هجوم على مرتكز أمني جنوب مصر يُنذر بتطور نوعي في أهداف الإرهاب

سقوط 4 ضحايا من الشرطة... وحبس 5 أشخاص بتهمة اعتناق فكر «داعش»

TT

هجوم على مرتكز أمني جنوب مصر يُنذر بتطور نوعي في أهداف الإرهاب

بعد نحو أسبوعين من هجوم إرهابي على مرتكز أمني بمدينة البدرشين ذات الطابع السياحي بمحافظة الجيزة، قتل أمين شرطة ومواطن، وأصيب 3 آخرون، في هجوم إرهابي بسيارة على نقطة ارتكاز أمني بمدينة إسنا القريبة من الأقصر السياحية جنوب مصر، وقالت مصادر أمنية إن «السلطات تمكنت من توقيف أحد العناصر الإرهابية المتورطة في الهجوم، وضبط السيارة المستخدمة وبها حزام ناسف وقنبلة وأسلحة آلية».
وأضافت المصادر أن «الهجوم يحمل بصمات حركة (حسم) الإرهابية التي نفذت عشرات العمليات، وينذر بتطور نوعي لأماكن العمليات الإرهابية، حيث باتت الجماعات المسلحة تعمل على تنويع عملياتها من حيث الموقع الجغرافي». ورجحت المصادر أن «يكون الهجوم الإرهابي محاولة لضرب السياحة باستهداف المدن السياحية الكبرى مثل الأقصر، عقب فشل حركة (حسم) في القيام بأعمال كبيرة تذكر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في القاهرة والجيزة وأماكن تمركز عناصرها».
يأتي هذا في وقت قررت فيه السلطات القضائية حبس 5 أشخاص لاتهامهم باعتناق الفكر الداعشي الإرهابي، وتلقيهم تدريبات قتالية في أفغانستان.
وفي الشهر الماضي قام طالب مصري بالتعدي بسكين على 6 سائحات في مدينة الغردقة السياحية، ما أدى إلى مقتل ألمانيتين في الحال، ووفاة سائحة تشيكية متأثرة بإصابتها فيما بعد.
وظلت المدن السياحية في مأمن من الهجمات الإرهابية خلال الفترة الماضية، غير أن هذا الهجوم يشير إلى عودة استهداف الجماعات المسلحة المدن السياحة، وهي الظاهرة التي انتشرت خلال تسعينات القرن الماضي، وكان أفدحها «مذبحة الأقصر» في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1997 حين هاجم 6 رجال بأسلحة معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقتلوا نحو 60 سائحا. والأقصر تبعد عن القاهرة نحو 670 كيلومترا وتضم أكثر من 800 منطقة ومزار أثري، من أهمها معبد الأقصر ومعابد الكرنك ومقابر وادي الملوك والملكات. وتسعى القاهرة لاستعادة السياحة مرة أخرى بعد أن قرر كثير من الدول الأوروبية حظر سفر رعاياها من السياح إلى مصر عقب حادثة سقوط طائرة الركاب الروسية في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وسط شبه جزيرة سيناء ومقتل جميع ركابها وعددهم 224. ويعتمد نحو 6 ملايين مصري على العمل في قطاع السياحة، سواء سياحة الآثار في القاهرة والصعيد جنوبا، أو سياحة الشواطئ على البحر الأحمر والساحل الشمالي، أو سياحة السفاري في الواحات الغربية.
وعن تأمين مدينة الأقصر السياحية، قال مسؤول محلي بالمحافظة إن «المدينة السياحية تخضع لتحركات واسعة للشرطة لتأمين المزارات الأثرية في شرق وغرب المدينة التاريخية، حيث تجري بشكل يومي عمليات مسح للمعابد والمقابر الفرعونية وللحافلات السياحية وللبالون الطائر الذي فرضت تدابير مشددة حوله»، مضيفا: «تشمل تحركات الشرطة عمليات تمشيط الجزر النيلية قرب المراسي النيلية والفنادق العائمة والمناطق الجبلية المتاخمة للمزارات الأثرية... كما تكثف الشرطة وجودها على مداخل ومخارج الأقصر وفي محيط مطارها الدولي والطرق السياحية التي تسلكها الحافلات السياحية». ولفت المسؤول، الذي فضل عدم تعريفه لحساسية موقعه، إلى أن «المواقع الأثرية جنوب مصر مؤمنة تماما وفق أعلى مستوى من التجهيزات والترتيبات الأمنية».
