مزارعو عرسال ينتظرون العودة إلى بساتينهم بعد 3 سنوات حرماناً

جرود عرسال
جرود عرسال
TT

مزارعو عرسال ينتظرون العودة إلى بساتينهم بعد 3 سنوات حرماناً

جرود عرسال
جرود عرسال

يخفي الغبار المتصاعد من خلف سيارات تعبر على طرقات ترابية جديدة شقّها «حزب الله» في جرود عرسال، آلاف الأطنان من فواكه المشمش والكرز التي حان موعد قطافها لكن تعثر إثر المعارك الدائرة، فالمواسم في هذه المنطقة لم تُقطف منذ 3 سنوات، إثر سيطرة مسلحي تنظيم «جبهة النصرة» على مساحات كبيرة من جرود عرسال الحدودية مع سوريا، ويبدو أنها لن تُقطف هذا العام أيضاً.
وأحيت المعركة الأخيرة التي أفضت إلى اتفاق لترحيل عناصر «النصرة» من جرود عرسال، آمال المزارعين في للعودة مجدداً إلى بساتينهم المترامية على مساحات واسعة في الجرود. لكن هؤلاء المزارعين، في سباق مع الوقت، فالموسم أينع، وبدأ الثمر يتساقط عن الأشجار، في وقت لا يستطيعون فيه العبور إلى بساتينهم التي تحيط بها مراكز عسكرية لـ«حزب الله» بعد «النصرة»، ريثما يثبت الجيش اللبناني مواقع له في المنطقة، ويعلنها منطقة آمنة.
وحُرم المزارعون من بساتينهم، إثر سيطرة «النصرة» على الجرود في عام 2014.
يقول المزارع صبحي الحجيري لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال تلك السنوات، «لم يستطع المزارعون الاهتمام ببساتينهم أو قطف المحصول»، موضحاً أن البعض «كان يخاطر، ويتعرض لرصاص القنص»، ذلك أنه، وبعد سيطرة «حزب الله» على القسم الجنوبي من جرود عرسال في صيف عام 2015، تحولت منطقة البساتين إلى «خطوط تماس بين مقاتلي الحزب والنصرة».
في هذا الوقت، تتساقط ثمار المشمش والكرز لتتكدس تحت أشجارها محولة قسماً من الأرض إلى ألوان أشبه بالبرتقالية الملونة. أما الأغصان فهي تتدلى وتنوء بأحمالها. وبالنسبة للكرز، فقد ذبلت معظم حباته، وعلى الرغم من تساقط بعض الثمار فإن القسم الأكبر منها ما زال صامداً على الأغصان.
وتحتل البساتين 10 في المائة من مساحة جرود عرسال التي تمتد على نحو 50 كيلومتراً بعمق 10 كيلومترات حتى الحدود السورية. ومن المعروف أن البلدة تعتمد بشكل أساسي على صناعة الحجر والكسارات، كما على الزراعة. وتشتهر بزراعة المشمش والكرز.
وتقع البساتين في وادي المجر ووادي الهوى ووادي الديب وسهلة الرهوة ومنطقة عطية، وباتت مركزاً للبساتين بعدما استصلحت الأراضي قبل سنوات. وتتركز الأشجار المعمرة في سهل الرهوة.
ومنذ سيطرة «النصرة» على الجرود، تحولت معظم هذه البساتين إلى أرض بور ارتفع فيها الشوك والأعشاب الطفيلية ما أدى إلى يباس أكثر من عشرين في المائة من هذه الأشجار، كما اقتلع المسلحون بعضاً منها واستخدموها وقوداً وحطباً للتدفئة في فصل الشتاء عندما ضيق الجيش اللبناني عليهم الحصار وقوّض تهريب مادة المازوت إلى مراكزهم في هذه المناطق.
هذه البساتين المزروعة في الأراضي الوعرة والأراضي المستصلحة، لم تنل تعويضاً من الدولة منذ خمس سنوات باستثناء ثلاثة بساتين مزروعة بالتفاح في الجرود، إلى جانب بعض بساتين اللوز بمساحات صغيرة. يقول الحجيري: «ثمة وعود بالتعويض على ضياع المواسم في السنوات الماضية، لكننا لم نحصل على أي شيء حتى الآن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.