بعد اعتراضات إسرائيل... واشنطن ستصحح هدنة الجنوب السوري

التركيز على كيف ستبدو سوريا بعد الحرب الأهلية والتأثير الإيراني هناك

أحد عناصر القبعات البيضاء في درعا يتفحص قنبلة غير منفجرة ضمن حملة لتفكيك المتفجرات يوليو الماضي  (أ. ف. ب)
أحد عناصر القبعات البيضاء في درعا يتفحص قنبلة غير منفجرة ضمن حملة لتفكيك المتفجرات يوليو الماضي (أ. ف. ب)
TT

بعد اعتراضات إسرائيل... واشنطن ستصحح هدنة الجنوب السوري

أحد عناصر القبعات البيضاء في درعا يتفحص قنبلة غير منفجرة ضمن حملة لتفكيك المتفجرات يوليو الماضي  (أ. ف. ب)
أحد عناصر القبعات البيضاء في درعا يتفحص قنبلة غير منفجرة ضمن حملة لتفكيك المتفجرات يوليو الماضي (أ. ف. ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الأربعاء، أن الإدارة الأميركية تجاوبت مع الاعتراضات الإسرائيلية على اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا وإنشاء المناطق الأمنية العازلة على الحدود السورية - الإسرائيلية، والسورية - الأردنية، وأكدت لإسرائيل أنها ستسعى إلى تصحيحه بحيث يضمن منع وصول إيرانيين أو موالين لإيران في هذه المنطقة.
ولم توضح هذه الأوساط كيف سيتم هذا المنع وما هي مساحة المنطقة التي يحظر فيها الوجود الإيراني، لكنها أكدت أن إسرائيل طلبت أن يبتعد الإيرانيون 20 كيلومترا من الحدود مع هضبة الجولان المحتلة.
وكشف المتحدث الإسرائيلي تسلسل الأحداث منذ بدأت المحادثات حول هذا الموضوع، وأكدت أن إسرائيل والأردن، أجريا محادثات مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، منذ بداية شهر يوليو (تموز) الماضي، في سلسلة من اللقاءات السرية في عمان وإحدى العواصم الأوروبية في موضوع. وقال إنه خلال اللقاءات التي سبقت إعلان روسيا والولايات المتحدة عن اتفاق وقف إطلاق النار، عرضت إسرائيل تحفظات كثيرة، وأوضحت بأن القوتين العظميين لا توليان الأهمية الكافية لإخراج القوات الإيرانية من سوريا. وقالت المصادر إن دبلوماسيين وجهات أمنية من الدول الثلاث شاركت في تلك اللقاءات. وضم الوفد الإسرائيلي مندوبين من وزارتي الخارجية والأمن والموساد والجيش. وقاد الطاقم الأميركي مبعوثا الرئيس الأميركي للشؤون السورية والتحالف ضد «داعش»، مايكل راتني وبريت ماكغورك، فيما قاد الطاقم الروسي مبعوث الرئيس الروسي للشؤون السورية ألكسندر لافرنتييف. وفي اليوم الذي عقد فيه اللقاء في عمان، بين ممثلي الدول الثلاث، عقد في العاصمة الأردنية، أيضا، لقاء ثلاثي آخر بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة والأردن، تناول، أيضا، اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا. وخلال هذا اللقاء عرضت إسرائيل والأردن مواقفهما التي كانت متشابهة جدا. وبعد عدة أيام من اللقاءين في الأردن، عقد لقاء مشابه بين ممثلي إسرائيل وأميركا وروسيا في إحدى العواصم الأوروبية.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن اللقاء في أوروبا تم على مستوى أعلى من لقاءات عمان، وإن إسرائيل عرضت خلال هذا اللقاء أيضا تحفظاتها بشأن وقف إطلاق النار في جنوب سوريا. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الخلاف الرئيسي خلال جولات المحادثات بين الدول الثلاث، تعلق بطريقة فهم الأطراف للمشكلة السورية. فأميركا وروسيا تعتبران وقف إطلاق النار في جنوب سوريا وإقامة المنطقة العازلة، وسيلة عملية وتكتيكية على المدى القصير والمتوسط، ويهدف إلى خلق وضع يسمح بالتركيز على تصفية «داعش» وتخفيض سقف اللهيب في الحرب الأهلية. لكن إسرائيل والأردن تعتقدان أنه يجب النظر إلى اتفاق وقف إطلاق النار بشكل استراتيجي وطويل الأمد، والتركيز على مسألة كيف ستبدو سوريا بعد الحرب الأهلية وما هو مدى التأثير الإيراني هناك؟
وقالت إسرائيل إن اتفاق وقف إطلاق النار يجب أن لا يوفر ردا فقط للوجود الإيراني في المنطقة الممتدة على مسافة 20 كلم من حدودها، وإنما في كل سوريا. وقال مسؤول إسرائيلي إن رسالة إسرائيل للولايات المتحدة وروسيا كانت أن عليهما مطالبة الإيرانيين بشكل واضح بإخراج قوات الحرس الثوري والميليشيات الشيعية و«حزب الله» من سوريا. وحسب أقواله فقد حذرت إسرائيل من أنه إذا لم تترك إيران سوريا فإنه يمكنها أن تحول الدولة إلى قاعدة للصواريخ تهدد إسرائيل والأردن، كما هو الوضع في لبنان وقطاع غزة. كما أوضحت إسرائيل أن وجود القوات الإيرانية والشيعية في سوريا يمكن أن يغير الواقع الديموغرافي في الدولة، ويتسبب بخرق التوازن بين الشيعة والسنة في المنطقة كلها، وبالتالي تقويض الاستقرار في الدول السنية المجاورة.
وبعد عدة أيام من تلك المحادثات تسلمت إسرائيل مسودة اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته روسيا والولايات المتحدة، فتبين لها أن روح الاتفاق وتفاصيله لا تتفق تقريبا مع أي موقف عرضته إسرائيل أمام مندوبي الدولتين.
وقال مسؤول إسرائيلي إن خيبة الأمل في إسرائيل تنبع من كون الاتفاق لم يذكر بتاتا كلمات إيران أو «حزب الله»، وإنما تطرق بشكل غامض إلى «الحاجة لمنع دخول قوات مسلحة من (كيانات أجنبية) إلى المناطق العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل والأردن». كما أن الاتفاق لم يشمل أي تعامل، ولو بشكل عام، مع الوجود الإيراني في بقية المناطق السورية. وحسب المصدر فإن مسودة الاتفاق هي التي جعلت رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعلن بشكل علني رفض إسرائيل له، خلال زيارته إلى باريس في الـ16 من الشهر الماضي. وادعى نتنياهو أن الاتفاق يرسخ عمليا الوجود الإيراني في سوريا. وكما يبدو فقد أثمر الانتقاد الإسرائيلي العلني للاتفاق، لكنه ليس من الواضح ما إذا سيحقق التغيير في جوهره. فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن روسيا ستضمن أخذ الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية في إطار الاتفاق، فيما قال وزير الخارجية الأميركي ريك تيلرسون، إن الشرط الأميركي للتعاون مع روسيا في سوريا هو إخراج القوات الإيرانية. وتبني إسرائيل والأردن على هذه الوعود وتنتظران كيف سيترجم إلى واقع.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.