وقال مسؤول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية، أمس، إنه أثناء قيام كمين مرور متحرك بمباشرة أعماله بمركز شرطة مدينة إسنا اشتبه في إحدى السيارات كان يستقلها شخصان، وحال توقيفها قام الشخصان بإطلاق الأعيرة النارية تجاه القوات، وقامت قوة الكمين بمطاردة المتهمين وتمكنت من ضبط أحدهما والسيارة.
وقالت المصادر الأمنية إن «استهداف المواقع السياحية من الأمور الحاضرة على أجندة الجماعات الإرهابية ومنها (حسم) طوال الوقت، غير أنها تأجلت فترة». موضحة أن «حسم» أصبحت محاصرة وغير قادرة على إنتاج أعمال إرهابية كبيرة ذات جدوى منذ عدة أشهر، فتم الرهان على أهداف جديدة ربما يكون الأمن فيها أضعف في محافظات ومدن بعيدة عن القاهرة. وتابعت المصادر نفسها: «لقد تم توجيه عدد من الضربات الأمنية القوية لـ(حسم) خلال الأشهر الماضية... والعمليات الإرهابية غير المنظمة التي تقوم بها الحركة من وقت إلى آخر تأتي في إطار حرص عناصرها المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية، على الظهور في المشهد مجددا للحصول على الدعم المالي من الخارج، لشراء المواد المتفجرة والإنفاق على عمليات التدريب في معسكرات الإرهاب بالمناطق الصحراوية».
يذكر أن إجمالي عدد الإرهابيين الذين تمت تصفيتهم من أفراد «حسم» في محافظة الجيزة وحدها بلغ 9 إرهابيين على مدار شهرين، وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية مقتل اثنين قبل 10 أيام، وفي يونيو (حزيران) الماضي تم قتل مسؤول الدعم المالي للحركة. وتبنت «حسم» كثيرا من حوادث استهداف الارتكازات الأمنية، وتقول الحكومة المصرية إن «مئات الجنود والضباط قتلوا في استهداف النقاط الأمنية».
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) عام 2013 ازدادت وتيرة الهجمات الإرهابية، وامتدت من سيناء إلى القاهرة ومحافظات أخرى، غير أنها عادة ما تستهدف منشآت أمنية.
من جانبه، أدان الأزهر الهجوم الإرهابي، مجددا رفضه جميع أشكال العنف الإرهاب، مؤكدا دعمه لقوات الجيش والشرطة في مواجهة القوى الظلامية التي لا تريد الخير لهذا الوطن الأصيل، داعيا إلى ضرورة مواصلة التصدي بكل حسم وقوة لمن يقفون وراء هذه العمليات الإرهابية الجبانة والداعمين لها.
في سياق متصل، قررت السلطات القضائية في محافظة كفر الشيخ بدلتا مصر حبس 5 أشخاص من مركز البرلس لاتهامهم باعتناق الفكر الداعشي الإرهابي 15 يوما على ذمة التحقيقات. وكانت الأجهزة الأمنية المعنية بكفر الشيخ ألقت القبض على 5 أفراد وبحوزتهم مبلغ 65 ألف جنيه، وجهاز للتجسس، وكتب ومنشورات تحرض على اعتناق الفكر الإرهابي والتكفيري.
وكشفت التحقيقات أن المتهمين اعتنقوا فكر تنظيم داعش الإرهابي عن طريق الإنترنت، وتواصلوا مع الكوادر الداعشية الإرهابية، وتلقوا تدريبات قتالية في أفغانستان، ثم عادوا لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف بعض الرموز الوطنية وكثيرا من المنشآت الحيوية في مصر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.