في عصر الطب الحديث قد يلجأ الكثيرون منا إلى تناول حبة ما لعلاج مرض ثانوي، لكن دعونا نتوقف قليلا لنتأمل ماذا كانت جداتنا يفعلن في مثل هذه المواقف. هل كن يفعلن الشيء نفسه أم كن يفعلن أشياء مختلفة؟
يعتبر طب «الأيورفيدا» المعتمد على الماء عادة قديمة تستخدم منذ سنوات من قبل المعالجين الذين يستخدمون الأساليب الطبيعية لعلاج الأمراض. فبفضل توافر الأعشاب والتوابل وسهولة الحصول عليها، فإنه من السهل خلط هذه الأعشاب بالماء في البيت لتصنع منها علاجا تقليديا. وتعتمد فكرة صناعة الماء الشافي على وصفات الأيورفيدا ومزجها بتوابل معنية لاستخراج الزيوت المهمة من النبات الذي يحتوي على عدد من الخواص العلاجية. ويعتبر الماء عنصرا علاجيا أساسيا في طب الأيورفيدا، فمجرد نقع بعض الأعشاب أو التوابل يساعد على تدعيم القدرات العلاجية لهذا الماء. فقد أفادت مايا تيواري مؤلفة كتاب «الأيورفيدا وأسرار العلاج» بأن الماء مفيد للصحة العقلية والنفسية والروحية. وليس من المفاجأة القول إن طب «الأيورفيدا»، شأن الطب الغربي، يعتمد على تناول سبعة أو ثمانية أكواب من الماء النقي، سواء المفلتر أو المعدني، يوميا. وتعد هذه الكمية من الماء ضرورية، فبالنسبة لأنصار علاج الأيورفيدا التقليدي، فإن الماء ضروري لطرد السموم من الجسم ولضمان قيام الجسم بوظائفه الحيوية بسلاسة. ويوصي ممارسو طب الأيورفيدا بتسخين ماء الشرب قبل تناوله؛ لكي تصل العناصر التي يتكون منها الماء، وكذلك عناصر النار إلى الدرجة التي يحدث فيها تأثير متبادل. فعندما يغلى الماء، فإنه يمتلئ بالجزئيات الساخنة وتزيد قدرته على التغلغل، مما يساعد على تطهير قنوات الجسم المختلفة والتغلغل في أعمق مستويات فيزولوجيا الجسد.
في الحقيقة، فإن إضافة التوابل إلى ذلك المزيج من شأنه أن يضيف خواص علاجية عن طريق التفاعل مع جزيئات الماء، حيث إن التوابل تساعد في إيجاد مؤثرات مختلفة في الجسد عن طريق النكهة المميزة والمذاق الذي يضيفانه إلى الطعام. فللجسد قدرة على طرد السموم والمواد القذرة بسهولة بمساعدة حرارة الماء المغلي وقوة التوابل. وتتحدث النصوص القديمة عن الفروق في درجات امتصاص الماء العادي مقارنة بالماء الساخن، حيث يستغرق الماء العادي نحو ست ساعات لتنظيف كل قناة من قنوات الجسم، في حين يحتاج الماء المغلي إلى ثلاث ساعات فقط لكي يجرى امتصاصه ويساعد في فتح القنوات، والأهم من كل ذلك هو أن الماء الساخن الذي نقعت فيه الأعشاب يحتاج إلى نحو ساعة ونصف الساعة فقط؛ وذلك بفضل سخونة الماء وتأثير الأعشاب والتوابل.
ولحسن الحظ، يمكن صناعة الماء الشافي في البيت بطريقة تقليدية لأن جميع مكوناته متوافرة بسهولة. وإليك بعض أنواع مياه الأيورفيدا التقليدية التي تستطيع صنعها في البيت بمطبخك.
ماء الكمون
الكمون مسحوق ذو مذاق مر إلى حد ما، لكن هل تعلم أن لهذا النوع من التوابل خاصية فريدة تساعد على إنقاص الوزن؟ تستطيع إنقاص وزن معدتك في غضون 20 يوما فقط بالمواظبة على استخدام الكمون، حيث أظهر بحث عن خصائص الكمون ودوره في إنقاص الوزن أجري على 88 سيدة بدينة أن لهذا النوع من التوابل تأثيرا كبيرا للغاية على نقصان الوزن.
يساعد الكمون على إنقاص السعرات الحرارية بسرعة عن طريق زيادة معدل التمثيل الغذائي والهضم. وناهيك عن قدرته على تقليل الوزن؛ فللكمون الكثير من الخواص الصحية الأخرى أيضا، مثل تقليل نسبة الكولسترول ومنع الأزمات القلبية، وتحسين الذاكرة، وتقوية المناعة، وعلاج الأنيميا وغيرها. كذلك يساعد الكمون على الهضم المثالي للغذاء، وبالتالي يعمل على منع الغازات. يعتبر الانتفاخ وامتلاء البطن بالغازات أمورا اعتيادية ناتجة من سوء هضم الطعام، حيث يمنع الكمون تكون الغازات في المعدة وذلك بالمساعدة على إتمام عملية الهضم بسلاسة.
