رغم تأكيدات رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، أمس، أن الوقت قد فات على الحديث عن بديل لإجراء الاستفتاء على الاستقلال، معرباً عن استعداد الإقليم لعقد اجتماعات جدية بعد الاستفتاء، فإن ملا بختيار، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، دعا القيادة الكردستانية إلى أخذ البديل الذي تطرحه الدول الكبرى على محمل جد ودراسة تفاصيله.
وقال بارزاني خلال اجتماعه مع ممثلي سهل نينوى في مدينة دهوك أمس: «الاستفتاء وسيلة وليس هدفاً، لقد قلنا إذا كان هناك بديل أفضل فأهلاً وسهلاً، لكن الوقت فات على الحديث عن بديل، وبعد الاستفتاء نحن مستعدون لعقد اجتماعات جدية».
من جهته، هدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس، باستخدام القوة العسكرية في حال أدى استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان إلى تفجر أعمال عنف. وأضاف: «إذا تعرض العراقيون لتهديد باستخدام العنف خارج القانون عندها سنتدخل عسكرياً».
ويعتبر العبادي استفتاء كردستان غير دستوري. وفي هذا السياق، قال في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»: «إذا تحديت الدستور وإذا تحديت حدود العراق وحدود الإقليم، فإن هذا بمثابة دعوة علنية إلى دول الإقليم أيضاً لانتهاك حدود العراق، ما يشكل تصعيداً خطيراً للغاية». ورداً على قول القادة الأكراد إنهم يأملون أن يدفع الاستفتاء بغداد إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، قال العبادي إن الاستفتاء «سيزيد الصعوبات»، لكنه أكد: «لن أوصد الباب أبداً أمام التفاوض والمفاوضات دائماً ممكنة».
وقدم التحالف الدولي بقيادة واشنطن والأمم المتحدة خلال الأيام الماضية بديلاً إلى القيادة الكردستانية كشفت «الشرق الأوسط» بعض تفاصيله في عددها الصادر أمس عن إجراء الاستفتاء في موعده المحدد في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، حيث من المقرر أن يبحث المجلس الأعلى للاستفتاء البديل في إقليم كردستان خلال الأسبوع الحالي. وأمس، أوردت وكالة الصحافة الفرنسية تفاصيل أخرى عن المقترح الذي قالت إن الأمم المتحدة قدمته لبارزاني الخميس يقضي بالعدول عن الاستفتاء في مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل في مدة أقصاها 3 سنوات. وبحسب الوثيقة التي قدمها المبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيس، فإن المقترح يقضي بشروع الحكومة العراقية وحكومة الإقليم على الفور بـ«مفاوضات منظمة، وحثيثة، ومكثفة (...) من دون شروط مسبقة وبجدول أعمال مفتوح على سبل حل كل المشكلات، تتناول المبادئ والترتيبات التي ستحدد العلاقات المستقبلية والتعاون بين بغداد وأربيل». ويتعين على الجانبين اختتام مفاوضاتهما خلال عامين أو 3 أعوام، ويمكنهما الطلب «من الأمم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي، تقديم مساعيهما الحميدة سواء في عملية التفاوض أو في وضع النتائج والخلاصات حيز التنفيذ». في المقابل، «تقرر حكومة كردستان عدم إجراء استفتاء في 25 سبتمبر».
وتحدد الوثيقة أن «يبقى مجلس الأمن متابعاً لتنفيذ هذا الاتفاق من خلال تقارير منتظمة يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة». وبعد نكسات عدة، وفيما تتهم كردستان بغداد بعدم الوفاء بوعودها، تعتزم الأمم المتحدة طمأنة أربيل من خلال الالتزام بلعب دور رئيسي. ورداً على سؤال، أكد كوبيس أن «هناك عرضاً، إذا وافق (الأكراد) على هذا البديل فسيتم إجراء مفاوضات»، مشيراً إلى أنه يتوقع رداً من بارزاني خلال «يومين أو 3».
وفي خضم الاستعدادات الحالية لإجراء استفتاء الاستقلال والإصرار الشعبي عليه في كردستان، دعا أمس مسؤول الهيئة التنفيذية في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، ملا بختيار، في مؤتمر صحافي إلى أخذ البديل الذي تطرحه الدول الكبرى على محمل الجد، وقال: «ننتظر إعلامنا بالتفاصيل الدقيقة لهذا البديل، وستكون لنا اجتماعات مهمة خلال اليومين المقبلين لتقييم البديل الذي يجب أن يكون على مستوى حل المشكلات، هذا البديل سيتم بحثه في مجلس الأمن الدولي كمشروع يشمل العراق كله». وشدد بختيار: «نحن نريد الضمانات المتعلقة بهذا البديل، حيث يجب أن يكون بديلاً من أجل تطبيق الديمقراطية والدستور وحل المشكلات، وليس فقط لحماية المكاسب الحالية ويجب أن تكون هناك ثقة حول مستقبل هذا المشروع».
بدوره، نفى النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني في برلمان كردستان، خلف أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك أي انقسام في القرار السياسي في إقليم كردستان حول الاستفتاء، مضيفاً أن «موقف معظم الأحزاب السياسية الكردستانية في هذا الشأن موحد؛ الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني موقفهما واحد من الاستفتاء على الاستقلال، وبرلمان كردستان أعطى الصلاحيات الكاملة للسلطات التنفيذية في كردستان لتنفيذ أي قرارات تجدها مناسبة لتثبيت حق تقرير المصير».
وأيد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، فرست صوفي، كلام النائب عن الاتحاد الوطني، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الآن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني في صف واحد، ويبحثان معاً مسألة البديل، والرئيس بارزاني يؤكد دائماً أنه إذا قدم المجتمع الدولي أو الولايات المتحدة الأميركية بديلاً ملموساً عن إجراء الاستفتاء في إطار جدول زمني يرضي شعب كردستان نحن مستعدون لبحثه، لكن إذا قالوا لنا اذهبوا إلى بغداد وتفاوضوا معها لحل المشكلات ونحن سنساندكم، هذا لا يعتبر بديلاً، لأننا نواصل التفاوض حول حل المشكلات مع بغداد منذ نحو 10 أعوام دون أن نحرز تقدماً ولو طفيفاً».
وتابع: «البديل يتمثل في تقديم المجتمع الدولي ضمانات ضمن سقف زمني محدد وبقرارات دولية ملموسة إلى شعب كردستان».
بدوره، قال عضو المجس الأعلى للاستفتاء في كردستان ورئيس حزب التنمية التركماني، محمد سعد الدين، إنه بعد المصادقة على الاستفتاء في برلمان كردستان لا يستطيع المجلس الأعلى للاستفتاء أن يؤجل الاستفتاء أو يلغيه، لأنه أصبح قراراً صادراً عن برلمان الإقليم، مؤكداً أن الاستفتاء «سيجري في موعده المحدد، أما المطالبات التي يتلقاها الإقليم خلال الفترة المقبلة من أجل التفاوض مع بغداد والمقترحات والبدائل، فكلها ستُبحث في مرحلة ما بعد الاستفتاء، أي مرحلة الإعداد للاستقلال».
حزب طالباني يدعو لبحث البديل الغربي «جدياً»... وبارزاني: فات الأوان
الأمم المتحدة عرضت مفاوضات تفضي لاتفاق يتابع مجلس الأمن تنفيذه... والعبادي يلوح بالقوة إذا وقعت أعمال عنف
حزب طالباني يدعو لبحث البديل الغربي «جدياً»... وبارزاني: فات الأوان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة