في مدينة السلمية في ريف حماة وسط سوريا، من الصعب أن يتكلم السكان للصحافيين بحريّة مطلقة؛ إذ إنهم يخشون الاعتقال إزاء ذلك من قوات النظام السوري التي تسيطر على مدينتهم على بعد 30 كيلومتراً شرق مدينة حماة. كما أنه ليس من السهل أيضاً التقاط الصور وسط المدينة، حيث تتمركز وحدات من جيش النظام وعناصر موالية في هذه المدينة المجاورة لريف حمص الذي شهد إعلان هدنة برعاية روسية.
وقال سكان محليون من أهالي السلمية لـ«الشرق الأوسط»: إن «أغلب القاطنين في المدينة يعيشون أوضاعاً مادية متدهورة، حيث إن قسماً من السكان يعتمدون على الرواتب الوظيفية التي لم تعد تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية؛ نظراً للارتفاع الهائل في أسعار المواد المعيشية اليومية». وقال أحدهم: «هناك قسم آخر من سكان المدينة، كان يعتمد في معيشته على الزراعة، لكنها لم تعد ممكنة بعد سيطرة تنظيم داعش على أغلب أراضي قرى الريف الشرقي من المدينة وسيطرة (جبهة النصرة) وبعض الكتائب الإسلامية المحسوبة على المعارضة السورية المسلحة على الريف الغربي من المدينة». وبحسب سكان محليين، فإن «المواد التموينية باهظة الثمن، ولم تعد رواتب الموظفين كافية للعيش بها أكثر من أسبوع واحد في الشهر».
وتسيطر قوات النظام السوري على المدينة، حيث تتواجد مختلف أجهزة الاستخبارات ومجموعات صغيرة من «حزب الله» اللبناني والقوات الروسية، حيث تتخذ الأخيرة من منطقة المساكن مقراً لها.
وتتوزع وحدات من الجيش السوري في ضواحي المدينة. من الجهة الشرقية يصل تواجد الجيش السوري إلى قرية «برّي الشرقي»، حيث تقوم عناصر قوات النظام من هناك بقصف أماكن متعددة، حيث كتيبة المدفعية. من الجهة الغربية للمدينة، تتمركز قوات الدفاع الوطني في منطقة السطحيات. أما في الجهة الشرقية الجنوبية من المدينة، فهناك قوات الدفاع الوطني حتى قريتي فريتان وتل جديد؛ ما يشكل صعوبة كبيرة في تحرك السكان لتأمين العمل ومستلزماتهم الحياتية.
ويتخوف أهالي السلمية من هجمات محتملة على مدينتهم من قبل مقاتلي تنظيم داعش، حيث ارتكب التنظيم مجازر مروعة بحق مدنيين يقيمون في ريف المدينة في شهر مايو (أيار) الماضي، حيث قُتل العشرات، بينهم أطفال في قرية العقارب برصاص مقاتلي «داعش»، في الوقت الذي يختطف فيه التنظيم نفسه عشرات المدنيين من قرية «المبعوجة» منذ عامين أسرى حرب.
وبحسب شهاداتِ شهود عيان، ينقسم الجرحى إلى مجموعتين: الأولى، تعيش في مناطق سيطرة التنظيم والفصائل العسكرية المحسوبة على المعارضة السورية المسلحة، حيث تتم معالجتهم في مشافي ميدانية تنعدم فيها المقومات الصحية. بينما الأخرى، فتعيش في أماكن سيطرة النظام، وهم يتلقون علاجهم أيضاً، لكن في مستشفيات حكومية مثل مستشفى السلمية الوطني والمشفى التخصصي، إضافة إلى مستشفيات مدينة حماة.
ويعاني المرضى والجرحى في المدينة من ارتفاع أسعار الأدوية وفقدان بعضها. وقال أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: إن «بعض الأدوية تُباع بضعفي ثمنها نتيجة فقدانها في الصيدليات».
ويعتمد أهالي المدينة على شبكات الاتصالات السورية لتوفير لهم خدمة الإنترنت. وتبدو شوارع المدينة شبه خالية من الشباب بعدما هاجر الكثير منهم نتيجة الخدمة العسكرية الإلزامية التي يفرضها النظام السوري على الشبان ممن أتمَّ الثامنة عشرة من عمره، إضافة إلى هجرة الكثير من السكان بعد تدهور الوضع المعيشي لديهم، إلى جانب هجرة بعضهم نتيجة مشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في البلاد عام 2011.
واللافت أن نشاط المعارضة السورية حالياً داخل المدينة بات يقتصر على العمل الإغاثي للنازحين القادمين من مدن سورية أخرى، بعدما انسحبت الفصائل العسكرية التي كانت تقاتل تحت راية «الجيش السوري الحر» إلى خارج المدينة، حيث يقاتل بعضهم الآن ضمن قوات «درع الفرات» التي تدعمها أنقرة.
وتجدر الإشارة إلى أن المدينة تشهد بين الحين والآخر توترات أمنية حالها حال بقية المدن السورية نتيجة المواجهات العسكرية بين مقاتلي تنظيم داعش وعناصر من الجيش السوري، لكن رغم هذا كله، قد تكون السلمية هي المدينة الأكثر أماناً بالمقارنة مع جاراتها، حيث يتخذ منها السوريون القادمون من مناطق أخرى ملجأً لهم بعد فرارهم من مناطقهم المجاورة لها نتيجة المعارك العسكرية الدائرة في تلك المناطق.
أهالي مدينة السلمية بين فكي «داعش» وقوات النظام
خالية بعد هجرة شبابها تجنباً للخدمة العسكرية
أهالي مدينة السلمية بين فكي «داعش» وقوات النظام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة