التهديدات الأخيرة التي أطلقها ديكتاتور كوريا الشمالية كيم يونغ - أون وضعت جزيرة غوام ليس فقط على الخريطة السياسية، وإنما على الخريطة البيئية أيضا. إذ يرى أهل الجزيرة الواقعة في المحيط الهادي (165 ألف نسمة يعيشون على 544 كيلومترا مربعا) التقلبات الجوية، خصوصا الأعاصير العتيدة التي تضربها باستمرار، وارتفاع منسوب المياه التي تهدد مواردها من المياه العذبة، والتي يعزوها الخبراء إلى ارتفاع درجات الحرارة وإلى ظاهرة التسخين الحراري (ترمب انسحب رسميا من اتفاقية باريس للمناخ)، تشكل خطورة أكبر على الجزيرة، التي تعتبر أكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج الولايات المتحدة، من تهديدات الزعيم «المجنون» لكوريا الشمالية.
ورغم تهديدات بيونغ يانغ، يبدو الهدوء سيد الموقف في غوام التي تستعد لموسم الأعاصير. الأسقف مايكل بيرنز دعا كهنة الجزيرة ذات الغالبية الكاثوليكية إلى الصلاة من أجل السلام ونظم تجمعا لهذا الغرض في العاصمة هاغاتنا اليوم الأحد.
قال سكان في الجزيرة الأميركية (أهلها يحملون الجنسية الأميركية إلا أنهم لا يمارسون حق التصويت في الانتخابات الرئاسية) إن مجابهة الزعيم «المجنون» كيم جونغ - أون أسهل من مواجهة إعصار. الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ - أون يخطط لإطلاق صواريخ تصل إلى جوارها، على بعد 40 كم من المياه الإقليمية للجزيرة.
وتقول على سبيل المزاح جانيس فوروكاوا، وهي ربة منزل في الثامنة والخمسين من العمر تعد رزمة طوارئ لمواجهة الأعاصير في منزلها في بيتي (غرب غوام) لوكالة الصحافة الفرنسية «بكل صراحة، أكثر ما يقلقني هو ما تتقاذفه الرياح العاتية وقت الإعصار وليس الصواريخ التي يهدد كيم جونغ - أون بقصف غوام بها». ويشاركها رولاندو زيبيدا (57 عاما) الرأي. ويصرح هذا المدّرس «كيم جونغ - أون مجنون مثلما الأعاصير هوجاء، لكنني أخشى الأعاصير أكثر منه كونها تشكل تهديدا فعليا».
وأكد البيت الأبيض من جانبه السبت أن القوات الأميركية «على استعداد» لحماية غوام. وقد أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتصالا هاتفيا مع محافظ الجزيرة إيدي كالفو أكد له خلاله أن «القوات الأميركية على استعداد لضمان السلم والأمن في غوام، كما في بقية الأراضي الأميركية». وحاول المحافظ كالفو شخصيا تهدئة الأوضاع لطمأنة السكان مفضلا التركيز على اقتراب موسم الأعاصير. وقال: «نعلم أن الأعاصير قد تضرب في أي وقت... أي أن العائلات تتحضر تحسبا لأي خطر»، مشددا على أن «الحياة الطبيعية تأخذ مجراها وأنها عطلة نهاية الأسبوع، فاخرجوا وامرحوا».
وأُعِد نظام إنذار في حال تعرض غوام لهجوم كوري شمالي، حسبما ذكرت وزارة الأمن الداخلي الأميركية التي نشرت الجمعة على موقعها الإلكتروني سلسلة من التدابير الواجب اتخاذها لدى وقوع هجوم نووي.
وكان الجيش الكوري الشمالي قد كشف الخميس عن خطة لإطلاق أربعة صواريخ تحلق فوق اليابان قبل أن تسقط في البحر على بعد «30 إلى 40 كلم عن غوام». وكان الرئيس الأميركي توعد الثلاثاء كوريا الشمالية بـ«النار والغضب» لكنه اعتبر الأربعاء أن تصريحاته تلك لم تكن «قاسية بما فيه الكفاية على الأرجح». وقد أكد كالفو الخميس أن هذا الموقع الاستراتيجي المتقدم للقوات الأميركية في المحيط الهادي «كامل التجهيز» لمواجهة ضربة كورية شمالية، بفضل بنى تحتية صلبة تمكنت من مقاومة إعصارين وهزتين أرضيتين. وأوضح أن هذه الجزيرة البعيدة اعتادت على أن تكون هدفا منذ أقامت فيها واشنطن قواعد عسكرية. وأضاف: «يجب أن يدركوا أننا مستعدون لأن تكون غوام ما كانته منذ عقود، أرضا أميركية مع كل الاستراتيجيات العسكرية في منطقة بالغة الحيوية».
وقال: «نحن مستعدون لأي احتمال، أكثر من أي مجموعة أميركية أخرى».
وفي غوام أيضا درع متطورة مضادة للصواريخ، هي منظومة ثاد القادرة على تدمير الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى في مرحلة تحليقها النهائية. وأضاف الحاكم «بفضل الطريقة التي أقيمت على أساسها بنيتنا التحتية - مع هزة أرضية تبلغ قوتها 8,3 درجات قبل عقد وأعاصير كبيرة - نحن مجهزون تجهيزا تاما لننسق خطواتنا قبل أي حدث وبعده».
وكانت غوام نقطة الانطلاق للقاذفات بي52 التي كانت مكلفة شن غارات على هانوي خلال حرب فيتنام (1955 - 1975). وتعتمد الجزيرة اقتصاديا على حضور الجيش لكنها تعول كثيرا أيضا على السياحة التي توفر ثلث فرص العمل فيها. واجتذبت شواطئها ومجمعاتها الفندقية ومتاجرها المعفاة من الرسوم الجمركية أكثر من 1,5 مليون زائر العام 2016. معظمهم من اليابانيين والكوريين. ولا يزال السياح في الجزيرة حتى الآن.
سكان غوام يخشون الأعاصير أكثر من تهديدات كيم جونغ ـ أون
سكان غوام يخشون الأعاصير أكثر من تهديدات كيم جونغ ـ أون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة