«حزب الله» وسيطاً لدى النظام السوري لإعادة مدنيين ومسلحين إلى القلمون

تراجع أعداد الراغبين في الرحيل إلى الرحيبة يعقّد تنفيذ الصفقة

نازحون سوريون يغادرون عرسال شرق لبنان باتجاه القلمون السورية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
نازحون سوريون يغادرون عرسال شرق لبنان باتجاه القلمون السورية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» وسيطاً لدى النظام السوري لإعادة مدنيين ومسلحين إلى القلمون

نازحون سوريون يغادرون عرسال شرق لبنان باتجاه القلمون السورية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
نازحون سوريون يغادرون عرسال شرق لبنان باتجاه القلمون السورية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

تعرضت عملية خروج عناصر تنظيم «سرايا أهل الشام» وآلاف المدنيين الآخرين من جرود عرسال إلى سوريا لتعقيدات إضافية، في ظل تراجع المئات عن الموافقة على المغادرة إلى بلدة الرحيبة السورية، الواقعة في القلمون الشرقي بريف دمشق، «منعاً لتهجير آخر»، وهو ما استدعى محادثات بين فعاليات من بلدة عرسال ومسؤول في «حزب الله»، بهدف التوسط لدى النظام السوري لتسوية أوضاع أشخاص كان يرفض عودتهم إلى قراهم في القلمون.
وكان الاتفاق يقضي بخروج 3 آلاف مدني، ونحو 300 مسلح من «سرايا أهل الشام»، التي تتبع «الجيش السوري الحر»، إلى بلدة الرحيبة، في القلمون الشرقي، انطلاقاً من عرسال، تنفيذاً لاتفاق بين السرايا و«حزب الله» في اليوم الأول من معركة الجرود، التي انتهت لاحقاً بخروج تنظيم «النصرة» من الجرود الحدودية مع سوريا.
وعشية تنفيذ خطة الخروج، برزت معطيات جديدة، تمثلت في انقسام بين عناصر السرايا والمدنيين، حيث طالب بعضهم بالعودة إلى البلدات التي خرجوا منها من القلمون، «عوضاً عن تهجير ثانٍ سيتعرضون له من الرحيبة إثر أي تسوية مع النظام»، بحسب ما قالته مصادر مواكبة لعملية التفاوض لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن عدد الأشخاص الذين كانوا ينوون الخروج من عرسال إلى القلمون «تراجع بشكل قياسي إثر الانقسامات».
وأشارت المصادر إلى أن النظام السوري «يرفض عودة بعض الأشخاص الذين تضمنتهم القوائم إلى قراهم في القلمون، من غير محاكمات أو توقيفات، كونه يتهمهم بارتكاب جرائم، وهو ما زاد خطة عودتهم تعقيداً، حيث باتوا أمام سيناريو ترحيل ثالث من الرحيبة، في حال خضعت البلدة لأي تسوية مستقبلية مع النظام»، علماً بأن الرحيبة تخضع لسيطرة المعارضة في القلمون الشرقي، وتحاصرها قوات النظام، وتدخل إليها المساعدات بموجب اتفاقات بين فعاليات في البلدة مع النظام.
ودفعت تلك التطورات فعاليات من بلدة عرسال لزيارة رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله»، الشيخ محمد يزبك، بغرض التوسط لدى النظام لحل هذه الإشكالية. وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» إن نائب رئيس بلدية عرسال ريما كرونبي زارت يزبك، على رأس وفد ضم مخاتير وفعاليات، وطلب الوفد من يزبك التواصل مع النظام السوري، وبحث القضية بهدف إصدار قرارات عفو عن أشخاص يرفض النظام عودتهم، وذلك تسهيلاً لعودة الآلاف إلى قراهم في القلمون.
وأشارت المصادر إلى أن يزبك «وعد ببحث الموضوع، والمحاولة بمعالجته»، بالنظر إلى أن الاتفاق الأول كان يقضي بعودتهم إلى الرحيبة، وليس إلى قراهم في القلمون.
وفي ظل تراجع أعداد الراغبين بالمغادرة إلى الرحيبة، تزايدت أعداد الراغبين بالعودة إلى قراهم في القلمون، وهي المرحلة الرابعة من الاتفاق التي كانت تقضي بعودة المئات استكمالاً لاتفاقيات جانبية ومبادرات يقودها السوري أبو طه العسالي، الذي نجح في وقت سابق في إعادة نحو 700 مدني سوري إلى قراهم في القلمون خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وبموجب الاتفاقات، فإن الراغبين بالعودة إلى القلمون، سيعودون إلى بلدات الصرخة وسحل وحوش عرب وعسال الورد، الواقعة في القلمون الغربي.
ورغم اتجاه بعض المدنيين للعودة إلى قراهم، طالب البعض الآخر من أهالي منطقة القلمون الغربي في ريف دمشق، الأحد الماضي، المنظمات الدولية والحقوقية والحكومة اللبنانية بتأمين الحماية لهم، ومنعهم من التهجير القسري، وعودتهم إلى مناطقهم التي يسيطر عليها الجيش السوري النظامي.
وقال أهالي القلمون، في بيان، إن «أهالي القلمون الغربي في عرسال يرفضون كل الضغوطات التي تمارس عليهم لإجبارهم على العودة إلى قراهم وبلداتهم التي يحكمها نظام الأسد المجرم والميليشيات الأجنبية، ويرفضون كل أنواع التهجير القسري، ويؤكدون على حقهم كلاجئين في أن تقوم المنظمات الدولية والحقوقية وكل أجهزة الدولة اللبنانية بتأمين الحماية والرعاية لهم، ومنع تهجيرهم، وعلى حقهم في العودة إلى بلادهم عودة كريمة تحت رعاية الأمم المتحدة، وبضمانات وحماية دولية».
وطالب الأهالي، في بيانهم، «الحكومة السورية المؤقتة والهيئة العليا للمفاوضات بتحمل مسؤولياتها تجاه أهل القلمون، ومطالبة المجتمع الدولي بمنطقة آمنة في القلمون الغربي كي يعود إليها أهل القلمون، ويعيشون فيها بحرية وكرامة وأمن وأمان». كما طالبوا الحكومة اللبنانية التي تشتكي من عبء اللاجئين السوريين بأن «تساهم فعلياً، وبشكل جدي، في إيجاد حل لأزمتهم، وذلك بإلزام مكون أساسي شريك في الحكومة بالخروج من سوريا، فهو الذي كان سبباً رئيسياً - وما زال - في تهجير أهل القلمون، وتشريدهم وقتلهم... وفرض المصالحات الإلزامية عليهم بعلم الدولة اللبنانية».
وطالب الأهالي الحكومة اللبنانية وكل الدول من أصدقائها وأصدقاء الشعب السوري ومنظمة الأمم المتحدة بضرورة إنشاء منطقة آمنة في القلمون، يكون بها «حل لقضية اللاجئين، بعودة كريمة، وبحماية ورعاية دولية... خصوصاً أن هناك توافقاً دولياً وتسارعاً لحل قضيتنا، وإنشاء مناطق آمنة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».