المسكنات الأفيونية... مشكلة وبائية

تؤدي إلى الإدمان واختلال القدرات الذهنية

المسكنات الأفيونية... مشكلة وبائية
TT

المسكنات الأفيونية... مشكلة وبائية

المسكنات الأفيونية... مشكلة وبائية

لا تزال مشكلة تناول الأدوية المسكنة للألم والمحتوية على عقاقير من مشتقات مادة الأفيون Narcotic Painkillers، أو ما تُعرف أيضاً بالأدوية الأفيونية الموصوفة طبياً Prescription Narcotics، مشكلة وبائية في مناطق متعددة من العالم. وفي الولايات المتحدة صدرت عدة دراسات طبية خلال الأسبوعين الماضيين تتحدث عن واقع هذه المشكلة وتصفها بأنها حالة وبائية، وأن القضاء على هذه المشكلة يتطلب جهوداً طبية مضنية، وقد يستغرق الأمر سنوات عدة قادمة، وأن تداعيات هذه المشكلة طالت جوانب صحية وجوانب اجتماعية وحتى أدت إلى ارتفاع حوادث مرور السيارات.

أدوية أفيونية
وضمن عدد 27 يوليو (تموز) الماضي من المجلة الأميركية للصحة العامة American Journal of Public Health، عرض الباحثون من جامعة كولومبيا مؤشراً جديداً حول عمق مشكلة انتشار تناول الأدوية المُسكّنة المحتوية على الأفيون، وذلك من خلال نتائج دراستهم حول حوادث مرور السير على الخطوط البرية السريعة من النوعية القاتلة بحصول الوفيات فيها وعلاقتها بتناول تلك النوعية من الأدوية المحتوية على الأفيون. وجاء في مقدمة عرض الموقع الإلكتروني للمؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة لخبر هذه الدراسة: «وفي علامة أخرى على مدى انتشار الوباء الأفيوني المميت بالولايات المتحدة، أشار الباحثون إلى زيادة بمقدار سبعة أضعاف في عدد السائقين الذين قتلوا في حوادث السير بينما كانوا تحت تأثير المسكنات الطبية المحتوية على الأفيون. وقد زادت بمقدار أربعة أضعاف الوصفات الطبية لأدوية مثل أوكسيكودون Oxycodone (أوكسيكونتين Oxycontin) والهيدروكودون Hydrocodone (فيكروفين Vicoprofen) والمورفين Morphine وذلك من 76 مليون وصفة في عام 1991 إلى نحو 300 مليون وصفة في عام 2014، ولذلك ليس من المستغرب أن هذه الأدوية تلعب دوراً متنامياً في التسبب بالوفيات في حوادث السير بالطرق السريعة وفق ما ذكره الباحثون من جامعة كولومبيا».
ووفق نتائج «الدراسة الاستقصائية الوطنية بشأن تعاطي المخدرات والصحة» National Survey on Drug Use and Health التي أعلن عنها «المعهد الوطني الأميركي لإساءة استعمال المخدرات» U.S. National Institute on Drug Abuse وذلك ضمن عدد 31 يوليو من مجلة «حوليات الطب الباطني» Annals of Internal Medicine، فإن واحداً من بين كل ثلاثة أميركين استخدم مسكناً للألم يحتوي على مواد أفيونية في عام 2015، هذا على الرغم من انتشار الوعي بالمخاوف المتزايدة عن دور هذه الأدوية في تعزز الإدمان على نطاق واسع والوفيات المفرطة، على حد وصف الباحثين في هذه الدراسة الجديدة والواسعة على المستوى القومي بالولايات المتحدة، وأن ما يقرب من 92 مليون من البالغين في الولايات المتحدة، أي نحو 38 في المائة من السكان، قد تناولوا مادة أفيونية بطريقة قانونية ومشروعة على هيئة أدوية مثل أوكسيكونتين أو بيركوسيت Percocet في عام 2015، وذلك وفقاً لنتائج هذه الدراسة الاستقصائية الوطنية بشأن تعاطي المخدرات والصحة. وقال الدكتور ويلسون كومبتون، نائب مدير المعهد الوطني الأميركي لإساءة استعمال المخدرات: «إن نسبة البالغين الذين يتناولون هذه الأدوية في أي عام تبدو مذهلة بالنسبة لي». وأضاف «إن مجموعة كبيرة من الناس تتناول هذه الأدوية، في الغالب للأغراض الطبية، ولكن في أثناء ذلك ينتهي المطاف بنسبة كبيرة منهم إلى سوء استخدامها. وبصفة عامة، تشير النتائج إلى أن المتخصصين الطبيين يقومون بعمل ضعيف في وصفهم لهذه المسكنات الأفيونية بشكل مناسب».

