النفي الرسمي العراقي يعزز فرضية استهداف «داعش» لـ«الحشد»

TT

النفي الرسمي العراقي يعزز فرضية استهداف «داعش» لـ«الحشد»

واصلت السلطات الرسمية العراقية، ممثلة برئيس الوزراء حيدر العبادي، وهيئة الحشد الشعبي وخلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة، تفنيدها للراوية التي أطلقتها «كتائب سيد الشهداء» أمس، والمتعلقة بقصف التحالف الدولي عناصرها وقتل وجرح كثير منهم، قرب الحدود العراقية السورية. وتعزز البيانات الرسمية إضافة إلى النفي الأميركي فرضية تعرض «الكتائب» إلى هجوم من قبل عناصر «داعش»، بحسب ما أعلن التنظيم المتشدد، أول من أمس.
ونفى بيان لـ«الحشد»، أمس، وقوع أي هجوم على منتسبيه في منطقة غرب الأنبار. ولفت إلى أن «الحوادث التي تناقلتها وسائل الإعلام، مؤخرا، وقعت خارج الحدود العراقية، ولذلك اقتضى التنويه».
من جهتها، نفت قيادة العمليات المشتركة في العراق «وقوع أي هجوم على منتسبي هيئة الحشد الشعبي في غرب الأنبار، وأن الحوادث التي تناقلتها وسائل الإعلام وقعت خارج الحدود العراقية، ولم تطل مقاتلي الحشد الشعبي أو أي قوات عراقية أخرى».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، قد قال في مؤتمره الصحافي، أول من أمس، إن «حادثة قصف (الحشد) من قبل التحالف غير صحيحة»، لافتا إلى أن «استخبارات هيئة الحشد نفت وجود قصف على بعض تشكيلاتها على الحدود العراقية السورية».
وتعزز البيانات الرسمية إضافة إلى النفي الأميركي لوقوع حادث القصف على «كتائب سيد الشهداء» داخل الحدود العراقية، فرضية تعرض «الكتائب» إلى هجوم من قبل عناصر «داعش»، بحسب ما أعلن التنظيم المتشدد.
كما استرعى الانتباه الصمت الإعلامي الذي مارسه إعلام «الكتائب» في التعليق على البيانات التي أصدرتها الجهات الرسمية العراقية. وأفاد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، بأن «الحادث الذي نفذه (داعش) ضد عناصر الكتائب، وقع في منطقة تل جمونة داخل الحدود العراقية، وتقع بين منطقة عكاشات ومدينة التنف السورية».
ويؤكد المصدر أن «السلطات العراقية شعرت بالاستياء من ادعاءات كتائب سيد الشهداء، بشأن اتهام التحالف، لذلك أصرت على القول إنه خارج الحدود العراقية».
في سياق آخر، أشار المصدر إلى أن رئاسة بعض فصائل الحشد وبينها فصيل «كتائب سيد الشهداء»، «يرتدون ملابس قوات حرس الحدود التابعة لوزارة الداخلية، من دون علم رئيس الوزراء، الأمر الذي أثار غضبه وطالب بتحقيق عاجل في الموضوع. كذلك يطالب الأميركان بتحقيق مماثل؛ لأنهم حذروا من اقتراب فصائل الحشد من الحدود السورية.
يشار إلى أن أمين عام «كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي، تلقى برقيات تعزية من شخصيات قريبة من إيران، مثل نائب الرئيس نوري المالكي، ونائب رئيس «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، إلى جانب جماعة الحوثيين، وسفير فلسطين في العراق، ومستشار رئيس النظام السوري عبد القادر عزوز، وذلك استنادا إلى ما ذكره أبو آلاء الولائي في مدونته الشخصية في «فيسبوك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.