رفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، مبادرة إقليم كردستان التي طرحت «تجميد» نتائج استفتاء الانفصال الذي أجراه الإقليم الشهر الماضي، وتمسك بـ«إلغاء الاستفتاء والالتزام بالدستور» قبل بدء الحوار مع أربيل. وشدد على «المضي قدماً في بسط السلطة الاتحادية وتنفيذ استراتيجية إخضاع هذه المناطق (المتنازع عليها) لسلطة الدولة».
وجاءت تصريحات العبادي خلال زيارته لطهران التي اختتم بها، أمس، جولة إقليمية شملت السعودية ومصر والأردن وتركيا. وأتت الجولة في إطار سعي العبادي إلى كسب الدعم الإقليمي في الحرب ضد الإرهاب، وإعادة الإعمار، وأزمة الاستفتاء الكردي.
والتقى العبادي المرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، ونائب الرئيس إسحاق جهانغيري، وكبار المسؤولين الإيرانيين. وأشار بيان صادر عن العبادي إلى أنه ركز خلال المحادثات التي أجراها مع المسؤولين الإيرانيين على «إنهاء التدخلات التي أدت إلى المزيد من الدمار والضحايا والنازحين». وشدد على «أهمية إيران بالنسبة إلى العراق وعموم المنطقة وأمنها واستقرارها وازدهارها».
وجدد خامنئي خلال استقباله العبادي تحفظات إيرانية على التعاون بين بغداد وواشنطن، فيما أعلن كبار المسؤولين الإيرانيين دعم الحكومة العراقية ضد استفتاء إقليم كردستان. وطالب روحاني ونائبه جهانغيري، الحكومة العراقية باتخاذ خطوات عملية على صعيد التعاون البنكي والاقتصادي بين الجانبين، إضافة إلى مشاركة طهران في إعادة إعمار العراق.
وأجرى العبادي مشاورات مع جهانغيري ورئيس البرلمان علي لاريجاني ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام محمود هاشمي شاهرودي. ونقلت وكالات إيرانية عن خامنئي «تأييده وحدة أراضي العراق»، مشدداً على أنه «بلد مؤثر ومهم في العالم العربي». وأعرب عن دعمه تعزيز العلاقات بين بغداد وجيرانها، إلا أنه قال للعبادي: «لا تأمنوا مكر أميركا... ستضركم في المستقبل». وقال العبادي في لقائه مع خامنئي: «نحافظ على وحدة وانسجام العراق، ومثلما قلنا سابقاً لإخواننا في إقليم كردستان، لن نسمح بتعرض بلدنا لخطر التقسيم».
وأشاد روحاني بمواقف الحكومة العراقية في التوتر بين بغداد وأربيل بعد استفتاء إقليم كردستان، وقال إن «مكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية التي تضر بانسجام الأراضي العراقية ووحدتها، يجب أن تتواصل، وطهران تريد دعم الحكومة المركزية في بغداد». ورأى أن المشاورات والعلاقات الوثيقة بين الجانبين تساعد على تنمية العلاقات الإقليمية، نافياً أن تكون إيران تسعى وراء فرض الهيمنة على المنطقة. وقال: «لا نرى سببا لاستمرار الخلافات والتوترات بين دول المنطقة».
إعادة الإعمار وعائق العلاقات البنكية
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال الرئيس الإيراني لدى استقباله العبادي، إن «طهران مستعدة بكل قدراتها للمشاركة في مسار إعادة إعمار العراق وتنميته». وشدد على جاهزية بلاده «لتقديم الخدمات الهندسية للعراق»، كما اشترط تنمية العلاقات البنكية بهدف تسهيل العلاقات التجارية والاقتصادية وتسهيل الرخص التجارية بين إيران والعراق.
تصريحات روحاني عن العلاقات البنكية سبقتها انتقادات وجهها نائبه خلال لقائه العبادي؛ إذ أعرب جهانغيري عن عدم ارتياح إيراني للحركة التجارية البطيئة بين طهران وبغداد، وقال إن «العلاقات بين البلدين مثالية، لكن من المؤسف أن مستوى العلاقات الاقتصادية لم يتقدم وفق التوقعات». وعدّ العلاقات البنكية بين البلدين «ضعيفة». وأضاف: «رغم إجراء مفاوضات كثيرة بين مسؤولي البنكين المركزيين الإيراني والعراقي، فإن العلاقات البنكية دون المستوى المطلوب، ولم يجر تنفيذ الاتفاقيات على هذا الصعيد».
وطالب جهانغيري مسؤولي البلدين بالعمل على تنمية العلاقات، معرباً عن أمله في أن «يستعيد العراق مكانته بين الدول الإسلامية والعربية بعد إعادة الإعمار». وشدد على «ضرورة التعاون في مجالات الغاز والسكك الحديدية»، مؤكداً «ضرورة إقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين». وأعرب عن استعداد الحكومة «لتشجيع القطاع الخاص الإيراني على الاستثمار في العراق».
وكان روحاني وجهانغيري تعرضا لانتقادات لاذعة من مرشحي التيار المحافظ في المناظرات التلفزيونية التي جرت بين مرشحي الرئاسة الإيرانية بسبب أفضلية تركيا على إيران في السوق العراقية. واتهم مرشحو التيار المحافظ حينذاك إدارة روحاني بتجاهل النشاط الاقتصادي في العراق وعدم حصول إيران على مكاسب اقتصادية في ظل علاقاتها المتقاربة مع بغداد.