سوق العمل الألمانية تشهد ازدهاراً لم يسبق له مثيل منذ الوحدة

200 ألف مهاجر انخرطوا فيها رغم الشروط الصعبة وإشكالات الإقامة

ينال اللاجئ الذي يعترف بحقه كلاجئ سياسي إجازة العمل في الحال وتنفتح أمامه أبواب فرص العمل والتدريب المهني والدراسة (إ.ب.أ)
ينال اللاجئ الذي يعترف بحقه كلاجئ سياسي إجازة العمل في الحال وتنفتح أمامه أبواب فرص العمل والتدريب المهني والدراسة (إ.ب.أ)
TT

سوق العمل الألمانية تشهد ازدهاراً لم يسبق له مثيل منذ الوحدة

ينال اللاجئ الذي يعترف بحقه كلاجئ سياسي إجازة العمل في الحال وتنفتح أمامه أبواب فرص العمل والتدريب المهني والدراسة (إ.ب.أ)
ينال اللاجئ الذي يعترف بحقه كلاجئ سياسي إجازة العمل في الحال وتنفتح أمامه أبواب فرص العمل والتدريب المهني والدراسة (إ.ب.أ)

لا تبدو الصورة التي روجها اليمين الشعبوي عن التأثير السلبي للمهاجرين على الاقتصاد الألماني حقيقية، لأن الأرقام تتحدث بعكس ذلك. وقد نشرت دائرة العمل الاتحادية قبل أيام تقريرها عن حالة سوق العمل في يوليو (تموز) الحالي، الذي يكشف انخفاض معدلات البطالة، وارتفاع الطلب على سوق العمل، وزيادة لم يسبق لها مثيل في فرص التدريب المهني في الشركات الألمانية المختلفة.
وكل هذا بعد سنتين من سياسة فتح الباب أمام موجات اللاجئين التي أطلقتها المستشارة أنجيلا ميركل، بعد وفود أعداد من اللاجئين يقدر عددهم (بعد إضافة لم شمل عوائلهم بهم) بنحو مليون شخص. ورغم أن الموجات توقفت منذ أكثر من سنة، فإن عدد اللاجئين الوافدين إلى ألمانيا لا يقل عن 150 ألفاً في السنة.
ولكن هل أدخلت دائرة العمل الاتحادية أعداد المهاجرين واللاجئين ضمن إحصائيتها الأخيرة حول سوق العمل؟ «الشرق الأوسط» اتصلت بالدائرة الاتحادية، وأكد المتحدث أن كل أعداد المهاجرين الذين وصلوا ألمانيا تم إدخالهم في الإحصائيات. وعلى هذا الأساس، فإن تراجع أعداد العاطلين، وزيادة الطلب في سوق العمل، تجري رغم هذا العدد الكبير من المهاجرين الذين وصلوا ألمانيا في السنتين الأخيرتين.
ورداً على السؤال حول حصة اللاجئين من مواقع العمل، أشار المتحدث إلى إحصائية دائرة العمل لشهر مايو (أيار) الماضي، وقال إن الدائرة حصرت في هذا التقرير أن 200 ألف مهاجر، من كل الجنسيات، انخرطوا في سوق العمل، كعاملين وكمتدربين مهنيين.
وقال المتحدث إنه من الطبيعي أن كفة المتدربين بين المهاجرين تزيد على كفة العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، لأنهم بحاجة إلى دورات لغات واندماج وتدريب مهني، تعينهم في العثور على مواقع عمل في المستقبل.
ومعروف أن شروط الإقامة والعمل تختلف من ولاية ألمانية إلى أخرى، إلا أن هناك قواسم مشتركة تحددها دائرة العمل. ومن يتصفح موقع دائرة العمل الاتحادية يلاحظ أنها تقسم حظوظ المهاجرين وطالبي اللجوء، بحسب نوع إقامتهم.
