اتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، على تشكيل خلية أزمة مشتركة، في خطوة من شأنها تعزيز التنسيق بين رام الله وعمان في قضايا ذات اهتمام مشترك، وتجاوز أي سوء فهم أو حساسيات بهذا الشأن.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي للصحافيين، بعد لقاء جمع الملك بالرئيس في رام الله: «إن هذه الزيارة تأتي في وقت غاية في الأهمية لإجراء تقييم مشترك لمشكلة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى في القدس، ومحاولة تغيير الواقع القائم في المسجد الأقصى».
وأضاف المالكي: «جرى تقييم التجربةً، والتحضير لمرحلة مقبلة نتوقعها من قبل إسرائيل، ومن قبل شخص رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو»، وتابع: «تم الاتفاق على تشكيل خلية أزمة مشتركة، تتواصل فيما بينها لتقييم المرحلة الماضية والدروس والعبر، وتقييم أي تحديات قد نواجهها في المسجد الأقصى».
ووصل العاهل الأردني إلى المقاطعة (مقر الرئاسة في رام الله) بطائرة عسكرية، في أول زيارة له منذ 5 أعوام، وكان في استقباله الرئيس الفلسطيني.
واستعرض الملك عبد الله والرئيس عباس حرس الشرف أمام لافتة عملاقة تحمل صورة لهما يتصافحان وخلفهما المسجد الأقصى في القدس، وعبارة «القدس تنتصر»، ثم استمعا للسلام الملكي الأردني والنشيد الوطني الفلسطيني، وانفردا فوراً في اجتماع مغلق، تبعه اجتماع موسع، قبل أن يغادر الملك بعد نحو ساعتين من وصوله.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: «الرئيس وضيفه الكبير عقدا جلسة مباحثات مغلقة، تبعها اجتماع موسع بين الوفدين الأردني والفلسطيني».
ورافق الملك الأردني في زيارته رئيس الديوان الملكي فايز الطروانة، ووزير الخارجية أيمن الصفدي، ومدير المخابرات العامة الأردنية عدنان الجندي، وسفير الأردن لدى دولة فلسطين خالد الشوابكة. وحضر مع عباس الاجتماع المفتوح رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وأمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ووزير الخارجية رياض المالكي، والناطق الرئاسي نبيل أبو ردينه، واللواء ماجد فرج مدير المخابرات العامة، ومستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش.
ووصف أبو ردينه الزيارة بـ«المهمة»، وقال إنها «تأتي استمراراً لسياسة التنسيق والتشاور المستمر بين الرئيس وشقيقه الملك عبد الله الثاني لمواجهة التحديات كافة في كثير من القضايا التي تهم البلدين، على قاعدة العمل العربي المشترك الذي تجسد في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في البحر الميت»، وأردف: «إن الأردن أكد دعمه الكامل للشعب الفلسطيني وقيادته».
وجاءت زيارة العاهل الأردني عقب أحداث المسجد الأقصى، التي كادت تجر المنطقة إلى صراع كبير، بعد أن فرضت إسرائيل إجراءات أمنية جديدة في القدس، رفضها الفلسطينيون والأردنيون، قبل أن يقتل ضابط أمن إسرائيلي أردنيين في مجمع تابع للسفارة الإسرائيلية، في منطقة الرابية بمدينة عمان، في 23 يوليو (تموز) الماضي، ما فاقم الأزمة الأردنية الإسرائيلية.
وقد غضب الملك عبد الله من تصرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أحداث الأقصى، واتهمه بمحاولة المس بالسيادة الأردنية على المقدسات، لكن غضبه تضاعف بعدما عانق نتنياهو حارس الأمن الإسرائيلي القاتل، وهنأه بالسلامة، وقال له: اذهب لملاقاة صديقتك، في «استعراض» مس بمشاعر الأردنيين.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة الملك الأردني للرئيس الفلسطيني هدفت إلى إيصال رسائل متعددة. وأضافت: «الرسالة الأهم أنه لا يوجد خلافات فلسطينية - أردنية حول المسجد الأقصى، وأن أي توتر أو سوء فهم حدث في أثناء إدارة الأزمة تم تجاوزه. والرسالة الثانية أن الرئيس عباس يحظى بكل دعم ممكن من قبل الملك عبد الله في مواجهة حكومة بنيامين نتنياهو. أما الرسالة الثالثة، فهي انتقامية من نتنياهو نفسه، بعد استفزازه الحكومة والشعب الأردني، ومفادها أن الملك غاضب، وسيترجم هذا الغضب بخطوات سياسية».
كان الملك عبد الله قد صرح، قبل وصوله إلى رام الله، بأن مستقبل القضية الفلسطينية «على المحك»، وأن الوصول إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي «يزداد صعوبة»، مضيفاً أنه «لولا الوصاية الهاشمية وصمود المقدسيين لضاعت المقدسات منذ سنوات»، وأردف: «نجاحنا يتطلب الموقف الواحد مع الأشقاء الفلسطينيين حتى لا تضعف قضيتنا، ونتمكن من الحفاظ على حقوقنا».
وقال مسؤول المكتب الإعلامي في حركة فتح منير الجاغوب إن الزيارة حملت أبعاداً مهمة وكبيرة، تتعلق بالمصير المشترك، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الرسالة الأهم أن المسؤولية مشتركة».
وتابع: «الزيارة أكدت على مضامين عدة: أولها أن المسجد الأقصى يقع تحت السيادة الأردنية بحكم الولاية الدينية الهاشمية على الأقصى، بينما تبقى الولاية السياسية والسيادة على القدس لفلسطين. وثانياً أن الملك عبد الله هو رئيس القمة العربية الحالية، وزيارته لفلسطين تعبير عن الموقف العربي الداعم لفلسطين، وتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية والقدس، وامتداد للدعم العربي في حماية أرضنا ومقدساتنا».
وأضاف: «اللقاء في رام الله دليل على التنسيق المستمر بين القيادتين الأردنية والفلسطينية، ودعم الأردن للموقف الفلسطيني وللشرعية الفلسطينية، ممثلةً بالرئيس أبو مازن، ودليل على العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين، وهي رسالة مفادها أن على حكومة نتنياهو مراجعة حساباتها».
وتابع الجاغوب: «نحن أيضاً أكدنا أننا ندعم الموقف الأردني الذي يطالب بتحقيق عادل في حادثة السفارة الإسرائيلية في عمان، ورفضنا للعنجهية الإسرائيلية التي تجلت في استقبال نتنياهو للقاتل الإسرائيلي، ولو كانت إسرائيل دولة تحترم القانون، لكان من المفروض أن يتم اعتقال هذا القاتل وإيداعه في السجن».
عباس وعبد الله الثاني يعيدان ترتيب أولوياتهما في مواجهة المرحلة المقبلة
ساعتان في رام الله بثتا رسائل متعددة حول السلام والقدس والعلاقة مع إسرائيل
عباس وعبد الله الثاني يعيدان ترتيب أولوياتهما في مواجهة المرحلة المقبلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة