دين لبنان العام يبلغ أعلى مستوياته ويصل إلى 77 مليار دولار

غياب الاستثمارات العربية والانكماش الاقتصادي وانخفاض الدخل السياحي أبرز أسبابه

دين لبنان العام يبلغ أعلى مستوياته ويصل إلى 77 مليار دولار
TT

دين لبنان العام يبلغ أعلى مستوياته ويصل إلى 77 مليار دولار

دين لبنان العام يبلغ أعلى مستوياته ويصل إلى 77 مليار دولار

بلغ الدين العام المترتب على لبنان مستويات قياسية بين عامي 2016 و2017، حيث ارتفع خلال العامين الأخيرين بمعدل 7 مليارات دولار، ليبلغ اليوم نحو 77 مليار دولار، ما يطرح تساؤلات حول جدوى الاستدانة، في ظل غياب المشاريع الإنمائية الضخمة التي تتطلب عادة من الحكومات الاستدانة لإنجازها.
وأكد عضو لجنة المال والموازنة ووزير الاتصالات جمال الجراح أن الأسباب الرئيسية لتنامي الدين العام تتمثل في غياب الاستثمارات العربية، والانكماش الاقتصادي، وانخفاض الدخل السياحي، وهبوط نسبة النمو إلى 1.5 في المائة، بعد أن كانت عند مستوى 8 في المائة في عام 2010.
وأوضح الجراح أن زيادة الإنفاق التشغيلي والمصاريف الحالية، مثل خدمة الدين البالغة نحو 3 مليارات دولار، ودعم الكهرباء بمبلغ مليار ونصف المليار دولار، وبدلات مضافة على الرواتب والأجور بقيمة 500 مليون دولار، كانت من الأسباب الرئيسية لارتفاع الدين العام.
ورغم أن الجراح لم ينفِ مسؤولية الحكومة السابقة عن هذا الخلل، فإنه يحمل «أطرافاً أخرى» في لبنان مسؤولية هذه العوامل، التي أدت إلى هذه الزيادة في الدين العام. وقال إن «التدخل العسكري لـ(حزب الله) في الحرب السورية، وفي دول أخرى، ومواقفه الاستفزازية من بعض الحكومات العربية الشقيقة، قد أدى إلى إحجام المستثمرين العرب عن الاستثمار في لبنان، واعتباره بيئة غير مستقرة لضخ رؤوس الأموال الاستثمارية».
وأكد وزير الاتصالات أن الحكومة الحالية، برئاسة الرئيس سعد الحريري، «تعمل على معالجة كل هذه المشكلات، بما يعود بالمنفعة على الموازنة والوضع الاقتصادي بشكل عام في لبنان».
من جهته، قال الخبير الاقتصادي باسل الخطيب إنه «مع تراجع النمو، وغياب الاستثمارات، وزيادة الإنفاق، وانخفاض الواردات، ونمو فوائد الدين، يحقق الدين العام زيادة يوماً بعد يوم، ليبلغ في نهاية مايو 2017 نحو 76 ملياراً و700 مليون دولار أميركي. وفيما كان لبنان يشهد في الماضي ازدياداً في نمو الدين العام، يقابله ازدياد في النمو أيضاً، فهو يشهد اليوم ازدياداً في الدين العام يقابله تراجع في النمو»، لافتاً إلى أن الأزمات السياسية، وغياب الأمن والاستقرار، ألقت بثقلها على الاقتصاد، مع ارتفاع حدة التوترات والتجاذبات بين الأطراف السياسية، وتراجع عدد السياح بشكل لافت في الأعوام الأربعة الماضية، وغياب الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف الخطيب: «هناك أزمة تتمثل بزيادة الإنفاق العام، علماً بأن وزارة المال ومصرف لبنان يعملان على إطالة متوسط استحقاقات ديون لبنان، من أجل تخفيض نسبة الدين، ووضع هيكلية تتحدد فيها نسبة من العملات الأجنبية، مع نسبة من العملات المحلية».
وتتوزع مصادر تمويل الدين في لبنان، بين مصرف لبنان (المركزي) و«باريس 2»، وحكومات ومؤسسات متعددة الأطراف، وغيرها، لكن الجزء الأكبر منه يعود لسندات «يوروبوندز»، ومن ثم المصارف في لبنان، بحسب ما يقوله الخطيب.
وقد قام مصرف لبنان بهندسات مالية حمت الليرة اللبنانية، وجعلت البنك المركزي صامداً في عالم المصارف المركزية التي تهاوت الواحدة تلو الأخرى، خصوصاً في فترة الانهيار المالي والمصرفي بين عامي 2007 و2010. ويعتبر العامل المُطَمئن هو استقرار سعر صرف الليرة، ورسملة المصارف، وسلامتها وقدراتها حتى الآن على مواجهة الديون على لبنان وفوائدها، إلا أن التحدي الذي واجهه الاقتصاد اللبناني، المتمثل في زيادة الإنفاق وانخفاض الواردات، يتمثل بالعقوبات الأميركية على المصارف، فضلاً عن تحديات أخرى لها علاقة بالتطورات في المنطقة، أدت مجتمعة إلى انخفاض الحركة المالية مع الدول العربية والأفريقية، وتراجع تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج بسبب تراجع سعر النفط، حيث هبط حجم هذه التحويلات من 10 مليارات دولار في السابق، إلى نحو 7 مليارات دولار حالياً، إضافة إلى عبء النازحين السوريين على البلاد.
وحول الحلول الممكنة لهذه المشكلة الاقتصادية الكبرى، يقول باسل الخطيب: «المبكي أن لبنان هو بلد الفرص الضائعة في جذب الاستثمارات الأجنبية والاستثمار في البنى التحتية، خصوصاً قطاع الكهرباء الذي يمثّل 30 في المائة من عجز الدين العام. من هنا، تأتي ضرورة القيام بخطوات جذرية تستند إلى دراسات علمية لضبط هذا الدين والإنفاق، وإلا فسوف تتجه الأمور نحو الأسوأ، خصوصاً مع اتجاه مؤشرات الدين إلى الارتفاع، مع الإشارة إلى أن تراجع الإنفاق يؤدي إلى تراجع التصنيف الائتماني للدولة، كما يجب الحد من الهدر والفساد، وتحسين الجباية، وإقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإقرار سياسات ضريبية تحفيزية لتشجيع المستثمرين لإقامة أعمال في لبنان وتوفير وظائف للبنانيين».



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.