مباحثات تركية ـ إيرانية في إسطنبول حول التطورات في سوريا

أنقرة ترفض مجدداً الاتهام الأميركي... وواشنطن تلوح بصفقة «إس - 400»

TT

مباحثات تركية ـ إيرانية في إسطنبول حول التطورات في سوريا

بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، خلال لقاء بينهما في إسطنبول أمس الثلاثاء، على هامش الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، التطورات في سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية تركية، إن جاويش أوغلو وظريف تناولا التطورات في سوريا واتفاق وقف إطلاق النار ومناطق خفض التصعيد، في ظل وقوع اشتباكات في بعض هذه المناطق في الفترة الأخيرة.
في السياق، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالين، إن اقتراح مناطق خفض التصعيد جاء في ظل وضع الانقسام والتجزئة الذي تعيشه سوريا، ووفرت تلك المناطق بديلا في ظل انسداد عملية جنيف، لإيجاد حل للأزمة السورية، لافتا إلى أن «الاتفاق الروسي التركي حول تلك المناطق لا يشكل بديلاً لجنيف بل مرحلة مكملة لها».
في غضون ذلك، تصاعد التلاسن بين أنقرة وواشنطن على خلفية تلميحات المبعوث الأميركي لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي، بريت ماكغورك، بوجود صلة لتركيا بتنظيمات إرهابية في إدلب السورية، وأكد كالين رفض أنقرة لهذه التصريحات، بأنها «غير مقبولة».
ووصف كالين في مقابلة تلفزيونية، أمس الثلاثاء، ماكغورك، بأنه واحد من الوجوه المتبقية من عهد الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، وممن لهم صلة وثيقة مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.
كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد طالب من قبل بتغيير ماكغورك واتهمه «بالتعاون مع الميليشيات الكردية في سوريا»، كما نشرت وسائل الإعلام التركية صورا له بصحبة بعض قيادات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الرقة.
وقال كالين إن تركيا لا تسيطر على إدلب السورية، ولا تتحكم بها، بل تقوم فقط بمساعدة آلاف النازحين الذين تم إجلاؤهم من حلب، وجلبهم إلى المناطق القريبة من حدودها.
ولفت المتحدث التركي إلى أن عدم إيجاد المجتمع الدولي صيغة لحل الأزمة السورية، دفع بالعناصر المتشددة للتوافد على سوريا من العراق، وأماكن أخرى، مثل أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى، وأن بلاده «حذرت في تلك الفترة من أن استمرار سير الأزمة في هذا الاتجاه من شأنه أن يجعلها قضية عالمية».
في الوقت نفسه، جدد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جيف دافيس، قلق بلاده من سعي تركيا لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس - 400) قائلا في تصريحات، أمس، إن الولايات المتحدة الأميركية تتخوف من عدم حدوث انسجام بين منظومات الدفاع الجوي الموجودة لدى حلف الناتو، ومنظومة «إس - 400» التي تعتزم تركيا شراءها من روسيا.
وأضاف المتحدث الأميركي أنه، بشكل عام، كل ما يشتريه حلفاؤنا يعنينا ويهمنا، وتركيا حليف للولايات المتحدة و«كنا نتمنى أن تشتري أنقرة ما يتناسب مع روح الاتفاق القائم بيننا، وفي حال عدم انسجام منظومات (إس - 400) التي تنوي أنقرة شراءها مع منظومات الناتو، فإن هذا الأمر سيقلقنا».
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأسبوع الماضي، عن التوقيع على اتفاقية مع روسيا بشأن صفقة منظومة «إس - 400» للدفاع الجوي، دون أن يكشف عن تفاصيل الاتفاق.
ويمكن لصواريخ «إس - 400» إسقاط جميع وسائل الهجوم الجوي الموجودة حاليا، بما فيها الطائرات والمروحيات والطائرات دون طيار، والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية التكتيكية، التي يمكن أن تصل سرعتها إلى 4800 متر في الثانية، وتتمسك تركيا بحقها في اقتناء المنظومة التي تحمى حدودها، طالما أن الناتو لم يقم بما يلزم في هذا الشأن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».