وفضلاً عن شروط الإقامة الصعبة، فهناك شروط العمل التي تضعها دائرة العمل أمام المهاجر، إذ ينال اللاجئ إجازة عمل «محدودة» بعد 4 أشهر من نيله الإقامة كلاجئ معترف به، ولا تتحول هذه الإجازة إلى إجازة عمل دائمة إلا بعد حصوله على موقع عمل ثابت، إلا أن دائرة العمل، والسلطات الألمانية، لا تضع أية شروط تذكر أمام اللاجئ عند تقدمه لخوض دورات اللغة والاندماج والتدريب والإعداد المهني. كما تسقط الشروط الأخرى عن اللاجئ بعد إقامته في ألمانيا لفترة تزيد عن 15 شهراً. وينال اللاجئ، الذي يتم الاعتراف بحقه كلاجئ سياسي، إجازة العمل في الحال، وتنفتح أمامه أبواب فرص العمل والتدريب المهني والدراسة. وينال إجازة العمل كل لاجئ (وإن لم يكن سياسياً) أمضى إقامة أمدها 3 سنوات، مع أفق واضح لتمديدها. أما غير المعترف بهم كلاجئين، فإن عملية الاعتراف بلجوئهم ما زالت قيد الدرس، فينالون حق العمل بشكل محدود بالعلاقة مع احتمال الاعتراف بلجوئهم لاحقاً.
ويتمتع اللاجئون، الذين ينالون الإقامة، بسماح إنساني في البقاء في ألمانيا، ودائرة العمل تدرس كل حالة على حدة، لكن حقهم في العمل يسقط إن كانوا على قائمة التسفير إلى البلد الذي وفدوا منه، أو إنهم ارتكبوا جنايات معينة خلال فترة لجوئهم، أو إنهم كذبوا حول جنسيتهم الحقيقية أو طريقة وصولهم.
وطبيعي ألا تبدو الطريق سالكة أمام الجميع، بل ولا حتى أمام اللاجئين الذين تم الاعتراف بهم، ونالوا الإقامة الدائمة ويحملون شهادات جامعية، إذ تقرر لجنة خاصة في دائرة العمل ما إذا كانت ستسمح بتوظيف هذا المهاجر أم لا، وفق المعطيات التي يقدمها رب العمل الراغب بتوظيف المهاجر.
وربما لا تتحدث الدائرة على المكشوف عن طريقة اختيار العاملين، لكنها معروفة ويتحدث بها أرباب العمل كعائق رئيسي أمام توظيف اللاجئين، إذ يتعرض رب العمل إلى المساءلة عن سبب تفضيله الأجنبي على الألماني والأوروبي، وعليه حينها أن يوفر تبريرات مقنعة لذلك. وعلى رب العمل أن يوضح لماذا يفضل السوري على الهنغاري، مثلاً. على أية حال، يبدو أن هذه الشروط تتضاءل بالتدريج أمام الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده ألمانيا اليوم، وتبدو معها حظوظ اللاجئين أفضل. وذكر رئيس دائرة العمل ديتليف شيله، بعد تقديمه تقرير يوليو حول سوق العمل، أن أعداد البطالة انخفضت عن أقل معدلاتها سنة 2005، وأن سوق العمل تشهد ازدهاراً لم يسبق له مثيل منذ الوحدة الألمانية.
وفضلاً عن قطاعي التربية والتعليم والخدمات، لا يوجد أي قطاع اقتصادي في ألمانيا لا يبحث عن عاملين جدد اليوم، بحسب شيله. وقد سجلت قطاعات الصناعة والتجارة وإدارات الشركات أكثر نسبة طلب على العمل في يوليو. ويشهد الطلب على العمل ارتفاعاً كبيراً منذ سنة 2014.
والحقيقية أن شهر يوليو شهد ارتفاعاً ضئيلاً في عدد العاطلين عن شهر يونيو (حزيران) الماضي، إلا أن هذا لا يدعو إلى القلق بتقدير رئيس دائرة العمل لأن هذا في الحقيقة ينخفض عن معدل يوليو 2016، وأسبابه معرفة، وهي العطلة الصيفية والخريجين الجدد، إذ من المعتاد أن «يتسرح» مئات الآلاف من الطلاب من الجامعات في يوليو، ويبدأون في الحال رحلة البحث عن عمل. وهكذا، أعلنت دائرة العمل الاتحادية عن تسجيل 750 ألف موقع عمل فارغ من قبل الشركات في سجلاتها في شهر يوليو الماضي، وهذا يزيد بمقدار 76 ألف موقع عن شهر يونيو.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».