اختلال القدرات الذهنية
وتعتبر قيادة السيارة تحت تأثير تناول المواد الأفيونية، وخصوصاً التي مصدرها عقاقير طبية موصوفة من قبل أطباء لمعالجة حالات مرضية تتطلب نوعية قوية من مسكنات الألم، أو تحت تأثير أي أنواع أخرى من الأدوية الطبية ذات التأثيرات السلبية على التوازن وقدرات التفكير الذهني وسرعة التفاعل مع المتغيرات على الطرق السريعة، هي مشكلة عالمية متنامية. وعلّق الدكتور ستانفورد تشيهوري، الباحث الرئيسي في الدراسة من قسم طب التخدير بالمركز الطبي لجامعة كولومبيا في نيويورك، بقوله: «إن الزيادة الكبيرة في نسبة السائقين الذين تثبت نتائج تحاليل الاختبارات أنهم تحت تأثير الأدوية المسكنة للألم والمحتوية على مواد أفيونية، هي شأن صحي مثير للقلق على الصحة العامة بشكل مُلّح. إن هذه العقاقير الطبية يمكن أن تتسبب بالنعاس وضعف قدرات التفكير وتباطؤ في سرعة التجاوب برد الفعل، الأمر الذي قد يتداخل بشكل سلبي مع جودة مهارات القيادة. إن تناول أدوية الألم الموصوفة طبياً بطريقة صحيحة وطريقة غير صحيحة يلعب دوراً في حوادث السيارات وهناك حاجة ماسة إلى أبحاث إضافية لتقييم دورها بشكل دقيق».
ومن جانبها علّقت جى تى غريفن، كبيرة موظفي الشؤون الحكومية في جمعية «أمهات ضد القيادة تحت تأثير المسكرات الكحولية» Mothers Against Drunk Driving وهي جمعية غير ربحية، بقولها: «إن الجمعية مهتمة بالارتفاع في استخدام المواد الأفيونية في جميع أنحاء البلاد وتأثيراتها طالت السلامة على الطرقات. وخلافا للكحول، لا يوجد اختبار موثوق بنتائجه لتقييم مدى انخفاض القدرات لأنواع الأدوية الأخرى المسكنة للألم والمحتوية على الأفيون، ولا تزال الجمعية ملتزمة بالقضاء على القيادة في حالة السكر ومحاربة القيادة تحت تأثير الأدوية المخدرة».
وكان الباحثون من جامعة كولومبيا قد تابعوا المعلومات المتعلقة بالوفيات والتي تُرصد تحت عنوان «نظام الإبلاغ عن تحليل الوفيات» Fatality Analysis Reporting System من قبل إدارة السلامة المرورية على الطرق السريعة National Highway Traffic Safety Administration خلال العقدين الماضيين، وأفاد البروفسور غوه هوا لي، أستاذ علم الأوبئة في كلية ميلمان للصحة العامة في كولومبيا والباحث المشارك في الدراسة، أنه تم التركيز على السائقين الذين لقوا مصرعهم في غضون ساعة واحدة من حادث تحطم السيارات في كاليفورنيا وهاواي وايلينوى ونيو هامشير ورود آيلاند وفرجينيا الغربية، وهي الولايات التي تُجري بشكل روتيني اختبار فحص للمخدرات في الأشخاص الذين ماتوا في حوادث السيارات. ومن بين ما يقرب من 37 ألف سائق متوفى بسبب حادث سير وتم إجراء هذا التحليل لهم، تبين وجود المواد الأفيونية في 24 في المائة منهم سواء كان مصدرها مخدرات أو أدوية مسكنة للألم ومحتوية على مواد أفيونية. ومن بين السائقين الذين مصدر الأفيون في دمائهم أدوية مسكنة للألم ومحتوية على الأفيون، والتي وصفت بوصفة طبية، تبين أن نسبة النساء بينهم أعلى من الرجال. كما أن 30 في المائة منهم لديهم أيضاً مستويات عالية من الكحول و67 في المائة لديهم آثار لعقاقير أخرى، مما قد يعني أن تناولهم لتلك الأدوية الطبية ربما لم يكن اتباعاً لمعالجة طبية تحت إشراف طبي.

وباء قاتل
وأضاف البروفسور غوه هوا لي قائلاً: «إن التعرّف على الوباء الأفيوني تم بالمقام الأول من خلال العدد المفرط للوفيات، وتشير دراستنا إلى أن الزيادة في استهلاك المواد الأفيونية قد يحمل عواقب صحية سلبية تتجاوز بكثير معدلات الاعتلال المرضي والوفيات المفرطة».
وعلّق جيم هيدلوند، المتحدث باسم رابطة سلامة الطرق السريعة GHSA، بالقول: «أعتقد أن نتائج الدراسة صحيحة، وتتم ملاحظة وجود المواد الأفيونية في السائقين القتلى أكثر مما كان عليه الحال قبل 20 عاما، وهو ما يسير جنبا إلى جنب مع الاتجاه في المجتمع نحو مزيد من الوصفات للأدوية المحتوية على المواد الأفيونية والمزيد من الوفيات بسبب الأدوية المحتوية على المواد الأفيونية، والأمر متروك للأطباء والصيادلة لإبلاغ مرضاهم بأن هذه الأدوية يمكن أن تضعف القيادة وأن عليهم عدم تناولها عندما يقودون السيارة».
وكانت دراسات طبية سابقة قد وجدت في نتائجها أن المعدل الحالي لوصف الأدوية المسكنة للألم والمحتوية على المواد الأفيونية يبلغ اليوم أربعة أضعاف ما كان عليه الحال قبل 15 سنة. ولذا أضاف الدكتور كومبتون قائلاً: «لدينا طريق طويل علينا أن نقطعه كي نصل إلى تحسين الرعاية الطبية حتى نتغلب على حالة الإفراط الحالي في وصف مسكنات الألم». وقال الباحثون إن الكثير من الناس يتلقون وصفات طبية لأدوية مسكنة للألم ومحتوية على المواد الأفيونية التي لا يحتاجون إليها وبالتالي يُمررونها إلى أقارب لهم لا يحصلون على العلاج الذي يحتاجونه لألم مزمن. وأضافوا أن هذه المسكنات هي من النوعية التي تتسبب بالإدمان بصفة عالية وقد تكون قاتلة، وأنه قد تضاعف عدد حالات تناول الجرعة الزائدة من المواد الأفيونية المفرطة أربع مرات منذ عام 1999، بالتزامن مع تضاعف الوصفات بالأدوية المسكنة للألم والمحتوية على المواد الأفيونية، وذلك وفقاً للنشرات الصادرة عن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC.
وقال الدكتور كومبتون إن الدراسة الاستقصائية الحديثة تعرفت على حالات سوء استخدام العقاقير المحتوية على المواد الأفيونية التي شملت حالات أشخاص يتناولون مسكنات الألم دون وصفة طبية، وحالات أشخاص يأخذون جرعات أكبر من تلك المقررة لهم طبياً، أو أشخاص يستخدمون تلك الأدوية للحصول على نشوة المخدرات الأفيونية.
* استشارية في الباطنية



دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.