عزل الجيش اللبناني أمس عناصر تنظيم داعش عن جرود عرسال، وأحكم حصارهم في الجرود، معززاً خط الحماية عن عرسال والبلدات اللبنانية المواجهة للجبهة ضد التنظيم في التلال الحدودية بين لبنان وسوريا، وذلك إثر تقدم أحرزه الجيش أفضى للسيطرة على مرتفعات حاكمة وضعت مسلحي التنظيم تحت النار.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أمس، في بيان صادر عن مديرية التوجيه، أن «وحدات من الجيش تمركزت على تلال ضليل الأقرع، دوار النجاصة وقلعة الزنار من ناحية جرود منطقة عرسال، استكمالا لانتشار هذه الوحدات في إحكام الطوق على المجموعات الإرهابية التابعة لداعش، كما واصلت مدفعية الجيش استهداف مراكز هذا التنظيم في جرود منطقتي رأس بعلبك والقاع، حيث دمرت عددا من التحصينات، وأوقعت إصابات مؤكدة في صفوف الإرهابيين».
وأوضحت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، أن التقدم الذي أحرزه الجيش يندرج ضمن إطار التحضيرات للمعركة المرتقبة، حيث «تقدمت القوى العسكرية إلى نقطة مرتفعة تشرف على مواقع انتشار عناصر التنظيم الإرهابي، وباتت تلك العناصر المتطرفة تحت نيرانه».
وعما إذا كانت العملية تندرج ضمن إطار استراتيجية «قضم تدريجي غير معلن»، أكدت المصادر أن النقاط التي باتت تحت سيطرة الجيش «تعزل التنظيم عن جرود عرسال، وتمنعه من التسلل إليها، حيث بات التنظيم محاصرا من الجهتين الجنوبية والغربية، ومطوقاً، كما بات معزولاً عن جرود عرسال».
والنقاط التي تقدم إليها الجيش، لا تبعد كثيراً عن نقاط تمركزه، وقد مهّد للعملية بقصف يُعتبر استكمالاً للقصف الذي ينفذه منذ فترة لمنع العناصر المتطرفة من التسرب إلى العمق اللبناني ومن التسلل إلى مناطق ليست تحت سيطرته في هذا الوقت.
وقالت المصادر نفسها إن «الخطر الأكبر كان بتمدد التنظيم جنوباً إلى جرود عرسال، لكن الجيش ضاعف عزلة التنظيم في التقدم الأخير، وشدد محاصرته له ضمن الجرود عبر الانتشار في خط جغرافي يعزله عن جرود عرسال من الجهة الجنوبية»، مشيرة إلى أن الجيش «اتخذ كافة الاحتياطات وهو مستعد لكافة السيناريوهات التي قد يلجأ إليها عناصر التنظيم».
سياسيا، أكد وزير الدفاع يعقوب الصراف أنّ الموقف الداعم للجيش اليوم هو «مطلق وأقوى من ذي قبل والجميع يقف صفّا واحداً خلف المؤسسة العسكرية لخوض معركة الجرود وتحريرها من قبضة الإرهابيين».
ودعا الصراف في حديث إذاعي، إلى عدم التشكيك بقدرة الجيش والدخول في سجالات عقيمة في خضمّ استعداداته لخوض معركة رأس بعلبك والقاع موضحاً أنّ القرار العسكري في هذه المسألة يعود للجيش وحده فيما القرار السياسي يتّخذ في مجلس الوزراء بناء على قرار الحكومة مجتمعة.
ورداً على سؤال حول التنسيق العسكري بين الجانبين اللبناني والسوري، نفى الصراف أي تنسيق من هذا النوع عازيا السبب إلى الخلاف السياسي في هذا الملف، غير أنه تساءل في الوقت نفسه: «أين المشكلة في التنسيق مع سوريا إن كان سيصب في صلب المصلحة الوطنية؟».
أما عن إمكانية طلب الدعم الأميركي لخوض المعركة، فأعرب الصراف عن اعتقاده بأن الجيش لن يطلب مساعدة أحد، موضحاً في الوقت نفسه أن لا أحد سيألو جهدا في تأمين أي مساعدة للجيش في حال احتاج إليها.
في غضون ذلك، عرقلت الخلافات بين عناصر «سرايا أهل الشام» التابعة لـ«الجيش السوري الحر» في جرود عرسال، عملية ترحيلهم التي كان متوقعة أن تبدأ اليوم.
وقالت مصادر مواكبة لعملية التفاوض لـ«الشرق الأوسط»، إن «سرايا أهل الشام» ينقسمون إلى فريقين، أولهما معارض للنظام السوري، والثاني مؤيد للوسيط السوري محمد رحمة المعروف باسم «أبو طه العسالي». ويتواجد هؤلاء في مخيمات وادي حميد والملاهي خارج بلدة عرسال، كما يتواجد بعضهم في داخل بلدة عرسال. ومن المقرر أن يغادر معارضو النظام إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي بريف دمشق، بينما يتوقع أن يعود الموالون مع عائلاتهم والذي يوافق النظام على عودتهم بموجب «المصالحات» في ريف دمشق، إلى بلدات في القلمون الغربي يتحدرون منها.
وتعد مغادرة «سرايا أهل الشام» ومئات المدنيين الآخرين إلى الرحيبة، المرحلة الثالثة من اتفاق عرسال، بعد تنفيذ مرحلتين تمثلتا في مبادلة جثث قتلى بين «حزب الله» و«جبهة النصرة»، وفي استعادة الحزب لخمسة أسرى من مقاتليه مع «النصرة» في الشمال، مقابل السماح لنحو 5 آلاف مسلح ومدني بالمغادرة باتجاه شمال سوريا.
وجاء الاتفاق في أعقاب سيطرة حزب الله عسكرياً على القسم الأكبر من جرود عرسال اللبنانية وفليطة السورية، قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والشروع في مفاوضات أفضت إلى إخلاء «النصرة» للمنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا في شرق لبنان.
الجيش اللبناني يعزل «داعش» عن جرود عرسال
انقسام «سرايا أهل الشام» يعرقل مغادرتها إلى ريف دمشق
الجيش اللبناني يعزل «داعش» عن جرود عرسال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة