لبنان: زيارة وزراء إلى دمشق تعمّق الخلافات بين مكونات الحكومة

وزير لـ«حزب الله»: يحق لكل وزير اتخاذ القرار بمعزل عن الحكومة

TT

لبنان: زيارة وزراء إلى دمشق تعمّق الخلافات بين مكونات الحكومة

الزيارة التي يعتزم وزراء من «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» القيام بها إلى دمشق، بقيت موضع خلاف داخلي في لبنان، مع اتساع حالة الاعتراض عليها، بسبب الآثار السلبية التي سترتبها على لبنان، في وقت تمسّك فيه حلفاء النظام السوري بها، ورأوا فيها أمراً طبيعياً في ظلّ استمرار العلاقات والاتفاقات الموقعة بين البلدين.
وطالما أن الزيارة باتت في حكم القائمة، فإن المعترضين عليها يصنفونها بخانة «الزيارة الشخصية»، وليست الرسمية، وفق تعبير وزير شؤون النازحين، معين المرعبي، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إصرار بعض الوزراء على زيارة دمشق، تسببت بخلاف سياسي كبير في البلاد، مما اضطر وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى طلب مناقشة الأمر داخل الحكومة، وطرحه للتصويت»، مشيراً إلى أن «حكمة الرئيس سعد الحريري دفعته لشطب كل المناقشات التي حصلت بهذا الخصوص، وهذا يعني أنه لا قرار حكومياً بالذهاب إلى سوريا»، وقال المرعبي: «أي وزير يزور سوريا يذهب بصفته الشخصية لأنه غير مكلّف من الحكومة بأي شكل من الأشكال»، وسأل: «ما قيمة هذه الزيارة أمام التنسيق العسكري والأمني، وتدمير المدن والقرى، والتهجير الديمغرافي الذي يتولاه (حزب الله) في سوريا؟ أيهما أخطر: المزايدات الكلامية أم التنسيق العسكري؟».
وعلى قاعدة أن النظام السوري يريد الشيء وعكسه، رأى وزير شؤون المهجرين أن «كل الهدف من العملية هو محاولة استجداء لاكتساب شرعية للنظام السوري من قبل حكومتنا»، وقال: «المستغرب في الأمر أن حكومة المجرم القاتل بشار الأسد تستجدي حكومتنا للجلوس معها، وهي التي تصدر مذكرة توقيف بحق الرئيس سعد الحريري، وتطالب بإعدامه»، مؤكداً أنه «لن يتم حرف الانتباه عما تقوم به إيران، وملحقاتها مثل (حزب الله)، الذي يعد أكبر ميليشيا إرهابية في العالم».
ومن جهته، ذكرّ رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بالبيان الوزاري لهذه الحكومة، وبسياسة النأي بالنفس، وقال في مؤتمر صحافي عقده أمس: «في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، رفض رئيس الحكومة سعد الحريري وضع أي بند بخصوص زيارة سوريا، إلا أن بعض الوزراء أكدوا أنهم ذاهبون إلى سوريا بصفتهم الرسمية: لا يا حبيبي، إذا ذهبت إلى سوريا، تذهب بصفتك الشخصية، وليس الرسمية، وتكون أيضاً تخالف الشرعية اللبنانية ومجلس الوزراء والعهد الجديد».
وأكد جعجع أنه «لا توجد حكومة شرعية في سوريا، وعلم السياسة يقول إن أي حكومة لديها نقطتي ارتكاز، هما الشرعية الداخلية والشرعية الخارجية، وإذا فقدت أي جزء، تفقد شرعيتها»، معتبراً أن «حكومة بشار الأسد لا تملك شرعية داخلية ولا عربية ولا دولية، إلا إذا اعتبرنا أن العالم كله هو روسيا وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية».
وحذّر جعجع من أنه «إذا ذهب أحد إلى سوريا، فإن لبنان سيصنف فوراً في محور إيران بالشرق الأوسط، وبالتالي ما تبقى لنا من علاقات مع الدول العربية، سنخسرها»، وقال: «من يفكر بهذا الموضوع لا يفكر بمصلحة الشعب اللبناني، وأي وزير يريد الذهاب يذهب بصفته الشخصية، ويكون بذلك معتدياً على الشرعية اللبنانية». ومن المقرر أن يزور وزير الصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله)، ووزير الزراعة غازي زعيتر (حركة أمل)، ووزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري (التيار الوطني الحرّ)، العاصمة السورية دمشق، لحضور معرض للمنتجات السورية، بناء على دعوة من وزير الاقتصاد في حكومة النظام السوري.
إلى ذلك، أكد عضو «اللقاء الديمقراطي»، النائب أنطوان سعد، أن «ذهاب الوزراء إلى سوريا يشكل خرقاً للدستور، وتجاوزاً لسيادة لبنان»، وقال: «على هؤلاء الوزراء ألا يذهبوا بصفتهم الوزارية، ولا ممثلين لها. أما ذهابهم على المستوى الشخصي، فهذا شأنهم»، وشدد على أن «طرح هذا الموضوع الآن يهدف إلى تآمر البعض لإعادة لبنان إلى حضن النظام السوري»، معتبراً أن «أي زيارة من هذا النوع هي دليل على محاولة استباقية من قبل إيران و(حزب الله) لأي متغيرات دراماتيكية في المستقبل، ولإظهار نظام الأسد بموقف المنتصر».
أما في المقلب الآخر، فرأى وزير الشباب والرياضة محمد فنيش (وزير حزب الله في الحكومة) أنه «لا يحقّ لفريق واحد اتخاذ القرار، والقول (نقبل أو لا نقبل)»، وأوضح أنه «ليس غريباً أن يقوم وزير لبناني بزيارة سوريا، انطلاقاً من العلاقات الدبلوماسية والاتفاقات القائمة. وبالتالي، لا يحقّ لأي جانب أن يعترض، وإلا يمكن طرح الموضوع في مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب».
ودعا فنيش إلى «سحب موضوع الزيارة إلى سوريا من التداول، وحفظ حق كل وزير يرى مصلحة في زيارته لبلد معيّن، بمعزل عن رأي الحكومة».



إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
TT

إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات، ووضع خطةً لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، على خلفية المهلة التي أعطتها إسرائيل لحركة «حماس»، التي تنتهي خلال 10 أيام، لقبول خطة مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، القائمة على تمديد وقف النار دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي الخطة التي رفضتها الحركة.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، إن القوات الإسرائيلية تستعدُّ للعودة إلى القتال و«استكمال الإنجازات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة»، وقد أجرت تدريبات قتالية، باعتبار أن القتال سوف يُستأنف الأسبوع المقبل.

صورة مأخوذة من جنوب إسرائيل لمبانٍ مدمرة في قطاع غزة في 2 مارس الحالي (أ.ب)

وأكدت القناة الإسرائيلية أنه حتى قبل انتهاء وقف إطلاق النار، كانت القيادة الجنوبية في حالة تأهب قصوى، وتم إصدار أوامر للجنود بالاستعداد لتجديد القتال خلال وقت قصير، وفي الأيام الأخيرة، أجرت القوات تدريبات قتالية، مع توجيه بأن الجيش يجب أن يكون جاهزاً لمجموعة متنوعة من أساليب العمل ضد الأهداف المتبقية في قطاع غزة، جواً وبحراً وبراً.

وفي المرحلة الأولى، يخطِّط الجيش لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، خصوصاً تلك التي انسحب منها الجيش في بداية وقف إطلاق النار، بما في ذلك محور نتساريم في وسط القطاع.

وتستعدُّ إسرائيل للعودة إلى الحرب خلال 10 أيام، بحسب مصادر سياسية إسرائيلية.

طفل فلسطيني يصافح مقاتلين من «حماس» خلال عملية تسليم محتجزين إسرائيليين برفح في 22 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

وقالت المصادر إن القيادة السياسية اتخذت قراراً بالعودة إلى القتال إذا لم تتجاوب «حماس» مع مقترح ويتكوف، بحلول نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

ومطلع مارس (آذار) الحالي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي استمرَّت 42 يوماً، وكان يفترض أن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنامين نتنياهو، رفض ذلك، وأعلن أن إسرائيل تتبنى مقترح ويتكوف، الذي ينصُّ على إطلاق «حماس» سراح نصف الرهائن المتبقين (الأحياء والأموات) في اليوم الأول من وقف إطلاق النار الممتد، خلال رمضان وعيد الفصح اليهودي (منتصف أبريل/ نيسان المقبل)، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين في نهاية الفترة إذا تم التوصُّل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وتناقش المرحلة الثانية، وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وخلال المرحلة الأولى حصلت إسرائيل على حصتها من الأسرى (33) قبل أن تنتهي حتى، وبذلك تبقَّى لدى «حماس» 59 محتجزاً، بينهم 34 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يُطلَق سراحهم جميعاً في المرحلة الثانية.

