المغرب: ابن كيران يطالب بالتحقيق في سبب عرقلة تشكيلة الحكومة

دعا الملك إلى حل «العدالة والتنمية» إذا وجد فيه غراماً من الخيانة

TT
20

المغرب: ابن كيران يطالب بالتحقيق في سبب عرقلة تشكيلة الحكومة

تخلى عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي ورئيس الحكومة السابق، عن تحفظه في الكلام الذي ميز خطاباته منذ إعفائه من تشكيل الحكومة، وعاد لأسلوبه المعهود في بعث الرسائل المشفرة والصريحة في كل الاتجاهات.
وقال ابن كيران في لقاء مفتوح جمعه مع شباب حزبه، في أول محاور الملتقى الوطني الـ13 لشبيبة حزب العدالة والتنمية أمس، إن «مشاركتنا في هذه الحكومة تضحية من حزب العدالة والتنمية»، مبرزاً أن القضية «لم تكن سهلة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، خصوصاً أن هذه الحكومة دخلها حزب كنت رفضت دخوله»، في إشارة إلى مشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة العثماني.
وأضاف أمين عام «العدالة والتنمية» بنبرة لا تخلو من تحدٍ: «لن نتنازل. البلاد ينبغي أن يسيرها جلالة الملك مع السياسيين الصادقين»، مشدداً على أنه «إذا وجد فينا غراماً من الخيانة، فأنا أطلب منه علانية حل حزبنا»، وذلك في كلام غير مسبوق من رئيس الحكومة السابق، ومضى قائلاً: «إذا تعارض الحزب مع الملكية فنحن من سيحله قبل غيرنا، لأننا نؤمن ومقتنعون بأن الملكية في المغرب كنظام لا بديل عنه... وإذا ثبت أن واحداً منا عاقب سكان الحسيمة، سأطلب من جلالة الملك حل حزب العدالة والتنمية»، وذلك في تحدٍ واضح منه ورسالة مشفرة لغريمه «الأصالة والمعاصرة».
ولم يفوت ابن كيران الفرصة دون أن يلمز إلى عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار الذي لعب دوراً رئيسياً في عرقلة تشكيله للحكومة، حيث قال: «هناك فرق بين السياسة والتجارة والشأن العام، والتجار فيهم الصالح والطالح، وكثير منهم ناجح لأن الدولة تدعمه... دعونا نكون واضحين».
وأوضح ابن كيران في خطاب «قوي» أمام المئات من أعضاء شبيبة حزب العدالة والتنمية خلال افتتاح الملتقى الوطني الذي تنظمه بمدينة فاس (شرق الرباط)، مساء أول من أمس، أنه لن يعلق على خطاب الملك الذي ألقاه بمناسبة ذكرى عيد الجلوس الأخير، لكن في الآن ذاته، عده قاسياً على الأحزاب السياسية والإدارة.
وعاد ابن كيران ليذكر بالمرحلة الصعبة التي قضاها في مشاورات تشكيل الحكومة دون أن يفلح في مهمته، رغم مرور ما يزيد على 5 أشهر، حيث طالب «بفتح تحقيق في من تسبب في (البلوكاج) أثناء فترة تشكيله للحكومة بعد انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، مشدداً على أنه «يجب فتح تحقيق من أجل معرفة من المسؤول، ومن الذي عبث بمسار المغرب طيلة 5 أشهر»، مبرزاً أن محاولاته واجهت «لعباً وتلاعباً»، لافتاً أنه «علم بأن قرار تشكيل الحكومة بأغلبية وأحزاب معينة تم اتخاذه منذ مدة، غير أنهم ناوروا لمدة 5 أشهر من أجل منعه من تشكيل الحكومة».
كما طالب ابن كيران بـ«فتح تحقيق في مسيرة الدار البيضاء التي نظمت ضد (أخونة الدولة) وحزب العدالة والتنمية، وهي المسيرة التي لم يتبنها أحد»، معتبراً أنها «لم تحصل على ترخيص»، وذلك في رسالة مشفرة منه إلى السلطات التي قررت منع مسيرة 20 يوليو (تموز) بالحسيمة (شمال البلاد)، والمواجهات التي شهدتها بين رجال الأمن والمتظاهرين، وأسفرت عن سقوط عدد من الجرحى في كلا الجانبين.
ومضى ابن كيران قائلاً: «لنكن صرحاء. لو كان حزب العدالة والتنمية هو من يسير جهة الريف كما يسيرها (الأصالة والمعاصرة) اليوم، ووقع ما وقع في الحسيمة فكيف كان سيتم التعامل مع (العدالة والتنمية)؟ أكملوا من عندكم». وتهكم ابن كيران على إلياس العماري أمين عام «الأصالة والمعاصرة» ورئيس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، الذي سافر في عز أزمة الريف للولايات المتحدة للبحث عن الشراكات والاتفاقيات.
ودعا ابن كيران إلى الكف عن التدخل والتحكم في الأحزاب، وذلك في دعوة صريحة منه إلى رفع يد الدولة عن الأحزاب والتحكم في القرار الحزبي. ولم يفوت الفرصة لتوجيه رسائله إلى أعضاء حزبه وأتباعه، مؤكداً أن طريق الإصلاح خيار صعب يحتاج إلى الصبر والصمود وأداء الثمن إذا اقتضى الأمر في سبيل ذلك.
وأضاف ابن كيران في السياق ذاته: «خرجت والحمد لله مرفوع الرأس، لا تشغلوا أنفسكم بالتفاهات، أنا حي أرزق»، الأمر الذي يمثل إشارة واضحة منه إلى خصومه وأعضاء حزبه بأنه ما زال مصراً على الاستمرار في القيام بدوره في المشهد، وأنه لن يتراجع أو ينسحب، معتبراً أن ما حدث أصبح من الماضي وحضوره إلى جانب العثماني في افتتاح ملتقى الشبيبة «هو رسالة لمن يهمه الأمر»، وفق تعبيره.
وبخصوص توليه ولاية ثالثة على رأس الحزب، التي رفعها أعضاء شبيبة «العدالة والتنمية» مرات عدة في الجلسة، قال ابن كيران إن المجلس الوطني هو الذي سيقرر «إذا اقتضى الأمر لا تقولوا الولاية الثالثة، أريدكم أن تقوموا باللازم من أجل أن يبقى رأس البلد مرفوعاً. هذا هو الطريق رغم أنه قاسي. لكن لا بد من الصبر».
من جهته، أكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن الحكومة مستمرة في نهجها الإصلاحي، وستواصل ما بدأته حكومة ابن كيران، مبرزاً أن هناك «جهات تعمل على عرقلة عمل الحكومة والمشاريع التي تطلقها من أجل خدمة المواطنين».
وهاجم العثماني وسائل الإعلام التي اتهمها بممارسة «التشويش والتضليل»، معتبراً أن «80 في المائة من الأخبار التي تنشرها الصحف والجرائد المغربية، إما يتم تضخيمها أو تكون مضللة»، وأشار إلى أن الحزب يتعرض منذ مدة لما سماها «حملة ممنهجة تستهدف أداءه في الحكومة ومنجزاته السياسية».
وأفاد العثماني بأن حكومته تستعد لتقديم حصيلة المائة يوم الأولى من التدبير الحكومي، مشيراً إلى أنها ستكون «حصيلة مشرفة جداً».
وبدأ لافتاً إلى أن رئيس الحكومة لم يحظَ بالاستقبال الحار نفسه الذي خص به شباب الحزب ابن كيران، الذين لم يترددوا في التصفيق له بحرارة مرات عدة أثناء إلقاء كلمته، فضلاً عن رفضهم شعار المطالبة بالولاية الثالثة له في حضرة العثماني الذي يعد المرشح الأبرز لخلافة ابن كيران، ما لم يتم تعديل القانون بما يسمح لابن كيران بتولي قيادة الحزب لولاية ثالثة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT
20

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».