«فتح» تصف مبادرة «حماس» للمصالحة بـ {الهراء والكلام الفارغ}

قطع رواتب موظفي 2005 يزيد الضغط على الحركة الحاكمة في قطاع غزة

«فتح» تصف مبادرة «حماس» للمصالحة بـ {الهراء والكلام الفارغ}
TT

«فتح» تصف مبادرة «حماس» للمصالحة بـ {الهراء والكلام الفارغ}

«فتح» تصف مبادرة «حماس» للمصالحة بـ {الهراء والكلام الفارغ}

وصفت حركة فتح مبادرة حركة حماس لإنهاء الانقسام، بكلام «هراء»، رافضة «اشتراطات» الحركة الحاكمة في قطاع غزة.
وكانت حركة حماس أعلنت أمس، استعدادها لحل اللجنة الإدارية الحكومية، فور تسلم حكومة الوفاق الوطني مسؤولياتها كافة في قطاع غزة. لكنها اشترطت قبل كل شيء، استيعاب وتسكين كل الموظفين القائمين على رأس أعمالهم (التابعين لحماس).
وطالب عضو المكتب السياسي للحركة، صلاح البردويل، كذلك، بالإلغاء الفوري لكل الإجراءات التي فرضت على غزة، بحجة تشكيل اللجنة الحكومية. وقال: «تأكيداً على ما ورد في خطابات رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية؛ فإن حماس تمد يدها للمصالحة على أسس واضحة وسليمة ومعمقة».
ودعا البردويل إلى الشروع الفوري في حوار وطني، ومشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتفعيل المجلس التشريعي، بالتوافق لأداء مهامه المنوطة به.
كما دعا إلى التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات للمجلس الوطني، وعقد اجتماع فوري للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، لاتخاذ القرارات الوطنية الملزمة للجميع: «رائدنا فيها المصلحة العليا للشعب».
وأكد البردويل، أن هذا الموقف يأتي «استجابة لصوت الجماهير الثائرة في القدس وفي كل مكان، وتفاؤلاً بالانتصار الذي حققته وحدة الشعب الفلسطيني في معركة أبواب الأقصى، وتأكيداً منا على كل مقدمات الوحدة، من اتفاقيات موقعة في مكة والقاهرة والدوحة وغزة وبيروت، ووثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، وامتثالاً لما تمليه علينا المسؤولية الوطنية الفلسطينية».
لكن حركة فتح لم تر في دعوة حماس مبادرة جدية. ووصف الناطق بلسان حركة فتح، أسامة القواسمي، مبادرة حماس «بالتعجيزية».
وقالت مصادر مطلعة في حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»، إنها مبادرة اشتراطات وليست مبادرة مصالحة.
وأضافت: «في فتح نرى هذه المبادرة كلاما فارغا».
وتابعت المصادر: «هناك خريطة طريق وضعها الرئيس لحماس، أولا حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق من عملها، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس، فانتخابات عامة، ومن دون ذلك لا يوجد حلول».
وقالت المصادر: «إن الحكومة لا تستطيع توفير وظائف فورية لموظفي حماس، وأن السلطة لم تعد تقبل أن تبقى صرافا آليا للحركة». وأوضحت المصادر، أن ملف موظفي حماس كان دائما عقدة في طريق الاتفاق؛ ولذلك تضعه حماس على رأس الاشتراطات الآن.
وقالت المصادر، إن رئيس الوزراء رامي الحمد الله، اقترح على حماس أن تسمح لموظفي السلطة بالعودة إلى أعمالهم، ثم يجري، بعد ذلك، حصر الشواغر في كل الوزارات، على أن تكون الأولية في التوظيف لموظفي الحركة، ويتم صرف مكافآت للباقين، لكن حماس رفضت.
وأضافت المصادر: «تريد حماس توظيفهم دفعة واحدة، وهذا مستحيل بالنسبة لإمكانات الحكومة».
وبحسب المصادر، فإن عدم استجابة حماس لمبادرة عباس وإصرارها على توظيف عناصرها بهذه الطريقة، سيعني مزيدا من الإجراءات.
وكان الرئيس محمود عباس، قد اتخذ سلسلة خطوات ضد قطاع غزة لإجبار حماس على التراجع وتسليمه. تمثلت في قطع رواتب، وتخفيض أخرى، ووقف دفع بدل كهرباء ووقود، وإلغاء إعفاءات ضريبية.
واتخذت الإجراءات بعد تشكيل حماس لجنة حكومية بهدف إدارة الوزارات في قطاع غزة؛ الأمر الذي اعتبرته السلطة انقلابا على حكومة التوافق.
وفوجئ موظفو عام 2005 أمس، وهم بالآلاف، وجرى توظيفهم في السلطة عام 2005، بقطع رواتبهم.
وطالت الإجراءات الكثير من الموظفين في قطاع غزة؛ ما يضع مزيدا من الضغط على حماس.
وقالت المصادر، إن «المقصود بكل هذه الإجراءات (هو) الضغط على حماس من خلال الشارع، وستكون هذه الإجراءات مؤقتة إذا ما تمت المصالحة».
لكن حماس أكدت أمس، أنها لن تستجيب بحل اللجنة الإدارية أولا، وأن المطلوب هو تراجع عباس بداية.
وقال القيادي في حماس أحمد بحر: «إن اللجنة الإدارية الحكومية في قطاع غزة، شكلت بسبب الفراغ الإداري والوظيفي الذي تركته حكومة الوفاق، وحل هذه اللجنة مرتبط بقيام الحكومة بمسؤولياتها الكاملة تجاه القطاع».
كما أكد القيادي في حركة حماس، محمود الزهّار، أن «حل اللجنة الإدارية مرتبط برفع العقوبات عن غزة»، محمّلا في الوقت عينه، مسؤولية الانقسام للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس: «الذي لا يريد تطبيق كافة بنود المصالحة رزمة واحدة»، على حد قوله.
وأوضح الزهار، أن «حركته ما زالت تسمع الكثير من العروض الصادرة عن حركة فتح من خلال وسائل الإعلام»، مشيرا إلى أنه «لا أساس لها على أرض الواقع، ولم تخرج حتى اللحظة عن دائرة القول».
ومع إصرار الحركتين على مواقفهما، بدأت تظهر أصوات في الشارع الفلسطيني للضغط من أجل إنهاء الانقسام. فأطلقت شخصيات فلسطينية سياسية وأكاديمية أمس: «نداء القدس» لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007.
ودعا النداء الذي أطلقه تجمع «وطنيون لإنهاء الانقسام» خلال مؤتمر صحافي عقد في مدينة رام الله، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة بأقرب وقت.
وتضمن النداء حل اللجنة الإدارية لحركة «حماس» في قطاع غزة وتراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن كل الإجراءات التي اتخذها بحق القطاع خلال الأشهر الأخيرة، بما يشمل الموظفين والكهرباء والصحة، بشكل متزامن.
وقال عضو سكرتارية «وطنيون لإنهاء الانقسام» تيسير الزبري: إن النداء يدعو إلى تطبيق كل الاتفاقيات الوطنية لإنهاء الانقسام، وأبرزها اتفاق القاهرة 2011، وعدم التعامل مع تفاهمات المصالحة بالتقسيط.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».