قوات النظام تستعد لعملية في مثلث القنيطرة ـ درعا ـ دمشق

المعارضة تسيطر على المرتفعات وتستعد لصد الهجوم

مظاهرة تضامنية مع القدس في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة تضامنية مع القدس في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

قوات النظام تستعد لعملية في مثلث القنيطرة ـ درعا ـ دمشق

مظاهرة تضامنية مع القدس في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة تضامنية مع القدس في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)

يستعد النظام السوري لعملية عسكرية في الجنوب السوري لقضم مناطق سيطرة المعارضة في الريفين الغربي والشمالي لمحافظة درعا، ويبدأ من قرية زمرين شرق إنخل، التي تعد خط تماس بين المعارضة وقوات النظام، بحسب ما ذكرت وكالة «فارس» الإيرانية، فيما تستعد قوات المعارضة لصد الهجوم الذي تشكك في نجاحه.
وقالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن فرص تحقيق خرق لدى النظام في «مثلث الموت»، وهو المثلث الجغرافي الذي يربط شمال درعا بشرق القنيطرة وجنوب ريف دمشق الغربي؛ «قليلة جداً»، مؤكدة أن الفصائل «مستعدة، وتمتلك أفضلية لناحية تمركزها على المرتفعات والتلال في المنطقة، وهو ما يصعب مهمة النظام لتحقيق أي خرق». وقالت إن قوات النظام «والميليشيات المتحالفة معها حاولت مرات السيطرة على تلة الحارة، لكنها فشلت في ذلك».
وتلة الحارة تعد أعلى المرتفعات الجغرافية في «مثلث الموت»، وسيطرت قوات النظام على جزء منها في مطلع عام 2015 قبل أن تخسر نقاط سيطرتها، وذلك في عملية عسكرية واسعة بدأتها في منطقة دير العدس في ريف درعا الشمالي بهدف تأمين خط إمداد النظام إلى مدينة درعا، ودفع فصائل المعارضة إلى الغرب.
لكن استراتيجيتها هذه المرة تبدلت؛ إذ باتت هناك أهداف أخرى؛ أهمها التوسع إلى العمق في ريف درعا الغربي وملامسة الحدود الإدارية مع منطقة القنيطرة وعزل المعارضة في ريف القنيطرة الشمالي عن مناطق سيطرة المعارضة في ريف درعا الغربي، عبر فصل المساحات الجغرافية والتوغل فيها، والوصول إلى منطقة تلة الحارة الذي تمكنها من الإشراف على مناطق سيطرة المعارضة نارياً في المنطقة.
وقال قائد جيش «المعتز بالله» في الجبهة الجنوبية النقيب براء النابلسي إن الوصول إلى الحارة «مستحيل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «نقاط التماس المباشر بين النظام والمعارضة تقع في تل كرين وجديا باتجاه إنخل»، مضيفاً: «هناك مسافة كبيرة تفصل الحارة عن أولى مناطق التماس مع النظام، أهمها تل بزاك وتل العلاقيات وجديا وإنخل». وشدد على أن السيطرة على المنطقة الخاضعة الآن لاتفاقيات «خفض التصعيد» مستحيلة «لأن الأرض مناسبة للثوار الذين يسيطرون على تلال ومرتفعات، إضافة إلى وجود فصائل قوية مثل (جيش الأبابيل) و(جيش الثورة)، وسائر الفصائل الموجودة بقوة»، واضعاً تلميحات النظام للوصول إلى تلة الحارة «في سياق الدعاية لرفع معنويات جنوده الذين فشلوا مرارا في الوصول إلى المنطقة».
وكشفت وكالة «فارس» الإيرانية عن تفاصيل جديدة للهجوم المرتقب الذي يحضر له النظام السوري المدعوم بالميليشيات الإيرانية و«حزب الله» على منطقة «مثلث الموت» في الجنوب السوري. وقالت الوكالة في تقرير لها إن «النظام يحضر للهجوم شمال درعا، وتحديداً قرية زمرين شرق إنخل، التي تعد خط تماس بين المعارضة وقوات النظام»، مشيرة إلى أن الهجوم «سيطال الصمدانية والحمدانية في القنيطرة»، لافتة إلى أن منطقة «مثلث الموت» ستشهد معارك قريباً. ونقلت الوكالة عن مصادر أن «النظام وجه جنوده ومعداته لنشرها في قاعدة جدية، غرب الصنمين، التي حاولت فصائل المعارضة مراراً السيطرة عليها، إلا أنها فشلت في ذلك».
وأفاد موقع «الدرر الشامية» بأن قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية إلى مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي ومحافظة القنيطرة، ونقل عن مصادر أن النظام وجه جنوده ومعداته لنشرها في قاعدة «جدية»، غرب الصنمين، كما نشر قواته في مدينة البعث وتل الأحمر في القنيطرة.
وتتسم الجبهات في الجنوب السوري بتماسك قوات المعارضة والنظام فيها إلى حد بعيد، حيث تحافظ كل القوى على سيطرتها في المنطقة منذ عام 2016، من غير أن تخضع قواعد السيطرة إلى أي تعديل استراتيجي. وحاول النظام التقدم باتجاه الشيخ مسكين مرتين على الأقل خلال العام الحالي، لكنه فشل في ذلك، قبل أن تقيد الاتفاقات الدولية المرتبطة بوقف التصعيد منذ مايو (أيار) الماضي، كل الأطراف.
وخلافاً لجبهات الجنوب، شن النظام هجوماً على بلدة بيت جن الأسبوع الماضي في الريف الغربي للعاصمة السورية، وهي آخر البلدات الحدودية مع لبنان. كما حقق سيطرة واسعة على الشريط الحدودي مع الأردن في شرق سوريا خلال الأشهر الماضية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.