظيف شارعهم في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيون تطوعوا لتنظيف شارعهم في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

علّقت روسيا، أمس، تمثيلها الدبلوماسي في العاصمة اليمنية صنعاء، وأجلت دبلوماسييها ورعاياها. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: «نظراً للوضع في صنعاء، اتخذ قرار بتعليق الوجود الدبلوماسي الروسي بصورة مؤقتة في اليمن؛ موظفو السفارة الروسية كافة غادروا البلد»، مشيرة إلى أن السفير الروسي لدى صنعاء، فلاديمير ديدوشكين، والدبلوماسيين الآخرين سيستمرون في ممارسة مهامهم، لكن من الرياض.
بدوره، قال مصدر رسمي في قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن إن «خلية الإجلاء والعمليات الإنسانية» التابعة للتحالف تلقّت طلباً من الجهات الرسمية في روسيا بالسماح لطائرة روسية بإجلاء موظفي السفارة الروسية ومواطنين في صنعاء. وقال المصدر إن الطائرة هبطت في مطار صنعاء، وأجلت العاملين في السفارة كافة، وغادرت المطار في تمام الساعة 12:04، بتوقيت غرينتش.
ولم تقتصر جرائم الحوثيين على مطاردة أتباع صالح، ونشر القتل والدمار والترهيب في المدينة، بل طالت كذلك إعلاميين، بينهم مراسل غير متعاقد لوكالة «سبوتنيك» الروسية في صنعاء، الذي خطفته عصابات الحوثي منذ أيام، ولم ترشح أي معلومات منه حتى الآن. وقالت زوجة مراسل الوكالة الروسية، في حديث لوكالته، إن الاتصال مع زوجها انقطع منذ نحو أسبوع، وأضافت أن آخر مرة تحدثت معه كانت يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وحينها قال لها إنه بخير، وبعدها انقطع الاتصال معه. وأكدت أن عائلته تأمل بعودته، وأن أطفاله الخمسة، أكبرهم عمره 16 عاماً وأصغرهم عمره 3 سنوات، ينتظرون عودته إليهم.
إلى ذلك، أكد العميد عبده عبد الله مجلي، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني اليمني، لـ«الشرق الأوسط» مقتل قرابة 20 قيادياً بارزاً ضمن الميليشيات الحوثية في جبهات نهم وتعز والجوف، بينهم 15 قيادياً في جبهة الحديدة استهدفهم طيران التحالف العربي، الأمر الذي تسبب في فرار أفراد الميليشيات باتجاهات مختلفة خوفاً من السقوط في قبضة الجيش.
وتراجعت الميليشيات الحوثية في كثير من مديريات إقليم تهامة نتيجة سقوط قياداتها، أبرزهم مقبول الجرب أبو قحطان و7 من مرافقيه في منطقة حيران بغارات التحالف، وعلي حليصي المدعو أبو مالك، إضافة إلى القيادي الحوثي نادي حميد قاسم هيكل مع عدد من مرافقيه قرب مديرية حيس، وعبد الرحمن الدحنو الذي لقي مصرعه على خط التحيتا في محافظة الحديدة.
وأوضح مجلي أن الضربات التي قام بها التحالف كانت قوية ومركزة على مواقع تجمع الحوثيين في حيس والجراحي والدريهمي والجاح، ونجحت في استهداف قرابة 15 قيادياً بارزاً من الميليشيات ممن يديرون المعارك في مواقع مختلفة. ورأى العميد مجلي أن سقوط هذا العدد الكبير من القيادات في جبهة واحدة يعد مهماً وعاملاً رئيسياً للجيش في المرحلة المقبلة، وسيدفع بالتقدم على نحو ملحوظ.
وأضاف أن ضربات طيران التحالف غيّرت الواقع على الأرض، إذ أدى قتل هذه القيادات إلى هروب الميليشيات في الجبهات أمام ضربات الجيش الوطني، وهذا سيعجل بالتقدم نحو المديريات في اتجاه الحديدة، لافتاً إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة وضع خطة، بإشراف رئيس الجمهورية، بهدف التقدم نحو ميناء الحديدة لوقف عمليات تهريب الأسلحة الآتية من إيران.
وقال إن قوات التحالف العربي تقدم إسناداً جوياً وبحرياً لدعم الجيش في تقدمه بشكل متسارع يتوافق مع النجاحات التي تتحقق على الأرض، مؤكداً التعاون الكبير من المواطنين مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في المواقع التي يزحف إليها الجيش، ومشدداً على أن تقدم الجيش الوطني نحو الحديدة سيكون متسارعاً بعد تحرير مديرية «الخوخة» بالكامل، والتوغل في مديريات «التحيتا» و«الفازة» و«حيس».
وفور دخول الجيش إلى المديريات والمواقع التي تسيطر عليها الميليشيات، وفقاً للعميد مجلي، تزيل الطواقم الهندسية ما زرعته الميليشيات الحوثية من ألغام في الطرقات العامة وقرب منازل المدنيين بهدف تأخير تقدم الجيش إلى مواقع أخرى، خصوصاً أن الجيش يهتم في المقاوم الأول بسلامة المواطنين قبل أي عملية عسكرية.
إلى ذلك، أوضح الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث الرسمي باسم «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، أن ميناء الحديدة وصليف يستقبلان المساعدات الإنسانية والإغاثية، وقد دخلت عبرهما سفن تابعة لبرنامج الأغذية العالمي. وعبر عن استياء المركز من دعوة منسق الشؤون الإنسانية لليمن جيمي ماكغولدريك المنافية لما هو على أرض الواقع. وقال: «نلاحظ أن خلية الإجلاء تستقبل طلبات دخول السفن بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وبعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش إلى اليمن (UNVIM)، ما يعني توثيق ذلك في الأمم المتحدة».
وشدد على أن قوات التحالف لم تعق دخول أي مساعدات إنسانية إلى اليمن عبر المطارات والموانئ اليمنية، مؤكداً أن مساعدات المركز لم تتوقف، وكذلك مساعدات منظمات الأمم المتحدة، إذ أرسلت منظمة اليونيسيف طائرة محملة بـ15 طناً من تطعيمات الأطفال إلى مطار صنعاء، فيما بعثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر طاقماً مكوناً من 8 موظفين عبر مطار صنعاء، واستأنف برنامج الأغذية العالمي دخول المساعدات إلى موانئ الحديدة وصليف.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.