الرئيس الأفغاني قيد الحصار مع استمرار العنف والإرهاب

قادة الأوزبك والطاجيك وحدوا صفوفهم مع قيادات من الهزارة ويطالبون بتغييرات على الأرض في الأوضاع الأمنية

الرئيس الأفغاني يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين في كابل («واشنطن بوست»)
الرئيس الأفغاني يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين في كابل («واشنطن بوست»)
TT

الرئيس الأفغاني قيد الحصار مع استمرار العنف والإرهاب

الرئيس الأفغاني يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين في كابل («واشنطن بوست»)
الرئيس الأفغاني يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين في كابل («واشنطن بوست»)

ثمة موجة من السخط تجتاح أفغانستان، يقف وراءها مزيج من القلق والغضب والإحباط والانتهازية السياسية. على مدار الشهرين الماضيين، ظهرت مجموعة من جماعات المعارضة الجديدة، تحمل بعضها أسماء نبيلة وأجندات إصلاحية، يقودها خليط غير محتمل من زعامات قبلية وقيادات ميليشيات عرقية وموظفين عموميين ساخطين ومهنيين شباب، بل وانضم إلى المعارضة الجديدة جنرال شيوعي قديم على رأس حزب جديد غير يساري أطلق عليها «حركة الوطن».
وتتضمن مطالب مجموعات المعارضة الجديدة قضايا شخصية، والملاحظ أن الكثير من قياداتها الأكثر إثارة للجدل استحوذوا على الاهتمام العام. ومع هذا، تبدو الرسالة الأكبر لهم جميعاً متشابهة على نحو لافت: حكومة الرئيس أشرف غني أخفقت في حماية العامة وتوفير وظائف، وأن الرئيس تجاوز حدود سلطاته التنفيذية وأقصى وجهات النظر المختلفة. والآن، بات لزاماً عليه العمل وتنفيذ إصلاحات حقيقية وإضفاء الشرعية على حكومته الممزقة والمتأرجحة - وإلا.
أما الهدف الرئيسي من هذه الحملة فيتمثل في رجل يبلغ 68 عاماً يقضي 18 ساعة يومياً في قراءة تقارير سياسية وعقد اجتماعات مع أفراد فريق العمل معاون له وإلقاء كلمات أمام مؤتمرات، ويبدو عاقداً العزم على اجتياز الأزمة الأخيرة مع اقتراب حكومته من عامها الثالث في السلطة.
من جانبهم، يصر مساعدو غني على أن الدافع الحقيقي وراء جزء كبير من المعارضة القائمة في مواجهته يتمثل في مزيج من القلق في أوساط الزعامات القبلية التي تفقد سلطتها في إطار دولة تتحرك نحو الحداثة، ومعارضة أوسع لجهود الإصلاح من قبل من استفادوا طويلاً من الفساد العام الممنهج.
عن ذلك، قال أحد المسؤولين الذين عينهم غني مؤخراً رفض كشف هويته: «يسعى الحرس القديم بدأب للإبقاء على الوضع القائم، ومعه شبكات المصالح الراسخة التي دائماً ما كانت تقرر من يحصل على ماذا. اليوم، يظهر جيل جديد متعلم، في الوقت الذي يحرص الرئيس على تمكين الأفراد على أساس الكفاءة. وينطوي هذا الموقف الذي يتخذه الرئيس على مخاطرة كبيرة»، مشيراً إلى أن الكثير من مثل تلك القيادات نالت سطوتها عبر الصراعات المسلحة. وأضاف: «أصبح بقاء الحرس القديم على المحك، وهم يدركون أنهم إذا خسروا هذه المعركة لن تصبح لهم أهمية بعد اليوم».
من ناحية أخرى، فإنه في أعقاب شهور من الانتقادات المتنامية والمظاهرات قصيرة الأمد، والتي جرت تسوية بعضها من خلال اتفاقات فردية أو تعيينات حكومية، تمكنت القلاقل على نحو غير متوقع من استثارة قطاع عريض من المجتمع الأفغاني. ورغم أن هذه المظالم لم تتوحد بعد تحت مظلة واحدة ولم تتحول إلى العنف بعد، يخشى بعض المراقبين من أن شعوراً جماعياً بالسخط قد يشتعل فجأة على نحو غير متوقع - ربما في أعقاب هجوم إرهابي ضخم - وينتشر عبر نطاق واسع.
وإذا كان هناك قاسم مشترك بين جميع الأصوات المعارضة، فإنه يمكن إيجازه في عبارة «لقد تعرضنا للنبذ». اللافت أن قادة الأوزبك والطاجيك في شمال البلاد الذين كانوا في حالة تناحر من قبل، وحدوا صفوفهم حالياً مع قيادات رفيعة من الهزارة من داخل العاصمة، مطالبين بأن يطرد غني كبار مساعديه الأمنيين ويوفر مزيداً من الدعم لأحزابهم. في المقابل، نظمت زعامات قبلية لأبناء عرق البشتون الذي ينتمي إليه غني مظاهرات في شرق ننكرهار وجنوب قندهار، حيث اشتكوا من أن الرئيس أهمل مناطقهم ولم يعد ينصت سوى إلى مجموعة محدودة من المستشارين المنتمين لعشيرته.
أيضاً، انضمت إلى المعارضة مجموعة من أبناء جيل أصغر وأفضل تعليماً، والتي كان يعول عليها غني بالدرجة الأكبر. والملاحظ أن بعض نشطاء الهزارة من الليبراليين وسكان المناطق الحضرية، والذين أطلقوا على أنفسهم «حركة التنوير»، سيطر عليهم شعور بالمرارة والسخط في أعقاب وقوع تفجير إرهابي أسفر عن مقتل 80 شخصاً من أنصارهم خلال تجمع سلمي في كابل منذ عام مضى.
اليوم، انضم هؤلاء إلى حركة تطلق على نفسها «ثورة من أجل التغيير»، وهي خليط من النشطاء المدنيين والأكاديميين ظهرت على نحو عفوي في أعقاب تفجير الشاحنة المدمر الذي تعرضت له العاصمة في 31 مايو (أيار)، ما أسفر عن مقتل 150 شخصاً وإصابة 400 آخرين.
وأعقب الهجوم اشتعال مظاهرات وقوع تفجيرات جديدة خلال تشييع جنازات خلفت وراءها 28 قتيلاً آخر. وتملك المتظاهرون غضب عارم جعلهم يحتشدون في الشوارع لأسابيع. في هذا الصدد، قال داود ناجي، أحد قيادات «حركة التنوير»: «نحن مختلفون عن لوردات الحرب، فنحن نريد مستشفيات وأدوية، وهم يرغبون في وزارة الصحة. ونحن نرغب في طرق وإنارة، وهم يرغبون في وزارة الأشغال العامة». وأشار إلى أن شعوراً بالصدمة والغضب تملكه مع فشل حكومة غني في توفير وظائف وكبح جماح الفساد وبناء مؤسسات ديمقراطية.
على الجانب الآخر، قال مساعدو غني إنه مدرك تماماً للتوترات المشتعلة خارج جدران القصر، وكذلك في الأقاليم البعيدة، لكنه لا يجد ذلك سبباً يدعو إلى الذعر أو تغيير المسار. الملاحظ أن غني استجاب بصورة مباشرة إلى بعض مطالب التغيير بتخليه عن وزيري الدفاع والداخلية في أعقاب هجمات مدمرة من قبل متمردين، وتعيينه مسؤولين من أقليات عرقية في مناصب مهمة. كما نظم اجتماعات شعبية متلفزة حث خلالها المجموعات المدعوة على التعبير عن مخاوفها وعرض عليهم تفسيرات وحلول.
وأكد مساعدو الرئيس أنه عاقد العزم على مقاومة الضغوط التي يمارسها ضده سياسيون انتهازيون إبقاء تركيزه منصباً على أجندة الإصلاح المالي والجنائي والإداري التي أكسبته شهرة واسعة بين الجهات الأجنبية الداعمة لأفغانستان - والتي تتولى توفير 70 في المائة من الموازنة الوطنية - ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي.
بيد أنه في المقابل، لا تجني غالبية الأفغان فوائد تذكر من هذه الإصلاحات، في وقت تقترب فيه معدلات البطالة من 40 في المائة وتعج الشوارع بالباحثين عن فرصة عمل يومية. في الوقت ذاته، اتسمت الجهود رفيعة المستوى لمحاربة الفساد بالبطء، وتمكنت شخصيات مشبوهة تتمتع بثروات غامضة المصدر من بناء قصور فاخرة ومراكز تسوق ضخمة. كما تفشت الجرائم وحركات التمرد وأصبح المواطن يعيش قيد شعور مستمر بالخوف من العنف. وتشير الأرقام إلى أنه في العام الماضي قتل أو أصيب أكثر عن 11.000 مدني في حوادث تتعلق بالحرب.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشر ق الأوسط}



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.