مناورات روسية «استفزازية» على حدود الاتحاد الأوروبي

«الأضخم منذ نهاية الحرب الباردة»... والغرب يصفها بـ«حصان طروادة»

قوات روسية وبيلاروسية مشاركة في مناورات «الغرب 2017» (أ.ب)
قوات روسية وبيلاروسية مشاركة في مناورات «الغرب 2017» (أ.ب)
TT

مناورات روسية «استفزازية» على حدود الاتحاد الأوروبي

قوات روسية وبيلاروسية مشاركة في مناورات «الغرب 2017» (أ.ب)
قوات روسية وبيلاروسية مشاركة في مناورات «الغرب 2017» (أ.ب)

أطلقت القوات الروسية والبيلاروسية يوم أمس المرحلة الأولى من مناورات «الغرب 2017»، الأكبر من نوعها بين البلدين، والتي يصفها محللون غربيون بأنها «الأضخم منذ نهاية الحرب الباردة»، والتي تصر موسكو على أنها «محض دفاعية» لكن بعض الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي تعتبرها عرضا للقوة.
وعبرت دول البلطيق وعدد من الدول الأوروبية عن قلقها إزاء هذه المناورات، إلا أن موسكو ومينسك أكدتا أنها تدريبات ذات طابع دفاعي ولا تستهدف أي طرف كان.
واتهمت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا غيرترود فون دير لاين موسكو بانتهاك معاهدة فيينا الخاصة بتنظيم أعداد القوات المشاركة في المناورات العسكرية، حين أكدت أن 100 ألف جندي روسي وبيلاروسي سيشاركون في مناورات «الغرب - 2017»، إلا أن روسيا نفت ذلك وأكدت أن المشاركة ضمن الحدود التي تنص عليها المعاهدة. وقال ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي إن نحو 13 ألف عسكري سيشاركون في المناورات، وتحديداً 5500 جندي وضابط بيلاروسي، 3 آلاف منهم على الأراضي البيلاروسية، ومن الجيش الروسي سيشارك 7200 جندي وضابط روسي.
وقال الخبير العسكري الروسي الكسندر غولتس لوكالة فرنس برس إن موسكو «تتلاعب بمهارة بأرقام المناورات كتلك، كي لا تضطر إلى دعوة مراقبين أجانب». وأضاف «أن روسيا وفي كل المناورات تعمل على سيناريو واحد، وهو كيفية نشر القوات بسرعة».
وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الأحد إن هذه التدريبات «أعدت لاستفزازنا واختبار قدراتنا الدفاعية لذلك يجب أن نكون أقوياء». وأضاف «روسيا تختبرنا، تختبرنا الآن في كل فرصة. نرى روسيا أكثر عدوانية، علينا التعامل مع الأمر».

وتأتي المناورات مع بلوغ التوتر بين روسيا والحلف الأطلسي أوجه منذ الحرب الباردة على خلفية تدخل الكرملين في أوكرانيا وتعزيز الحلف بقيادة أميركية قواته في أوروبا الشرقية.
تستمر المناورات ستة أيام، ابتداء من أمس الخميس وتستمر لغاية 20 سبتمبر (أيلول) الجاري، وستجري في ميادين تدريبات عسكرية على الأراضي البيلاروسية، وميادين على الأراضي الروسية، بما في ذلك في مقاطعتي كاليننغراد وليننغراد على بحر البلطيق.
والهدف من المناورات الحالية وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية هو «ضمان أمن الدولة الاتحادية» (أي روسيا وبيلاروسيا)، وأكدت الاستفادة خلال وضع خطة المناورات من الأساليب العصرية لاستخدام القوات المسلحة، ومن التجارب في الحروب الإقليمية، والنزاعات المسلحة بما في ذلك أخذت خطة المناورات الخبرة المتراكمة خلال تجربة العملية العسكرية الروسية في سوريا بالحسبان. وسيتوجب على القوات المشاركة التصدي لمجموعة إرهابية (افتراضية) تسللت إلى أراضي الدولة الاتحادية لتنفيذ عمليات إرهابية.
وتكشف التفاصيل الأخرى لخطة المناورات أن الحديث لا يدور عن التصدي لمجموعة إرهابية تضم العشرات من المقاتلين، وإنما لتجمعات كبيرة تسيطر على مساحات واسعة، وتحصل على دعم لوجستي وعسكري.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أكدت أن القوات ستقوم خلال المناورات بالتصدي لمجموعة إرهابية (افتراضية)، وستقدم المقاتلات والقاذفات الجوية الدعم للقوات البرية، بينما ستقوم مجموعة السفن الحربية في بحر البلطيق بعمليات لقطع طرق إمداد الإرهابيين، الذين يحصلون على ذلك الدعم عبر الأجواء والبحر والبر، وفق ما جاء في سيناريو المناورات. وفضلا عن 13 ألف جندي، سيشارك في التصدي للعدو الافتراضي في المناورات 70 طائرة بين مقاتلات ومروحيات، و680 آلية حربية بما في ذلك 250 دبابة و200 مدفع وراجمة صواريخ، و10 سفن حربية. وسيتخلل المناورات عمليات إنزال جوي والتدريب على نقل القوات مسافات طويلة من مواقعها الدائمة إلى مسرح العمليات القتالية.
ومنذ الإعلان عنها، أثارت مناورات «الغرب - 2017» قلق خصوم روسيا في الغرب. وحذر الجنرال بن هوجس، قائد القوات البرية الأميركية من أن المناورات قد تكون بمثابة «حصان طروادة» روسي، وأوضح أن روسيا ربما تستغل هذه المناورات لتبقي أسلحتها على الأراضي البلاروسية، وقال إن الناس يشعرون بالقلق من احتمال أن يتفاجأوا بنشر روسيا لوحدات من قواتها وأسلحتها في المنطقة القريبة من دول البلطيق وبولندا وأوكرانيا. أما الرئيس الأوكراني فلم يستبعد أن روسيا تخفي تحت اسم «مناورات الغرب - 2017» خطة لتشكيل وحدة قوات ضاربة بهدف شن هجوم على الأراضي الأوكرانية. وقال في خطابه السنوي أمام البرلمان الأوكراني في 7 سبتمبر: «لا يوجد حتى الآن مؤشرات تدل على أن روسيا مستعدة للتخلي عن دونباس والخروج من القرم»، ووضع بالمقابل مناورات «الغرب - 2017» ضمن الأدلة التي قال إنها تشير إلى استعداد روسيا لحرب هجومية على مستوى إقليمي، وحذر بوروشينكو من أن «7 آلاف عسكري وتقنيات يقتربون أو سيقتربون من حدودنا، ولا يوجد أي ضمانات بعودة هذه القوة العسكرية بعد المناورات من بيلاروسيا إلى روسيا».
كما تشعر جمهوريات البلطيق بالقلق من المناورات، وقال العميد ريميغيوس بالتريناس، مدير قسم العمليات في وزارة الدفاع الليتوانية: «عندما تجري مناورات واسعة بالقرب من الحدود، مع حشد كبير للقوات المسلحة، يبقى قائما خطر وقوع عمل استفزازي متعمد أو غير متعمد»، واتهم روسيا بأنها «تسعى لفرض هيمنتها عسكرياً على المنطقة» أي منطقة البلطيق، ولفت إلى أن القوات الروسية تواصل تعزيز تواجدها وقدراتها في المنطقة الغربية، بالقرب من ليتوانيا. وتقول الاستخبارات العسكرية الليتوانية إن روسيا «تستعرض بوضوح استعدادها لنزاع مسلح طويل الأمد مع الغرب، وسياستها الخارجية تصبح أكثر عدوانية».
وكانت روسيا وبيلاروسيا أكدتا أكثر من مرة أن جميع الأسلحة والقوات المشاركة في المناورات ستعود إلى الأراضي الروسية، وأن 80 مراقبا دوليا سيراقبون سير التدريبات وانتشار القوات. واستهجنت وزارة الدفاع الروسية الانتقادات الغربية، وقال الجنرال أندريه كارتابولوف، قائد القوات في مناطق غرب روسيا، إن الناتو أجرى خلال الفترة من شهر يونيو (حزيران) ولغاية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري نحو 50 مناورة وتدريبا عسكريا، شارك فيها نحو 60 ألف عسكري، بما في ذلك قوات أميركية، وأكد التزايد المستمر لمناورات وتدريبات الناتو بالقرب من الحدود الروسية. وفي تعليقه على المواقف الغربية من المناورات، قال ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي، في تصريحات يوم أمس الخميس، إن «الناتو هو من قام بنشر قوات على حدودنا. ويمكنكم أن تلاحظوا أن روسيا لم تنشر قوات على الحدود مع فرنسا أو ألمانيا»، وحمل حلف شمال الأطلسي المسؤولية عن «تحريك الأمور» وخلق حالة القلق والتوتر العسكري بين الجانبين، وقال إن مناورات «الغرب - 2017» لا تشكل مبررا للناتو كي ينشر قواته مباشرة عند الحدود الروسية.

- اختبار قدرات {ميغ SMT 29} القتالية
أفادت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أمس الخميس بأن وزارة الدفاع الروسية أرسلت إلى قاعدة «حميميم» 4 مقاتلات حديثة من طراز ميغ SMT 29. التي تسلمها الجيش الروسي في ديسمبر (كانون الأول) 2015. ونوّهت الصحيفة بأنه تم إرسال هذه الطائرات الحربية بهدف توفير التدريب القتالي العملي لأكبر عدد ممكن من الطيارين واختبارها في ظروف الحرب الحقيقية. وميغ 29 SMT، هي مقاتلة ذات مقعد واحد متعددة الوظائف والمهام، ونسخة مطورة من مقاتلة من طراز ميغ 29 SM ولكن مع معدات ملاحية وأجهزة قيادة وتوجيه جديدة تماما وزيادة في كمية الأسلحة التي تحملها مع زيادة مسافة تحليقها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».