مجلس الشيوخ الفرنسي يتوقع ولاية خامسة للرئيس بوتفليقة

في أعقاب زيارة وفد منه إلى الجزائر تناولت الأوضاع السياسية والاقتصادية

TT

مجلس الشيوخ الفرنسي يتوقع ولاية خامسة للرئيس بوتفليقة

قال مجلس الشيوخ الفرنسي في أعقاب زيارة قادت وفدا منه إلى الجزائر إن ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات التي ستنظم عام 2019، «أمر غير مستبعد»، ووصف الجزائر بأنه «بلد يعيش على ريع النفط والغاز»، وبأنه يواجه صعوبات في تسيير أزمته الاقتصادية.
ونشر مجلس الشيوخ تقريرا مفصلا عن الزيارة التي ضمت أربعة أعضاء من «لجنة الشؤون الأوروبية»، والتي جرت الشهر الماضي، تضمنت خلاصة لقاءات مع عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية الجزائرية والفرنسية، تناولت الأوضاع في البلاد سياسيا واقتصاديا.
وورد في التقرير أن النظام في البلاد «لا يواجه أي ضغط شعبي يدفعه إلى التغيير»، موضحا أن الرئيس بوتفليقة «يملك شرعية شعبية حصل عليها في أعقاب العشرية السوداء»، في إشارة إلى تسعينات القرن الماضي، التي ترمز للإرهاب.
وتسلم بوتفليقة الحكم عام 1999، وأطلق تدابير لاستعادة الأمن، ما أكسبه تأييدا شعبيا، بحسب التقرير الذي كتبه السيناتور سيمون سوتور، منتخب مقاطعة الغار بجنوب فرنسا. لكن بوتفليقة انسحب من المشهد منذ 2013 بسبب تعرضه لجلطة دماغية أفقدته التحكم في حواسه، وبسبب ذلك تعالت أصوات تطالب بعزله عن الحكم. وأفاد التقرير بأن «أحداث الربيع العربي، ينظر إليها من طرف النظام بالجزائر على أنها سبب تفسخ الدول. فالنظام غالبا ما يضرب أمثلة بالأوضاع المتردية في ليبيا وسوريا وبالإرهاب في الساحل الأفريقي لدعم رفضه التغيير على طريقة الربيع العربي»، مشيرا إلى أن نشاط تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في بعض مناطق بالجزائر يساهم في الربط بين الربيع العربي والجهاد، وبالتالي وجود تهديد حقيقي للأمن الداخلي».
يشار إلى أن الحكومة تبدي انزعاجا لتجارب «الربيع العربي» في البلدان المجاورة، وبخاصة تونس. وغالبا ما يقول المسؤولون إن «هناك مؤامرة خارجية لفرض الربيع العربي عندنا»، ولكن لا أحد منهم أثبت وجود هذه «المؤامرة». وحتى يدعم هؤلاء موقفهم يستحضرون الحرب الأهلية التي وقعت في البلاد، والتي تعد شبحا يؤرق كل من عاش تلك الفترة، ما يثنيهم عن أي إرادة للتغيير.
والتقى وفد «حكماء» البرلمان الفرنسي مع رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) عبد القادر بن صالح، وهو الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور، والسعيد بوحجة رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى). وأشخاصا من عالم الأعمال والثقافة، زيادة على سفير فرنسا بالجزائر كزافييه دريانكور وأسقف كنيسة «السيدة الأفريقية» بأعالي العاصمة، وأشخاصا آخرين ينتمون للكثير من القطاعات في المجتمع.
ولاحظ أصحاب التقرير أن انتخابات البرلمان التي جرت في الرابع من مايو (أيار) الماضي، «لم تفرز أي تغيير في موازين القوى»، في إشارة إلى احتفاظ أحزاب السلطة بالأغلبية، وأهمها «جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب الرئيس بوتفليقة. كما أوضح التقرير أيضا أن «هيئة مراقبة الانتخابات» التي استحدثها تعديل أدخل على الدستور العام الماضي، لا تؤدي أي دور تقريبا في العملية الانتخابية قياسا إلى نفوذ وزارة الداخلية.
إلى ذلك، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية عبد العزيز بن علي الشريف أمس بأن سلطات البلاد اتفقت مع حكومة النيجر على استئناف برنامج ترحيل رعايا نيجريين يقيمون بالجزائر بصفة غير قانونية. ولم يذكر الشريف عددهم، لكنه أوضح أن «العملية تندرج في إطار «محاربة الاتجار بالبشر والهجرة السرية».
وتم العام الماضي ترحيل المئات من النيجريين، لكن توقفت العملية إثر احتجاج منظمات حقوقية محلية وأجنبية. وقالت الحكومة في وقت سابق إن الكثير من المرحلين عادوا بفضل مساعدة شبكات الهجرة السرية.
وقال الشريف إن أطرافا كثيرة سيتم إشراكها في تنظيم ترحيل المهاجرين السريين، أهمها «الهلال الأحمر الجزائري»، وذلك بهدف «إجرائها في أحسن الظروف وفي إطار الاحترام الصارم لحقوق وكرامة المهاجرين»، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.