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

ويريد نتنياهو الحصول على باقي أسراه، لكن «حماس» رفضت وأصرَّت على تطبيق الاتفاق والدخول إلى المرحلة الثانية.

وبناء عليه قرَّرت إسرائيل أنه إذا استمرَّت «حماس» في موقفها، فإن القتال سيتجدد الأسبوع المقبل.

وتم تحديد ساعة الصفر استناداً إلى عاملين رئيسيَّين: الأول، تسلم رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، مهام منصبه هذا الأسبوع؛ والثاني، الزيارة المرتقبة لويتكوف إلى المنطقة.

وتدرك إسرائيل أن احتمال موافقة «حماس» ضئيلة للغاية. وقال مصدر سياسي للقناة 12: «نحن في طريق مسدود».

وبحسب التقرير، حصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي من أجل العودة للحرب، بل إن مسؤولاً بارزاً في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: «اقضوا عليهم جميعاً حتى آخر رجل. (حماس) في غزة عقبة أمام التطبيع».

وحالياً تنتشر فرقتان في منطقة غلاف غزة، وهما مسؤولتان عن الدفاع: «الفرقة 252» في الشمال، و«الفرقة 143» في الجنوب، في حين تنتشر قوات كبيرة أيضاً في مدينة رفح، لكن تم أيضاً تم تحويل كتائب إضافية عدة إلى الجنوب قبل أيام قليلة.

دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

وكانت إسرائيل أغلقت المعابر على قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى، ومنعت إدخال البضائع والمساعدات، في محاولة لإجبار «حماس» على قبول خطة ويتكوف، وتلوح الآن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بإمكانية إجبار السكان الذين عادوا إلى شمال قطاع غزة على العودة إلى الجنوب، مرة أخرى.

وقال مصدر أمني إسرائيلي مطّلع على التفاصيل: «اذا تمسَّكت (حماس) بموقفها فلن نتردد في العودة (إلى الحرب) قريباً جداً».

وبينما يحاول الوسطاء نزع فتيل الأزمة، وطلبوا من إسرائيل بضعة أيام أخرى لمحاولة التوصُّل إلى اتفاقات جديدة، وقرَّرت إسرائيل الموافقة على الطلب، يبدو أن «حماس» كذلك بدأت تستعد لاحتمال استئناف الحرب.

واتخذت قيادات من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إجراءات أمنية مشدَّدة، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية باستئناف القتال.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تعليمات مركزية صدرت لقيادات سياسية وعسكرية ونشطاء بارزين في الأجنحة العسكرية للتنظيمين بالاختفاء الكامل، والامتناع نهائياً عن استخدام الهواتف الجوالة.

وحذَّرت تعميمات داخلية بشكل واضح، من احتمال شنِّ إسرائيل سلسلة عمليات اغتيال غادرة مقدمةً لبدء الحرب.

ولوحظ في الأيام الأخيرة تكثيف إسرائيل تسيير طائرات مسيّرة استخباراتية بأنواع مختلفة.

وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط»: «واضح أنهم يعززون محاولات جمع المعلومات الاستخباراتية. بعض الدرون (المسيّرات) من طراز حديث يعمل على جمع معلومات عبر استخدام خوارزميات معينة من خلال الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد أماكن المطلوبين ومحاولة الوصول إليهم». أضاف: «لذلك صدرت أوامر بالابتعاد عن استخدام التكنولوجيا بما فيها الهواتف الجوالة، والعودة إلى الطرق المتبعة خلال الحرب».

ومنذ وقف الحرب، كشفت أجهزة أمنية حكومية وأخرى تابعة للفصائل الفلسطينية، كثيراً من الكاميرات والأجهزة التجسسية التي زُرعت في كثير من المناطق داخل القطاع، التي أسهمت في سلسلة من الاغتيالات وضرب أهداف كثيرة، كما كانت كشفت مصادر من المقاومة لـ«الشرق الأوسط» سابقاً.