مباحثات عسكرية رفيعة المستوى بين الجيشين الأميركي والسوداني

تنسيق بين الجانبين {لإعادة الاستقرار إلى ليبيا}

 ألكسندر لاسكاريس
ألكسندر لاسكاريس
TT

مباحثات عسكرية رفيعة المستوى بين الجيشين الأميركي والسوداني

 ألكسندر لاسكاريس
ألكسندر لاسكاريس

عقد نائب قائد القوات الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» ألكسندر لاسكاريس، جولة مباحثات مع وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض بن عوف، بحثا خلالها الدور الذي يمكن أن تلعبه الخرطوم في الجهود الإقليمية والدولية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، وسبل استئناف التعاون العسكري بين كل من الخرطوم وواشنطن.
ووصل المسؤول البارز في «أفريكوم» العاصمة السودانية، أول من أمس، لبحث قضايا عسكرية وأمنية مشتركة بين جيشي البلدين، إضافة إلى تناول الملفات الإقليمية والدولية التي ينتظر أن تلعب الخرطوم فيها دوراً بارزاً، وذلك بعد أشهر من مشاركة رئيس هيئة أركان الجيش السوداني الفريق أول عماد الدين عدوي في اجتماعات «أفريكوم»، التي عقدت في شتوتغارت الألمانية أبريل (نيسان) الماضي.
وأعلن رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، الفريق أول عماد الدين عدوي، تلقيه دعوة رسمية للمشاركة بصفة مراقب في مناورات «النجم الساطع»، التي ينتظر أن تعقد في مصر العام الجاري، وتشارك فيها قوات من الجيش الأميركي، على أن يشارك السودان في تلك التمرينات بقوات عسكرية العام المقبل.
وقال الجنرال عدوي في تصريحات صحافية أمس، إن اجتماعه مع لاسكاريس بحث سبل استئناف التعاون العسكري بين السودان والولايات المتحدة الأميركية، والذي يستلزم الوفاء ببعض المطلوبات للتمهيد لهذا التعاون.
ووصف عدوي زيارة المسؤول العسكري الأميركي لبلاده بـ«المهمة»، وقال إنها تأتي عقب انخراط جيشي البلدين في تعاون عسكري على المستوى الأفريقي، وكشف عن اتفاق لعقد لقاءات على مستوى استخبارات البلدين خصوصاً، والقضاء العسكري والجيشين بشكل عام.
وقال عدوي عقب الاجتماع، إنهما بحثا سبل التعاون بين الجيشين السوداني والقيادة الأفريقية «أفريكوم»، وخارطة طريق العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، والأوضاع الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا والصومال، موضحا أن الزيارة «تأتي عقب انخراط الجيشين والبلدين في تعاون في عدة مجالات مرتبطة بالقيادة الأفريقية»، وأبرز أن زيارة المسؤول العسكري الأميركي «جاءت في وقت نحن في أحوج ما نكون له، وهي امتداد للقاءات والحوار المباشر بيننا في عدة قضايا، وأبرزها خارطة الطريق بين السودان وأميركا، والتي قطعت أشواطاً كبيرة، ونحن ننتظر قرارات مهمة في أكتوبر (تشرين الأول)».
وأوضح عدوي أن الطرفين الأميركي والسوداني بحثا مطولا الوضع في ليبيا، وأن رؤاهما تطابقت حوله، وقال بهذا الخصوص: «وجدنا أن تحليلاتنا تصب في اتجاه واحد، وهناك أشياء كثيرة يمكن أن نقوم بها مع الآخرين لعودة الأمن والاستقرار والوحدة إلى ليبيا»، موضحا أن المباحثات تناولت أيضا الوضع في الصومال والجهود والأنشطة المبذولة لمكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر.
وأضاف العدوي أن الزيارة فتحت باباً واسعاً للحوار بين البلدين، لا سيما في مجالات التعاون العسكري، وإعادة العلاقات السودانية الأميركية لمسارها الصحيح؛ لاستتباب الأمن والاستقرار في الإقليم والعالم.
من جهته، أوضح نائب قائد القوات الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» ألكسندر لاسكاريس، أن زيارته الأولى للسودان أتت في إطار المشاورات بين حكومتي البلدين، وأنه بحث مع رئيس هيئة الأركان السوداني عددا من القضايا الإقليمية، لا سيما الأوضاع في ليبيا؛ بالإضافة للوضع في الصومال.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.