كيفية إعداد مشروب الكمون لإنقاص الوزن
انقع ملعقتي طعام من بزور الكمون في الماء لليلة كاملة، ثم اغلي البزور في الصباح، ثم صفي ماء الكمون لإزالة البزور، ثم اعصر نصف ليمونة، وأضف العسل والزنجبيل في حال رغبت في ذلك. اشرب الماء على معدة فارغة كل صباح لمدة أسبوعين وستلاحظ نقصان الوزن بسرعة.
ماء الحلبة
عادة ما تستخدم بذور الحلبة في الطهي في المطبخ الهندي، وتعتبر الحلبة مستودعا للخواص الطبية التي يمكنها علاج الكثير من المشكلات الصحية نظرا لخواصها المضادة للأكسدة والالتهاب. فشرب ماء الحلبة في الصباح يعمل على إفراز الأنسولين في البنكرياس؛ مما يساعد على التحكم في مستويات السكر في الدم عند مرضى داء السكري. ما عليك إلا أن تنقع بزور الحلبة في الماء ثم تتركه يغلي ثم يبرد لليلة كاملة، وستلحظ أن لون الماء تحول إلى اللون الأصفر الشاحب. في الحقيقة، فإن تناول هذا الماء في الصباح الباكر يساعد على منع احتباس الماء والإحساس بالانتفاخ.
ماء الريحان
ناهيك عن كونه مقدسا، فالريحان يشتهر بخواصه العلاجية الكثيرة. فعند نقع أوراقه في الماء، فسيكون لها مفعول السحر على بشرتك وستعالج الكثير من المشكلات الصحية. فللريحان خواص مضادة للفطريات تمنع الإصابة بالحمى والبرد، وبمقدوره الاحتفاظ بصحة بشرتك وشعرك، كذلك يعتبر ماء الريحان علاجا مدرا للبول، ناهيك عن مساعدته في تقليل نسبة اليوريك أسيد في الدم وتنظيف الكليتين.
ماء القرفة
تعتبر القرفة أحد المقادير الموجودة في المطبخ الهندي؛ نظرا لخواصها المضادة للأكسدة ودفاعها عن الجسم أمام مسببات الأكسدة التي تتسبب فيها الأيونات الحرة. وعلى المنوال نفسه، فإن خواص القرفة المضادة للالتهاب تساعد على حماية الجسم من الإصابة بالعدوى، ويساعد شرب القرفة بانتظام على تقليل مستويات السكر في الدم، ومنع تسوس الأسنان.
وينصح أشتوش غتام، مدير إدارة الشؤون الصحية والتنسيق بمدينة بيدناث الهندية، بقوله «انقع رقائق القرفة في ماء دافئ واشربه بعد إضافة ملعقة من العسل مرتين أو ثلاث مرات يوميا». مضيفا: إنك إن كنت تعاني من اضطرابات أو تقلصات في المعدة، فشاي القرفة بمقدوره منحك شعورا بالارتياح. وتستطيع أيضا أن تغلي رقائق خشب القرفة وتستنشق البخار، وستشعر بزوال أعراض البرد والسعال.
ماء الكزبرة
تحتوي بذور الكزبرة على مركبات كيماوية وتحتوي على خواص عالية مقاومة للأكسدة، ناهيك عن الكثير من الفوائد الصحية الأخرى. وبحسب طب الأيورفيدا التقليدي، فإن المواظبة على شرب ماء الكزبرة بصفة يومية يمكنه ترطيب جسمك وعلاج احتباس الماء ومشكلات المعدة. ويساعد شرب ماء الكزبرة في علاج التهابات الفم أيضا، ويرجع ذلك لوجود مادة السترينول التي تمنع العفونة. فقط أضف بزور الكزبرة إلى الماء أثناء غليانه، واتركه يغلى لخمسة دقائق ثم صفيه. يمكن تناول هذا الماء في أي وقت من اليوم.
ماء بزور النانخة
يقال إن قارة آسيا هي موطن زراعة هذه البزور قبل أن تنتشر في أماكن مختلفة خارجها لتصبح أحد مكونات المطبخ الهندي. تتنوع فوائد بزور النانخة ما بين المساعدة في عملية الهضم إلى تخفيف آلام الأسنان والأذن. تحتوي بزور النانخة على زيت الثامول الذي يمنح التوابل نكهة ومذاقا خاصين. وماء بزور النانخة سهل الإعداد في البيت؛ إذ يكفي أن تنقع ملعقتين من بزور النانخة المحمصة في كوب من الماء لليلة كاملة، ويمكنك غليه بعد نقعه وتصفيته والانتظار إلى أن يبرد ثم تناوله. ويمنكك أيضا تقليب الماء جيدا في صباح اليوم التالي بعد نقعه، ثم قم بتصفية الماء، ثم تناوله على معدة فارغة.
ماء الخشب الأحمر الهندي
يعتبر ماء الخشب الهندي الأحمر مشروبا شعبيا يروي العطش، ومنتشر في الهند بصورة كبيرة، وبخاصة ولاية كرالا. لقشرة هذه الشجرة فوائد طبية كثيرة. يتحول الماء الشافي لهذا الخشب إلى اللون القرنفلي الفاتح، ويستخدم علاجا لاضطرابات الكلى وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، وتنقية الدم، وعلاج داء السكري والكثير من أمراض البشرة. ما عليك إلا أن تغلي الماء بعد أن تضيف إليه الخشب الأحمر، وصفي الماء ثم تناوله في أي وقت من اليوم كما تتناول ماء الشرب العادي.