رغم المطالبات الدولية بعدم مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في عملية تحرير قضاء تلعفر الاستراتيجي غرب الموصل فإن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أكد أمس أن الحشود الشعبية والعشائرية ستشارك في المعركة المرتقبة التي أوشكت القوات الأمنية العراقية على الانتهاء من الاستعداد لخوضها قريبا.
وقال العبادي في حفل انطلاق الدورة الثالثة لبرلمان الشباب العراقي الذي عقد في بغداد: «تلعفر ستعود لجميع أبنائها وسيشارك الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب والحشد المحلي والشعبي في تحريرها».
ومع انطلاق عمليات تحرير الموصل في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اندفعت قطعات الميليشيات الشيعية المنضوية في الحشد الشعبي باتجاه قضاء تلعفر للسيطرة عليه لكن المعارك التي خاضتها ضد مسلحي «داعش» أسفرت عن فرض الحشد حصارا حول تلعفر لكنه لم يستطع اقتحامه وأُجلت معركته إلى ما بعد تحرير الموصل. وتمكن التنظيم في فبراير (شباط) الماضي من تهريب عدد كبير من قادته ومسلحيه وعوائلهم من تلعفر إلى سوريا بعد أن هاجم بعجلاته المفخخة الطوق الذي تفرضه الميليشيات الشيعية على المدينة وتمكن من فتح ثغرة لساعات خرجت خلالها العشرات من السيارات التي كانت تحمل مسلحي التنظيم باتجاه الأراضي السورية.
وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية من معارك تحرير الموصل بجانبيها الأيسر والأيمن كثفت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والطائرات العراقية من غاراتها على مركز تلعفر وأطرافها مستهدفة مقرات تنظيم داعش ومستودعات أسلحته استعدادا للمعركة الحاسمة.
وتحتل تلعفر موقعا استراتيجيا مهما فهي تقع في الجهة الشمالية الغربية لمدينة الموصل وتسيطر على الحدود ما بين العراق وسوريا، الأمر الذي تسعى طهران للسيطرة عليه عن طريق الميليشيات التابعة لها في العراق لتوسع من نفوذها وسيطرتها على الطريق البري الرابط بين العراق وسوريا، فالنظام الإيراني يعمل ومنذ سنين لفتح طريق بري بين طهران ودمشق لنقل الجنود والأسلحة والأعتدة إلى دمشق لتعزيز بقاء نظام الأسد في الحكم، وقد نجحت طهران خلال الأشهر الماضية في السيطرة على جزء من هذه الحدود لكن سيطرتها على تلعفر ستضمن لها السيطرة الكاملة على الحدود الشمالية الغربية بين بغداد ودمشق.
بدورها، رفضت تركيا وعلى مدى الأشهر الماضية مشاركة الفصائل الشيعية في عملية تلعفر وهددت باستخدام قواتها الخاصة إذا دخلت هذه الفصائل المدينة، لأن أنقرة تعتبرها جزءا من أراضي الإمبراطورية العثمانية، في الوقت ذاته قال محمد تقي المولى، وهو نائب شيعي تركماني عن تلعفر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» في 13 يوليو (تموز) الحالي إن السفير التركي في بغداد أبلغه أن أنقرة تؤيد تحرير تلعفر وليس لديها مشكلة من دخول قوات الحشد التركماني المنضوي ضمن الحشد الشعبي إلى المدينة، لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، جدد في مؤتمر صحافي عقده في 20 يوليو الحالي رفض أنقرة مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحرير قضاء تلعفر. وأكدت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن أنقرة لم تغير موقفها بشأن مشاركة قوات الحشد الشعبي، في معركة تحرير تلعفر، ولن تسمح بأي محاولة لتغيير ديموغرافية المدينة.
وأضافت أن الموقف التركي من هذه المسألة واضح وقد أبلغت به الحكومة العراقية، وتم التأكيد على أن تركيا لن تبقى صامتة، وإزاء أي محاولة للتأثير على وضع الأغلبية التركمانية في المدينة.
وأشارت إلى أن أنقرة بدأت إجراء اتصالات مع بغداد عقب تصريحات العبادي للتأكيد على رفضها لمشاركة الحشد الشعبي في العملية العسكرية في تلعفر.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وصف قوات الحشد الشعبي، القريبة من إيران، بـ«المنظمة الإرهابية» واتهمها بالعمل ضد قضاء تلعفر الذي أكد أهميته بالنسبة لتركيا.
في غضون ذلك كشف زهير الجبوري، المتحدث باسم قوات حرس نينوى (قوات من أبناء الموصل يقودها محافظ الموصل السابق أثيل النجيفي وتلقت تدريباتها على يد القوات التركية)، لـ«الشرق الأوسط» دور القوات المشاركة في عملية تحرير تلعفر، وأوضح: «الجيش العراقي وقوات جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية هي التي ستخوض معارك تحرير قضاء تلعفر، بينما سيقتصر دور الحشد الشعبي والحشود العشائرية على فرض الطوق الخارجي حول القضاء»، لافتا إلى أن معركة تحرير تلعفر لن تكون أصعب من معارك تحرير المدينة القديمة من الموصل.
وبحسب معلومات الجهات الأمنية العراقية تحتضن مدينة تلعفر نحو 2500 مسلح من «داعش» من مختلف الجنسيات الأجنبية والعربية إلى جانب المسلحين المحليين العراقيين من سكان القضاء الذي يتكون من غالبية تركمانية سنية وشيعية.
وسيطر التنظيم على قضاء تلعفر في يونيو (حزيران) 2014 بعد احتلاله مدينة الموصل، وتشكل تلعفر معقلا رئيسيا لـ«داعش» في العراق فقد كانت المدينة وطيلة الأعوام الماضية منذ عام 2003 وحتى الآن حاضنة رئيسية للمجاميع المتطرفة المسلحة التي جمعها «داعش» تحت لوائه بعد احتلاله محافظة نينوى عام 2014.
الصراعات تستعر على تلعفر مع اقتراب تحريرها
العبادي يؤكد مشاركة «الحشد» رغم معارضة تركيا
الصراعات تستعر على تلعفر مع اقتراب تحريرها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة