«جبال» من القمامة في شوارع دمشق... والأرصفة بيوت الفقراء و{قصور} المتنفذين

سيارات عامة وخاصة في شوارع دمشق (أخبار دمشق)
سيارات عامة وخاصة في شوارع دمشق (أخبار دمشق)
TT

«جبال» من القمامة في شوارع دمشق... والأرصفة بيوت الفقراء و{قصور} المتنفذين

سيارات عامة وخاصة في شوارع دمشق (أخبار دمشق)
سيارات عامة وخاصة في شوارع دمشق (أخبار دمشق)

اتسعت في مدنية دمشق مشاهد تراكم النفايات في الأحياء الراقية والفقيرة وانتتشار الأوساخ في الطرقات، وطغت رائحة شبكات الصرف الصحي على رائحة الياسمين الذي عرفت به العاصمة السورية، إضافة إلى ترسخ ظاهرتي التشرد والتسول في الطرقات وارتفاع أعدادها إلى أضعاف مضاعفة بسبب الفقر.
وتُعد دمشق التي تعرف بأسماء كثيرة منها «الشام» و«الفيحاء» و«مدينة الياسمين»، أقدم مدينة مأهولة في العالم، حيث يعود تأسيسها إلى نحو تسعة آلاف سنة قبل الميلاد، وأقدم عاصمة في التاريخ. وهي عاصمة لسوريا منذ عام 635 وتمتد مساحتها إلى نحو 105 كيلومترات مربعة. وتقع فيها مدينة دمشق القديمة المحاطة بسور تاريخي، وتمتاز بأبنيتها المشيدة بأسلوب العمارة الدمشقية الشهيرة، وبطرازها الفريد، وبأوابدها العائدة لعصور قديمة، وأماكنها المقدسة من جوامع وكنائس تعد رمزاً للديانات، ومدارس تاريخية، ومقامات وأضرحة وقصور.
طرقها مسحورة ومسكونة بعبق التاريخ، مشى عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والقديسون والملوك والقادة والعلماء والعظماء من صناع التاريخ، مما جعلها محط اهتمام الأدباء والشعراء والرحالة ونُظم في وصفها كثير من النصوص الشعريّة والأدبيّة، وتُحولها إلى مقصد ثقافي وسياسي وسياحي مهم، وتسجيلها على لائحة التراث العالمي لمنظمة «يونيسكو» في عام 1979.
وإن كانت المدينة القديمة، تعتبر أساس دمشق التاريخي، فإن ضواحي وأحياء بدأت بالنشوء حولها في النصف الثاني من القرن العشرين، فزحف العمران نحو سفوح جبل قاسيون وبساتين غوطة دمشق. وباتت أحياء مستقلة عنها تعتبر جزءًا منها، مثل برزة، وجوبر، والمزة، ومشروع دمر، وكفر سوسة، وأبو رمانة، والزاهرة، والتضامن... حتى أصبحت المدينة تقسّم إلى 15 منطقة، تضم 95 حياً، ملتصقة بضواحي حديثة النشوء تتبع إداريا محافظة ريف دمشق، منها جرمانا وأشرفية صحنايا، والبعض الآخر مدن تاريخية مثل دوما وعربين.

شوارع وأوساخ
في شوارع وسط المدينة، أكثر ما يلفت الانتباه في الأعوام الثلاثة الماضية، التشويه الذي أصابها، مع ازدياد عدد «الأكشاك» و«البسطات» المنتشرة على الأرصفة إلى عشرات أضعاف ما كانت عليه، وشغلها لمعظم مسافة عرض الرصيف، مع «تكرّم القائمين» عليها بالإبقاء للمارة على مسافة بين متر إلى متر ونصف، ليتدافعوا من أجل المرور وخصوصا المستعجلين منهم، أو السير على الطريق وتعريض أنفسهم لخطر السرعات الجنونية لكثير من السيارات مع عدم تقيد عناصر تنظيمات موالية للنظام بـ«آداب القيادة»، وذلك وسط محاولات كثيرة قامت بها محافظة دمشق لإزالة تلك «الأكشاك» و«البسطات»، لكنها وفي كل مرة كانت تبوء بالفشل في مؤشر على مدى النفوذ الذي يتمتع به أصحابها، الذين غالبا ما يكونون ضباط أمن، وإصرارهم على بقائها نظرا لما تدر عليهم من أموال طائلة.
الحال هذه، تؤدي إلى امتلاء حاويات القمامة المتوسطة الحجم والموزعة في الطرقات بسرعة فائقة بمخلفات تلك «الأكشاك» و«البسطات»، وانتشار تلك الأوساخ من عبوات عصير وماء ومغلفات وبقايا المأكولات بكثافة على الأرصفة وجانبي الطرقات ومنصفاتها. وكل ذلك وسط حال من اللا مبالاة من محافظة دمشق المعنية بنظافة المدينة، بحجة أنها «لم تعد تمتلك الإمكانات الكافية، بسبب الحرب» التي باتت بالنسبة للنظام «شماعة» يبرر من خلالها تقصيره وإفلاسه.

قصور على الأرصفة
لا يقتصر الأمر على ذلك. وإضافة إلى مئات الحواجز المنتشرة في الشوارع والكتل الإسمنتية التي وضعها عناصر جيش النظام والأمن والميليشيات لتقسيم الطريق الواحدة إلى «مسرب مدني» و«مسرب عسكري» لمرور السيارات، بات العامة من الناس وزائر المدينة يشاهد ما يمكن أن يطلق عليه «فيلات (قصور) الأرصفة» التي أقامها رؤساء تلك الحواجز، ليس فقط للإشراف على عملها اليومي، بل للإقامة بها مع عوائلهم بشكل دائم، ذلك أنه يجري تجهيزها بأحدث المفروشات والخدمات من مطابخ وحمامات. الكثير منها يحتوي على أكثر من غرفتين، عدا عن البذخ الفائق على مظهرها الخارجي.
وما يزيد طين تشويه الطرقات بلة، قيام عناصر جيش النظام والأمن والميليشيات بإحاطة مباني المؤسسات والوزارات التابعة لها والخاصة بكتل إسمنتية كبيرة تأخذ مسافة 50 في المائة من الطريق أحيانا بذريعة الدواعي الأمنية، وبنشر إطارات السيارات ولمسافات طويلة في الطرق، وذلك القسم القريب من الأرصفة، لمنع السيارات من المركون فيها. ومع الترهل الكبير الذي أصاب أغلب مؤسسات النظام ومنها مؤسسة الكهرباء، باتت عمليات الإصلاح التي تجريها الأخيرة «شكلية» غير كاملة، وما يدل على ذلك بقاء أغلب الحفريات دون ردم بعد عملية الإصلاح، وترك الكابلات خارجها في الطرقات، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الأتربة والغبار في الطرقات وتشويهها وتعريض المارة للخطر، عدا عن الصعوبة التي يواجهونها في عملية المرور وتعرض كثير منهم بشكل يومي للسقوط.
ورغم أنّ دمشق معروفة، بأنها مدينة النور، والكهرباء دشنت فيها منذ عام 1907، أضحى كثير من سكانها وزوارها يطلق عليها «مدينة الظلام» في فترات التقنين، بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
في المدينة القديمة، التشويه البصري كبير في معظم أحيائها، ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، مع سيطرة ميليشيات إيرانية وعراقية ومواصلتها السعي لتغيير المعالم التاريخية، عبر شراء البيوت الدمشقية القديمة من مالكيها الدمشقيين وتهجيرهم والحلول مكانهم، لدرجة أنها باتت تبدو للزائر أنها «قم الثانية»، بعدما كانت في يوم من الأيام عاصمة الدولة الأموية، وسط حالة خوف لدى الدمشقيين في ظل سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي المتبعة من قبل النظام.
في حي الميدان العريق الواقع في جنوب المدينة القديمة، ويحوي على بيوت دمشقية تقليدية كبيرة وقديمة تتميز بطرزها المعمارية الجميلة الشعبية وأرضيات مرصوفة بالحجر الأزرق والأسود، يلاحظ الزائر أن هناك عدداً من البيوت تكاد تسقط على رؤوس ساكنيها بسبب ترهلها، وعدم قدرتهم على ترميهما بسبب غلاء المعيشة، وسط معلومات تفيد بامتناع النظام عن مساعدة مالكيها في ذلك وتقديم نافذين فيه يعتقد أن لهم علاقة وطيدة مع إيران عروض لهم للبيع لحساب أو تحويلها إلى مطاعم للسهر والمجون. وبات شائعاً مشاهدة أرصفة في أحياء دمشق القديمة مثل القنوات والقيمرية والعمارة وباب توما والأمين وخان أسعد باشا... بلا أحجار رصف بعد أن خلعتها ورشات الإصلاح لصيانة شبكات الكهرباء والصرف الصحي وترك الأحجار دون إعادتها.
أسواق دمشق الشعبية التي تحيط الجامع الأموي كالسوار في معصم النساء، لم تسلم من التشويه. وفي أبريل (نيسان) العام الماضي التهم حريق ضخم منتصف الليل يعتقد أنه مفتعل معظم محال سوق العصرونية الواقع وسط منطقة أثرية تشهد إقبالاً كبيراً من دارسي الآثار والسياح، وسط توجيه أصابع الاتهام للنظام وإيران، خصوصاً أن عروضاً كثيرة سبقت الأشهر الأخيرة من قبل ضباط إلى أصحاب هذه المحلات ويعرضون عليهم مبالغ ضخمة مقابل بيعها لهم، لكن أحداً من التجار لم يبِع.
وطاول التشويه أيضاً نهر بردى الرمز الأهم في تاريخ المدينة والذي ذكره المؤرخون والشعراء وتغنى به المغنون، ذلك أنه تحوّل إلى مجرى هزيل روائحه تزكم الأنوف والتلوث فيه كبير جداً إلى درجة ظهور الأوساخ الصلبة على سطحه وأصبح مجرى للصرف الصحي!

تلال من النفايات
في المناطق والأحياء المحيطة بدمشق قصص أخرى. وفي «حي الزهور» جنوب شرقي العاصمة، أكثر ما يلفت الانتباه في سوق الخضراوات، هو مشهد تراكم كميات كبيرة من «القمامة» ليومين أو ثلاثة وحتى أربعة في المكان الذي وضعت فيه نحو ثلاث حاويات وانتشار الكميات الزائدة عن طاقة الحاويات الاستيعابية حولها لدرجة تغطيتها على الحاويات. وتشكل تلاً من النفايات تحوم فوقه شتى أنواع الحشرات، بينما ترشح من تحته مياه ملوثة وتنساب إلى منتصف الطريق، لتنبعث منها روائح كريهة، مع غياب كامل لحملات رش المبيدات الحشرية التي يفترض أن تقوم بها المحافظة، للقضاء على القوارض والحشرات المؤذية.
ورغم عشرات الشكاوى وربما المئات التي يقدمها الأهالي للبلديات، فإن الوعود والكلام المعسول الذي ملأ آذانهم لم يغير من واقع الحال شيئاً، بل على العكس تماماً، فالخط البياني لمشكلتهم آخذ بالارتفاع. البعض من الأهالي يأخذ على وسائل الإعلام الرسمية «انشغاله بنفايات لبنان لأنها نفايات خمس نجوم، وإعلامنا يتابعها لحظة بلحظة، أما نفايات البلد فهي مشكلة شخصية على أغلب الظن، ولسنا بصدد الاهتمام لمثل هذه التفاهات»، بحسب معارض في دمشق.
كانت كمية النفايات قبل الحرب في مدينة دمشق وحدها تصل من ألفي إلى ثلاثة آلاف طن يومياً، فيما وصلت اليوم إلى ستة آلاف طن بسبب ورود نفايات ضواحي دمشق إليها، وخروج مكبات النفايات في المناطق المتوترة عن الخدمة، مما أدى إلى تردي وضع النظافة في سوريا بشكل عام.
ويبرر مسؤولون حكوميون التقصير في تقديم خدمات النظافة بـ«تناقص عدد الآليات المخصصة لذلك جراء الحرب، ونقص الكادر البشري منذ نهاية عام 2010 وحتى نهاية عام 2015 لأسباب كثيرة منها بلوغ البعض السن القانونية، إضافة إلى الوفيات والاستقالات، حيث بلغ تناقص العمال خلال الفترة المذكورة نحو 1900 عامل أي ما يعادل 30 المائة من مجموع عدد العمال». ويبررون تقصيرهم أيضاً بزيادة عدد سكان المدينة بسبب عمليات النزوح، حيث وصل عدد سكان المدينة بحسب تصريحاتهم إلى 8 ملايين نسمة بعد أن كان عدد سكان المدينة وريفها قبل الحرب 4 ملايين و400 ألف نسمة.
وأما في ضاحية جرمانا شرق العاصمة، اعتاد الأهالي في حي الروضة على مشهد بحيرة من مياه الصرف الصحي والروائح الكريهة، جراء انسداد الشبكة وتركها دون إصلاح منذ عدة أشهر، حيث يصعب السير في هذا الطريق ليس للأشخاص فقط وإنما للسيارات أيضاً.عدا عن ترك كثير من فتحات الصرف الصحي دون أغطية، مما يشكل خطر السقوط فيها على المارة وخصوصا الأطفال.

أرصفة فنادق النازحين
وفي ظل حالة الفقر المدقع الذي باتت أغلب الأسر تعاني منه، وتأكيد التقارير والدراسات، أن 86 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، يلفت للانتباه ترسخ ظاهرتي التسول والتشرد في معظم شوارع ومناطق دمشق وريفها. ولم يعد يخلو شارع من الشوارع والساحات والحدائق من انتشار عشرات المتسولين سواء الأطفال أو كبار السن من النساء والرجال، أغلبهم دفعتهم الحاجة للتسول، وآخرون امتهنوا العمل به من خلال استغلال تعاطف الناس معهم.
فما إن يقف المرء عند إشارة مرور حتى يهرع إليه ثلاثة أو أربعة أطفال ليمسحوا له زجاج السيارة، وليأخذوا بعد ذلك منه ما تسمح به نفسه، بينما يتخذ كثير من كبار السن مراكز لهم في المناطق المزدحمة يجلسون فيها على الأرض، ويطلقون بصوت عالٍ عبارات لاستعطاف المارة من أجل إعطائهم شيئاً من المال أو الطعام. وما يعكس مدى الحال التي وصلت إليها كثير من العائلات النازحة، اتخذ كثيرون الأرصفة «بيتاً دائماً». وما إن يقترب القادم من جنوب دمشق ليلاً من دوار باب مصلى حتى يشاهد عائلة تفترش عدداً من «البطانيات» على الأرصفة وتنام عليها وحولها عدد من عبوات الماء وبقايا الخبر.
في الفترة الأخيرة، شنت قوات النظام حملة شعواء على إشغالات الرصيف وحتى لوقف محلات مؤقتة لبيع الخضراوات على الأرصفة. لكن الحملة طاولت فقط الفقراء وليس المتنفذين من القريبين من المسؤولين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».