«الوضع صعب». يختصر نازح سوري من عرسال إلى ريف إدلب، حال آلاف المدنيين الذين غادروا لبنان إلى إدلب بموجب اتفاق بين «حزب الله» و«جبهة النصرة». وجد هؤلاء أنفسهم لاجئين مرة أخرى في مخيمات للإيواء في ريف إدلب، بلا أدنى أفق للانتقال مرة أخرى إلى مناطق سيطرة «درع الفرات» بريف حلب الشمالي، أو حتى إلى داخل الأراضي التركية.
36 ساعة، استغرقت الرحلة من عرسال إلى إدلب، توقفت خلالها الحافلات على 7 حواجز عسكرية، لم يتم التدقيق خلالها بهويات النازحين، باستثناء التفتيش عن سلاح ثقيل فعلى أحداها. يقول نازح رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن الرحلة بدأت بالتجمع على أطراف عرسال صباح الأربعاء، لتنطلق بعد الظهر باتجاه الحدود اللبنانية – السورية في فليطة بمواكبة الصليب الأحمر اللبناني. وهناك، توقفت القوافل عند حاجز للنظام السوري. ويشير إلى أن عناصر «حزب الله» طلبوا منهم إغلاق نوافذ الحافلات «منعاً لأي مشادات كلامية مع أحد»، قبل أن تنطلق الحافلات مرة أخرى بمواكبة الهلال الأحمر السوري باتجاه أوتوستراد دمشق - حمص الدولي.
وغادرت 113 حافلة عرسال وجرودها، الأربعاء الماضي باتجاه الشمال السوري، محملة بالمقاتلين وعائلاتهم والمدنيين الراغبين بالخروج من عرسال. وبلغ عدد المغادرين نحو 5 آلاف مسلح ومدني، على أن تُستكمل عملية إخلاء مقاتلي «سرايا أهل الشام» باتجاه الرحيبة في القلمون الشرقي قريباً، وإجلاء المدنيين الراغبين بالعودة إلى قراهم في القلمون الغربي في مرحلة لاحقة.
وتوقفت حافلات المغادرين إلى الشمال مرة أخرى عند حاجز على الأوتوستراد في منطقة النبك، في الساعة الثالثة فجراً، حيث صعدت جندية في القوات النظامية السورية إلى الباصات، لتتأكد من خلو الحافلات من أسلحة ثقيلة. وتجمعت القوافل مرة أخرى، حتى الساعة السابعة والنصف صباحاً لتنطلق من جديد.
يقول النازح إن حافلات المدنيين كانت خالية تماماً من السلاح، بينما عناصر «النصرة» كانوا موجودين في حافلات خاصة استوعبت المقاتلين مع أسلحتهم وعائلاتهم وأغراضهم الشخصية. وكانت حافلات المقاتلين هي الأخيرة في القافلة، إذ «بدأت حافلات المدنيين بالوصول إلى معبر السعن في ريف حماة الشمالي الشرقي قبل حافلات المقاتلين».
وشهد معبر السعن تبادلاً للمدنيين والمقاتلين مقابل 5 أسرى من «حزب الله»، خرجوا على دفعات، حيث كانت تدخل قافلة مقابل خروج أسرى من عناصر الحزب الذين كانوا محتجزين لدى «جبهة النصرة» في شمال سوريا.
استغرق الانتظار ساعة ونصف الساعة عند المعبر، قبل تسليم أول أسرى الحزب. بعدها دخلت القافلة إلى مدينة إدلب، وبدأت القوافل الأخرى بالدخول مقابل تسليم أسير يليه آخر. ويقول النازح: «تم توزيع المدنيين في مركزي إيواء في ريف إدلب» هما مخيم «ساعد» ومخيم «القرية الطينية» في معرة الإخوان قرب معرة مصرين في ريف إدلب، بينما عناصر «النصرة» «دخلوا إلى مدينة إدلب».
ويشير إلى أن أحد المخيمات الذي نزلت فيه الدفعة الأولى من النازحين، هو مخيم تديره جمعية «ساعد» في منطقة معرة الإخوان المحاذية لمعرة مصرين في ريف إدلب. يضيف: «المخيم عبارة عن خمسة خيام كبيرة، جرى إثرها فصل الذكور عن الإناث، وتسلم كل شخص وجبة من الطعام ووجبة فطور»، لافتاً إلى أن المخيم «يتضمن مطبخاً للجميع، ويتم توزيع الوجبات على النازحين الموجودين فيه».
المنطقة التي نزل فيها النازحون، تسيطر عليها الفصائل المعارضة وفصائل متشددة أخرى بينها «جبهة تحرير الشام» (النصرة).
ويصف النازح المعيشة في المخيم، بأنها «صعبة»، قائلاً: «يمكن لأي شخص أن يستقل في منزل خاص، لكن يجب أن يكون قادراً على دفعات إيجارات البيوت التي تبدأ من مائة دولار شهرياً لقاء الإقامة في غرفتين ومنفعاتهما»، لكن «هذا الوضع متعثر بالنسبة للنازحين الذين لا يستطيعون دفع إيجارات منازلهم لأكثر من شهرين، في ظل انعدام فرص العمل في المحافظة من غير وجود رأسمال يمكن النازح من افتتاح عمل والمباشرة بحياة جديدة».
وخلافاً للنازحين المدنيين، فإن عناصر «النصرة يمتلكون أموالاً تؤهلهم لاستئجار البيوت والإقامة فيها، وهو ما دفعهم للمغادرة باتجاه مدينة إدلب حيث تعتبر الإيجارات أكثر كلفة». ويقول: «حال المدنيين صعب، ومصيرنا مجهول، في ظل انقطاع الطريق بين إدلب ومناطق سيطرة درع الفرات، وفي ظل إغلاق الحدود السورية - التركية»، مشيراً إلى أنهم لم يلتقوا بممثلين عن المنظمات الدولية حتى الآن.
رحلة «صعبة وطويلة» من جرود عرسال... إلى «مركز إيواء» في إدلب
رحلة «صعبة وطويلة» من جرود عرسال... إلى «مركز إيواء» في إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة