روسيا تضع أساس أكبر مصانعها للغاز بأهداف تتخطى الاقتصاد

ضمن تدابير تنموية للحفاظ على الوضع الديموغرافي بأقصى الشرق

بوتين خلال وضع حجر الأساس لمصنع جديد للغاز في مقاطعة آمور شرق روسيا يستمع لشرح من رئيس إدارة غازبروم أمس (إ.ب.أ)
بوتين خلال وضع حجر الأساس لمصنع جديد للغاز في مقاطعة آمور شرق روسيا يستمع لشرح من رئيس إدارة غازبروم أمس (إ.ب.أ)
TT

روسيا تضع أساس أكبر مصانعها للغاز بأهداف تتخطى الاقتصاد

بوتين خلال وضع حجر الأساس لمصنع جديد للغاز في مقاطعة آمور شرق روسيا يستمع لشرح من رئيس إدارة غازبروم أمس (إ.ب.أ)
بوتين خلال وضع حجر الأساس لمصنع جديد للغاز في مقاطعة آمور شرق روسيا يستمع لشرح من رئيس إدارة غازبروم أمس (إ.ب.أ)

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن انطلاق الأعمال لوضع أساس مصنع جديد للغاز في مقاطعة آمور، الواقعة في أقصى شرق روسيا، وذلك في إطار برنامج موسع أطلقته الحكومة الروسية، يرمي إلى تفعيل النشاط الاقتصادي - البشري في تلك المنطقة. وفي دلالة على أهمية المشروع، ومكانته الخاصة في الاستراتيجية الاقتصادية الروسية، وتأكيداً على الاهتمام الرسمي بإنعاش النشاط الاقتصادي - البشري في تلك المنطقة، قام بوتين، أمس الخميس، بجولة تفقدية على المنطقة التي تم اختيارها لبناء مصنع الغاز الجديد في مقاطعة آمور، يرافقه عدد كبير من المسؤولين، في مقدمتهم أليكسي ميلر رئيس مجلس إدارة شركة «غاز بروم» الحكومية المحتكرة للغاز في روسيا.
وقال ميلر إن أول خطين إنتاجيين في المصنع، بقدرة 14 مليار متر مكعب من الغاز، سيدخلان الاستخدام العملي في مايو (أيار) عام 2012، أما إجمالي قدرة إنتاج المصنع الجديد، بعد أن يبدأ العمل في كل أقسامه وشبكات أنابيبه، فستبلغ نحو 42 مليار متر مكعب. وسيعتمد المصنع الجديد على الغاز الذي سيتم ضخه عبر شبكة أنابيب «قوة سيبريا»، علما بأن شبكة الأنابيب المذكورة جزء من مشروع ضخم لتصدير الغاز الروسي إلى الصين، تم الاتفاق عليه بين البلدين. وتنوي روسيا بناء مصنع ثان في المنطقة للصناعات الغازية والكيميائية، قال الرئيس بوتين إنه سيكون الأضخم في روسيا والعالم.
ومن خلال إطلاقها مشروعات اقتصادية عملاقة في منطقة أقصى شرق روسيا، تسعى الحكومة الروسية إلى تحقيق عدة أهداف، ومنها بالدرجة الأولى، الاستفادة من الموقع الجيواقتصادي لتلك المنطقة، بالقرب من دول منطقة آسيا والمحيط الهادي، ومن الثروات الطبيعية الهائلة فيها، لتفعيل النشاط الاقتصادي والبشري، وخلق مناخات إيجابية لجذب الاستثمارات، واستقطاب العمالة والخبرات الفنية والتقنية والثقافية والفكرية إلى هناك. وخلال مشاركته في إعلان بدء العمل على بناء مصنع آمور للغاز، قال الرئيس الروسي إن هذا المصنع عندما تصل مرحلة العمل على بنائه إلى الذروة، سيستقطب نحو 25 ألف شخص، وبعد أن يبدأ عمله كمصنع لمعالجة الغاز سيوفر في المنطقة نحو 3 آلاف فرصة عمل، كما سيمهد لبناء مصنع آخر، سيكون الأضخم عالميا للصناعات الكيميائية والغاز، لافتاً إلى أن عشرات الآلاف من العمال سيشاركون في بناء المصنع الجديد، كما أنه سيوفر مثلها من الفرص عندما يبدأ دوره كمعمل للكيميائيات والغاز.
وأشار بوتين إلى أن مصنع آمور للغاز الذي بدأت أعمال تشييده، هو الأضخم في تاريخ روسيا، وقال إن أضخم مصنع كهذا تم تشييده في الحقبة السوفياتية كان بقدرة 38 مليار متر مكعب، أما المصنع الحالي فهو بقدرة 42 مليار متر مكعب، وأعرب عن قناعته بأن «بناء المصنع الجديد خطوة مهمة لا تقتصر نتائجها على تطوير قطاع الغاز في روسيا فحسب، بل وستساهم في تطوير كل منطقة أقصى شرق روسيا».
وتولي الحكومة الروسية خلال السنوات الأخيرة أهمية خاصة لتطوير وتنمية منطقة أقصى شرق روسيا، حتى أنها قامت وللمرة الأولى في تاريخ الحكومات الروسية، بتأسيس وزارة خاصة، تُعرف باسم «وزارة روسيا الفيدرالية لتنمية الشرق الأقصى». ويقول خبراء إن هذا الاهتمام الرسمي بالمنطقة يعود إلى القلق من تغيرات ديموغرافية قد تطرأ عليها نتيجة هجرة العمالة المحلية (من المواطنين الروس) من أقصى الشرق إلى الوسط، بحثا عن فرص عمل وظروف حياة أفضل، مقابل زيادة الهجرة من الصين إلى مناطق سيبيريا وأقصى شرق روسيا.
وحسب تقديرات خبراء روس، فإن المشكلة الأكثر حدة التي تواجهها الأجزاء الآسيوية من روسيا هي الوضع الديموغرافي والأمن الاجتماعي، حيث يلاحظ تدفق للخبرات والعمالة خارج المنطقة. وللحد من هذه الظاهرة والحفاظ على الهوية الروسية لتلك المناطق، كان لا بد من خلق نشاط اقتصادي يضمن ظروفا معيشية ملائمة لأبناء تلك المناطق، ويحد من هجرتهم، ويساعد على هجرة معاكسة إلى تلك المناطق، خشية من حدوت تغير ديموغرافي يؤدي إلى خلق نزاع على ملكية تلك المناطق بين روسيا ودول الجوار، لا سيما الصين.
وفي إطار تدابير تشجيع المواطنين الروس على التوجه للإقامة والاستقرار في مناطق أقصى شرق روسيا، أطلقت الحكومة الروسية برنامجا يُعرف باسم «هكتار أقصى شرق روسيا»، وبموجب ذلك البرنامج يحق لأي مواطن روسي الحصول مجاناً على هكتار أرض، في أجزاء تم تحديدها من تلك المنطقة، على أن يستغل تلك المساحة من الأرض في أي نشاط إنتاجي لا ينتهك القوانين الروسية.
ويحظر القانون بيع «الهكتار» لمواطنين أجانب، أو لشركات، أو تأجيره، ويتم نقل ملكيته فقط بموجب قانون الإرث، أي للورثة من جيل لآخر. ويجب أن يعيش كل من يحصل على هكتار، على تلك الأرض أو بالقرب منها. فضلا عن ذلك اعتمدت السلطات الروسية جملة تدابير أخرى لتفعيل النشاط التجاري - الاقتصادي - الإنتاجي في تلك المنطقة، بغية تحسين الوضع الديموغرافي هناك.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».