«الدهس» و«السكين»... سلاحا الإرهاب الرخيص

هدفهما قتل مدنيين أو عسكريين عشوائياً لإشاعة الخوف

عناصر من شرطة اسكتلنديارد أمام مجلس العموم عقب حادث الدهس مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
عناصر من شرطة اسكتلنديارد أمام مجلس العموم عقب حادث الدهس مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

«الدهس» و«السكين»... سلاحا الإرهاب الرخيص

عناصر من شرطة اسكتلنديارد أمام مجلس العموم عقب حادث الدهس مارس الماضي («الشرق الأوسط»)
عناصر من شرطة اسكتلنديارد أمام مجلس العموم عقب حادث الدهس مارس الماضي («الشرق الأوسط»)

ما زالت رسالة أبو محمد العدناني المتحدث باسم «داعش» التي بثها في تسجيل صوتي عام 2014 وقال للمتعاطفين مع التنظيم: «إذا لم تنجح في إلقاء قنبلة، أو فشلت في فتح النار على مشرك - على حد قوله - فيمكنك طعنه بسكين أو ضربه بالحجر أو سحقه بسيارة» تلقى بظلالها الآن مع تزايد حصد الأرواح عن طريق «الدهس بالسيارة» أو «الطعن بالسكين» وآخرها حادث إصابة 6 جنود فرنسيين في حادثة «دهس» بسيارة.
خبراء أمنيون وآخرون معنيون بشؤون الحركات الإسلامية قالوا إن «الدهس» و«السكين» هما سلاح «داعش» الرخيص لتأكيد بقاء التنظيم، ويستخدمهما عبر عناصره من «الذئاب المنفردة» أو «الخلايا النائمة» في الدول. وقتل نهاية الشهر الماضي شخص وأصيب عدد آخر في هجوم بسكين داخل متجر في مدينة هامبورج الألمانية. وقام طالب مصري بالتعدي بسكين على 6 سائحات ما أدى لمقتل ألمانيتين وتشيكية بمدينة الغردقة السياحية، وفي يناير (كانون الثاني) عام 2016 أصيب 3 سياح أوروبيين بجروح عقب هجوم بسكين في الغردقة أيضا.
كما نفذ طالب أميركي هجوما عشوائيا داخل حرم جامعي ما أسفر عن إصابة أحد عشر شخصا بعد أن قام بدهسهم بسيارته وتوجيه طعنات إليهم بالسكين؛ كما شهدت مدينة لندن حادثا مشابها على جسرها، إذ تعدى شخص على مجموعة من المارة بالسكين.
وفي يوليو (تموز) 2016 قاد إرهابي شاحنة في مدينة نيس جنوبي فرنسا، وكانت حصيلة الهجوم 84 قتيلا و434 جريحا. وفي 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شهدت العاصمة الألمانية برلين عملية دهس، بعدما استولى طالب على شاحنة ودهس عددا من المارة مما أدى إلى مقتل 12 شخصا وإصابة 56 آخرين. وفي السويد قتل 4 أشخاص في عملية دهس بشاحنة وأصيب 15 آخرون. وفي فبراير (شباط) الماضي تكرر سيناريو الدهس في ألمانيا بعملية استهدفت المارة في هايدلبرغ مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين.
واهتز أمن العاصمة البريطانية لندن في مارس (آذار) المنصرم، على وقع حادثة دهس استهدف خلاله منفذه البريطاني بسيارته المارة فوق جسر ويستمنستر ليقتل 3 أشخاص ويصيب العشرات قبل أن ترديه الشرطة قتيلا... وتكرر الحادث ذاته في المدينة ذاته في 3 يونيو (حزيران) الماضي، عندما دهست حافلة صغيرة عددا من المشاة على جسر لندن، في ليلة رعب شهدت فيها المدينة سلسلة من الهجمات الإرهابية المنسقة... وأغلب هذه الحوادث تبنها «داعش».
ويقول مراقبون إن «داعش» لم يعد مجرد تنظيما راديكاليا متطرفا يحترف القتل تحت غطاء مشوه للإسلام؛ بل أمعن تماما في قتل الأبرياء واستغل وسائل الإعلام التي يمتلكها في نشر فظائعه التي يرتكبها ضد الإنسانية.
وقال اللواء كمال المغربي الخبير الأمني والاستراتيجي بمصر، إن «التنظيم أوصى أتباعه بالغرب وأوروبا في العدد الثاني من مجلة (رومية) باستخدام السلاح الأبيض و(الدهس) في عملياتهم الانتقامية القادمة؛ ولعل السر في ذلك يكمن إلى سهولة الوسيلتين مما يسهل على أتباع التنظيم الوصول إلى الغاية المنشودة من العملية بسهولة وإلحاق الضرر بأكبر عدد ممكن»، موضحا أن السكين والدهس هما سلاح «داعش» الرخيص للمحافظة على «وهم الخلافة» وتأكيد بقاء التنظيم، عبر عناصره من «الذئاب المنفردة» أو «الخلايا النائمة» في الدول.
ويشار إلى أن عمليات الدهس لا تتطلب؛ إلا مركبات فقط، تقاد بسرعة كبيرة للانقضاض على الهدف، حتى بات هذا الأسلوب الأكثر مرونة وسهولة في تنفيذ الأهداف والأقل تكلفة. وبحسب المراقبين ليس للهجوم بالسكين أو الدهس أي هدف نوعي سوى قتل أكبر عدد من الناس عشوائيا سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، بهدف إشاعة الخوف في المناطق المستهدفة، حيث يمكن أن يكون الهجوم في الشارع أو جامعة أو ملعب أو مركز تسوق أو حتى مسجد.
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2016 بث «داعش» إصدارا مرئيا، شرح خلاله طريقة استخدام السكاكين في القتل... والإصدار تناول طريقة استخدام السكاكين، والمواضع التي يجب تركيز الطعن فيها، وأفضل أنواع السكاكين ومواصفاتها.
بينما رجح عمرو عبد الرحمن الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، أن يكون من يستخدم السكين أو يقوم بالدهس عناصر منفردة لـ«داعش» أو ما يطلق عليهم «الذئاب المنفردة»، لافتا إلى أن «الذئاب المنفردة» هم أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد من دون أن تربطهم علاقة واضحة بقيادة التنظيم؛ لكنهم ينفذون هجمات مسلحة بدوافع عقائدية اقتناعا بأفكار «داعش».
ويذكر أن الذبح بالسكين أول من استخدمه المقاتلون في الشيشان ضد الجنود الروس، وقاموا بتصوير الذبح وبثه عبر أشرطة فيديو قبل انتشار الإنترنت واكتشاف شبكات التواصل الاجتماعي.
ومصطلح «الذئاب المنفردة» يشير إلى تكتيك تستخدمه الجماعات المسلحة حين تشتد الرقابة عليها، نظرا لقوة الدول ويقظة أجهزتها الأمنية، فيصعب عليها العمل بطريقة جماعية منظمة. يتزامن ذلك مع تزايد مخاوف الأوروبيين والأميركيين من تشجيع المتطرفين الإسلاميين على القيام بمثل هذه الأعمال المنفردة بدلا من العمل بشكل جماعي لتنفيذ هجوم ما.
وبحسب اللواء المغربي «تعد الخلايا النائمة أبرز ما يثير القلق هذه الأيام لدى سلطات الدول، لأن عناصرها يعملون بالخفاء في مساعدة المسلحين، بينما هم في العلن يمارسون أعمالا عادية وبخاصة في الدول الأوروبية، ويقومون بعمليات دهس وطعن دون أن يكونوا معروفين للسلطات».
ولفت المغربي إلى أن «الخلايا النائمة» المتعارف عليها داخل «داعش» في الأراضي التي تقع تحت سيطرته في سوريا والعراق تختلف عن «الخلايا الناشطة»... فالعناصر الناشطة «لها بيعة وأمير مباشر ووظيفة داخل الهيكل التنظيمي وغير مرتبطة بعمل حكومي وتأخذ كفالات شهرية (رواتب) وملزمة بولاية من ولايات التنظيم».
ويقول مراقبون إن الذئب المنفرد يتحول من حالة «الخلية النائمة» إلى الحالة الهجومية في أي لحظة، خاصة عند الشعور بالخطر أو أن أمره قد كُشف بشكل يجعل من المستحيل تعقبه قبل أن يقرر القيام بعمل إرهابي، كما حدث في هجومي باريس وبلجيكا... ويمكن تشبيه تلك الأحداث بأنها أشبه ما تكون بحرب «العصابات» من خلال نشر فكرة ينفذها شخص أو مجموعة أشخاص، ليس بالضرورة أن يكونوا مرتبطين عضويا بالتنظيم فقد يكونون متعاطفين.
ووفق اللواء المغربي فإن هناك عددا غير قليل من المقاتلين الأجانب ضمن صفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا ودول أفريقيا، وهو ما يشير إلى أنه حال عودتهم لدولهم مرة أخرى متشبعين بأفكار متطرفة، وأفكار راديكالية، فإنهم يمثلون نواة لضم «الذئاب المنفردة» الجديدة في خلايا موالية للتنظيم المتطرف، للقيام بعمليات إرهابية فردية. وباتت ظاهرة «الذئاب المنفردة» التحدي الأكبر للأجهزة الأمنية، بعد أن نجحت في شن عدة هجمات إرهابية كبرى في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وتركيا وتونس وغيرها من الهجمات.
وقال المغربي إن حوادث «الدهس» تعتمد على استخدام السيارة سلاحا للإرهاب، فالإرهابي في هذه الحالة لا يحمل سلاحا آليا أو قنبلة يمكن أن تكتشفها أجهزة الأمن، وكل ما يحتاجه هنا هو إجادة قيادة الشاحنات، ثم يندفع بها وسط حشد من الناس فيوقع عددا كبيرا من الضحايا دون أن يتمكن أحد من كشفه مسبقا، مضيفا: أن «حوادث الدهس لا تحدد فئة معينة، فالكل يسير في الشارع، أو موجود على الأرصفة لذا ضحاياه يكونون كبارا وصغارا».



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.