عدّت مستشارة الدولة في ميانمار، أونغ سان سو تشي، أمس أن «كمّا هائلا من الأخبار المضللة» يغذي السخط العالمي على معاملة بلادها أقلية الروهينغا المسلمة، وذلك بعد أن دعت الأمم المتحدة حكومتها إلى وضع حد للعنف الذي أجبر 125 ألفا على الفرار إلى بنغلاديش.
وهذا الموقف هو الأول منذ اندلاع موجة العنف الجديدة في آخر أغسطس (آب) الماضي لأونغ سان سو تشي، الحائزة جائزة نوبل للسلام والتي تواجه حكومتها انتقادات دولية متزايدة لصمتها عما يجري لأقلية الروهينغا من عنف.
وقالت في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن التعاطف الدولي مع مسلمي الروهينغا هو نتيجة «كمّ هائل من المعلومات المضللة التي أعدت لخلق كثير من المشكلات بين مختلف المجموعات ولمصلحة الإرهابيين»، على حد قولها. وسبق أن ندد إردوغان مرارا بتعامل سلطات ميانمار مع الروهينغا، متحدثا عن «إبادة جماعية» في ولاية راخين الواقعة شمال غربي ميانمار. لكن سو تشي دافعت عن إجراءات حكومتها، قائلة إن إدارتها «تدافع عن جميع السكان» في تلك المنطقة.
وتواجه حكومة سو تشي إدانة دولية متزايدة لرد الجيش، إضافة إلى روايات اللاجئين عن عمليات قتل واغتصاب وإحراق قرى بأيدي جنود ميانمار. وتوالت الإدانات الدولية والعربية لحكومة ميانمار والعنف الذي أودى بحياة آلاف الأبرياء وتشريد عشرات الآلاف منهم. وطالبت مصر سلطات ميانمار بتوفير «الحماية اللازمة لمسلمي الروهينغا»، فيما أدان الأردن الجرائم والاعتداءات والمجازر الوحشية التي ترتكب ضد هذه الأقلية. وقال محمد المومني، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، في بيان أمس إن هذه الجرائم التي ترتكب بحق مسلمي الروهينغا تنم عن وحشية وإرهاب يستهدف قتل النفس البشرية دونما سبب. وأضاف أن على حكومة ميانمار تحمل كامل المسؤولية عن هذه الجرائم البشعة، كما أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية في حفظ حقوق الأقليات وحرية الأديان والمعتقدات.
بدورها، أدانت البحرين بشدة ما يتعرّض له مسلمو الروهينغا من انتهاكات. وأفادت وكالة أنباء البحرين أن المنامة تؤكد دعمها التام لجميع الجهود الرامية لإلزام السلطات في ميانمار بحماية مسلمي الروهينغا، وتسهيل وصول أشكال الإغاثة والعون لهم، بما يضع حدا لهذه المأساة.
وتدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين الروهينغا عبر الحدود إلى بنغلاديش، هربا من عملية أمنية واسعة في ولاية راخين غرب ميانمار، في أعقاب هجمات لمسلحين من الروهينغا على مراكز شرطة في ميانمار في 25 أغسطس الماضي.
وقالت فيفيان تان، المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة: «إنها أزمة إنسانية متصاعدة». وقال اللاجئ علي أحمد (38 عاما)، لوكالة الصحافة الفرنسية، وقد بدا منهكا: «سرت 7 أيام مع أسرتي، حاملا والدتي البالغة 90 عاما على ظهري». وعثر في شواطئ بنغلاديش على جثث 5 أطفال أمس بعدما غرق قاربهم.
وقالت غول بهار، وهي والدة 6 أبناء، إنها قايضت مجوهراتها برحلة مركب. وأضافت: «وصلنا بسلام بحمد الله، لكننا الآن لسنا سوى لاجئين معدمين».
ويعاني الروهينغا البالغ عددهم نحو مليون شخص من تمييز في ميانمار. وتعدهم سلطات ميانمار مهاجرين غير شرعيين، علما بأنهم يعيشون منذ عقود في هذا البلد ذي الغالبية البوذية. وهم غير قادرين على العمل أو دخول المدارس والمستشفيات. وقد ازداد وضعهم سوءا مع المد القومي البوذي الذي يشهده هذا البلد.
ويزداد الغضب في الدول المسلمة خصوصا؛ فقد تظاهر الآلاف في جاكرتا الأربعاء أمام سفارة ميانمار مطالبين بإنهاء أعمال العنف. وقالت الناشطة الباكستانية الحائزة جائزة نوبل للسلام ملالا يوسفزاي: «قلبي ينفطر كلما شاهدت الأخبار، قلبي ينفطر إزاء معاناة الروهينغا المسلمين في بورما». وأضافت: «في السنوات الأخيرة كررت إدانتي هذه المعاملة المأساوية والمخزية (للروهينغا). ما زلت أنتظر من زميلتي أونغ سان سو تشي فعل المثل».
ويقول المحللون إن تصلب سو تشي، رغم سنوات من الضغط من قبل منظمات حقوقية، هو لاسترضاء الجيش الذي لا يزال قويا بعدما حكم البلاد مباشرة 50 عاما، وأيضا لمراعاة القومية البوذية المتصاعدة في الدولة الواقعة بجنوب شرقي آسيا.
وفي وقت سابق هذا العام، قال محققو الأمم المتحدة إن جيش ميانمار استخدم «وحشية مدمرة» في عمليته الأمنية فيما يمكن أن يرقى إلى جريمة تطهير عرقي للروهينغا. ونفت حكومة سو تشي تلك الاتهامات، ورفضت منح تأشيرات دخول لمسؤولي الأمم المتحدة الذين يحققون في تقارير عن ارتكاب فظائع.
سو تشي تحاول تبرير سياساتها تجاه الروهينغا وسط ازدياد الضغوط الدولية والعربية
سو تشي تحاول تبرير سياساتها تجاه الروهينغا وسط ازدياد الضغوط الدولية والعربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة