مركز يعيد الأمل إلى أطفال عناصر «داعش» في ليبيا

معظمهم فقد والديه بسبب النزاع الدائر... وكلهم يعانون مشكلات نفسية وصحية مستعصية

أطفال يتم تأهيلهم داخل مركز الهلال الأحمر في مصراتة (أ.ف.ب)
أطفال يتم تأهيلهم داخل مركز الهلال الأحمر في مصراتة (أ.ف.ب)
TT

مركز يعيد الأمل إلى أطفال عناصر «داعش» في ليبيا

أطفال يتم تأهيلهم داخل مركز الهلال الأحمر في مصراتة (أ.ف.ب)
أطفال يتم تأهيلهم داخل مركز الهلال الأحمر في مصراتة (أ.ف.ب)

بدأت تعود البسمة تدريجياً إلى وجوه نحو 30 طفلاً داخل مركز للهلال الأحمر في مصراتة، الواقعة غرب ليبيا، عانوا الأمرين جسدياً ونفسياً بسبب النزاع الدائر في البلد بعد أن تيتموا أو فقدوا أهلهم، الذين التحقوا بتنظيم داعش المتشدد. وحتى وهم يلهون ويمرحون في الباحة ويلعبون على الأرض، يحاول هؤلاء الفتيان والفتيات الـ28 أن يظلوا قريبين من بعضهم بعضاً، كما لو كانوا عائلة واحدة، فيما عيون الكبار ساهرة على من هم أصغر سناً.
القصة بدأت قبل 8 أشهر، وبالضبط في ديسمبر (كانون الأول) 2016، عندما بسطت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس سيطرتها على مدينة سرت، واكتشفت أن آباء وأهالي هؤلاء الأطفال التحقوا بصفوف تنظيم داعش، إثر اشتباكات عنيفة دامت شهوراً عدة، وتركوا وراءهم أطفالاً في مقتبل العمر يعانون الفقر والجوع وأزمات نفسية حادة.
وبسبب هذا الوضع الإنساني المتأزم، قامت القوات الموالية لحكومة طرابلس بنقل هؤلاء الأطفال، المنتمين إلى جنسيات مختلفة، إلى مركز إيواء في مصراتة، وكان هؤلاء الأطفال عند وصولهم إلى المركز في «حالة مزرية جداً على الصعيدين النفسي والصحي»، بحسب ما يقول علي الغويل، رئيس قسم الإعلام والتوثيق في جمعية الهلال الأحمر الليبي، فرع مصراتة، الذي أوضح أن هؤلاء الصغار عانوا لأشهر عدة من نقص في المياه والطعام والأدوية وقصف متواصل، وبات الخوف يستولي عليهم عند سماعهم أي ضجة. كما يعاني البعض من إصابات خطرة «بأعيرة نارية في الرأس والصدر أو القدمين»، بحسب ما يقول الغويل خلال زيارة لفريق من وكالة الصحافة الفرنسية إلى المركز.
في هذا الصدد يروي علي أحمد، وهو أحد أفراد جمعية الهلال الأحمر، كيف حاول بفارغ الصبر أن يعيد البسمة إلى وجه الطفل أحمد الذي بترت يده وقاسى مآسي شديدة، وقال بهذا الخصوص: «كنت في كل مرة أحاول الاقتراب منه واللعب معه كي يعتاد عليَّ».
وبفضل هذه الجهود تغلب محمد على إعاقته اليوم، وأصبح يلهو مع أصدقائه في باحة المركز والبسمة تعلو وجهه قبل أن يرتمي في حضن علي أحمد.
وبعد تحرير سرت من قبضة تنظيم داعش، نُقل 52 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 5 أيام و9 سنوات إلى مركز مصراتة. وأعيد الذين يملكون أقرباء في ليبيا إلى عائلاتهم، لكن الأمور تعد أكثر تعقيداً بالنسبة إلى المولودين من والدين أجنبيين، كانا يقاتلان في صفوف التنظيم المتطرف. ففي يونيو (حزيران) الماضي، أعيد 8 أطفال سودانيين إلى الخرطوم، من بينهم طفل في عامه الأول. غير أن 15 طفلاً تقريباً من الجنسية التونسية أو المصرية ما زالوا عالقين في المركز، إذ لم ترد سلطات تونس والقاهرة على طلب الهلال الأحمر بإعادتهم إلى موطنهم، ولذلك يأمل علي أحمد أن يتمكنوا من العودة إلى حضن عائلاتهم في أوطانهم الأصلية رفقة ذويهم.
وفي انتظار أن يتحقق ذلك، يحاول الهلال الأحمر أن ينأى بالمركز عن الفوضى التي تعم البلد، حيث يتنازع طرفان على السلطة وسط اشتباكات مع مجموعات مسلحة. ويحظى الأولاد بمتابعة طبية ونفسية، لكنه يفتقر للتجهيزات الضرورية لبعض الحالات، وفي هذا السياق، يقول الغويل إن المركز لا يدخر جهداً «للتواصل مع أي جهة متاحة بهدف زرع طرف اصطناعي» لمحمد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.