الجزائر: اكتشاف قنابل قرب العاصمة وأسلحة في الجنوب

تهديدات الإرهاب على الحدود مع مالي تؤرق حكومة بوتفليقة

TT

الجزائر: اكتشاف قنابل قرب العاصمة وأسلحة في الجنوب

قال الجيش الجزائري إن وحدة عسكرية عثرت أمس بغرب وجنوب العاصمة على ست قنابل جاهزة للتفجير، وذلك أثناء تنفيذ عمليتين عسكريتين منفصلتين. كما عثرت على عتاد وأدوات تستعمل في صناعة متفجرات بالمكان نفسه، فيما كان الجيش قد اكتشف منذ يومين بالحدود مع مالي ترسانة كبيرة من السلاح تابعة لمتطرفين.
وذكرت وزارة الدفاع في بيان أن اكتشاف القنابل تم في منطقتي تيبازة والمدية، من دون تفاصيل إضافية. لكن المنطقتين تعرفان بكونهما من معاقل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، الذي تقول السلطات عنه إنها «كسرت شوكته».
ويأتي هذا الحراك العسكري بعد يومين من اكتشاف ترسانة عسكرية ببرج باجي مختار قرب الحدود مع مالي بأقصى الجنوب، حيث أعلن الجيش عن اكتشاف مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف؛ وثلاث بنادق تكرارية، وبندقية نصف آلية من نوع سيمونوف و20 قنبلة يدوية، وكمية من قطع وماسورات الغيار خاصة بالأسلحة النارية، بالإضافة إلى كمية معتبرة من الذخيرة من مختلف العيارات.
وتصدر وزارة الدفاع يوميا بيانات، تتناول نشاط الجيش في كل المناطق التي يوجد بها متطرفون، وهي كثيرة داخل أراضي الجزائر، ما يوحي بأن السلطات العسكرية تواجه تهديدا لافتا، وهو ما يفسر أيضا تنقل رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح هذه الأيام في كل النواحي العسكرية، وحرصه الدائم على شحذ همم الجنود والضباط، من أجل ما درج على تسميته «استئصال شأفة الإرهاب».
وصرح صالح الخميس الماضي، خلال زيارته «الناحية العسكرية الثالثة»، بجنوب غربي البلاد قرب الحدود المغربية، بأن «التقوية المطردة والصاعدة لعرى مقومات المحافظة المتواصلة على الجاهزية العملياتية والقتالية لقوام المعركة للجيش، والإبقاء عليها في المستويات المرغوبة، في هذه الناحية العسكرية، وفي غيرها من النواحي العسكرية الأخرى، هي الشغل الشاغل الذي تظل القيادة العليا تعمل طوال الوقت على تنفيذه».
وأوضح صالح أنه «بفضل الدعم الذي تحظى به قواتنا المسلحة من لدن السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، سنمضي إلى ما يتوافق بصفة كلية مع تمتين متطلبات شروط الوفاء بالمهام الموكلة إلى جيشنا، وذلكم ما يحفزني على حضور التمارين التكتيكية العملياتية التي تجري حاليا بالنواحي العسكرية، والتي نريدها أن تكون وسيلة مثلى وتطبيقية، لمراكمة التجارب وتجميع الخبرات، لأنه على هذا النحو وبه أساسا يحصل التطور ويتحسن المستوى».
يشار إلى أن أكثر ما تخشاه السلطات حاليا هو تنفيذ عمل إرهابي استعراضي بالعاصمة، لأنه إذا وقع سيترك انطباعا قويا بأن خطاب الحكومة بخصوص «ربع الساعة الأخير من عمر الإرهاب»، موجه لاستهلاك مزدوج، سياسي وإعلامي.
في سياق متصل، ذكر وزير الخارجية عبد القادر مساهل في أعقاب محادثات جمعته الليلة ما قبل الماضية بالعاصمة الجزائرية بوزير خارجية مالي عبد اللاي ديوب، أن الجزائر «ستظل شريكا وفيا لمالي كي يقضي على الإرهاب ويستعيد أمنه وسلمه»، ودعا أطراف الأزمة في مالي إلى «احتضان مسار السلم في البلد»، الذي ترعاه الجزائر منذ 11 سنة، والذي يعرف تعثرا بسبب احتقان شديد، بمناطق الصراع بالشمال الحدودي مع الجزائر، ولذلك فإن أي فشل محتمل لتطبيق اتفاق السلام سيكون بالنسبة للحكومة الجزائرية فشلا ذريعا لدبلوماسيتها، التي تشتغل دون هوادة على «الملف المالي».
وقال مساهل إنه «لا يوجد أي بديل للحوار والمصالحة الوطنية في مالي، ونحن ملتزمون بمرافقة البلد في هذا المسار»، مضيفا أنه «توجد مسؤوليات على الأمم المتحدة وباقي شركاء مالي، لكن يجب أن تكون الأجندة نفسها المتمثلة في الحفاظ على وحدة وسلامة مالي الترابية»، مشددا على أن بلاده «تشجع الماليين بأن يكون الحوار شاملا، يقوم على تنفيذ اتفاق باماكو المنبثق عن مسار السلام الذي انطلق من الجزائر».
وتابع وزير الخارجية موضحا أن «الاتفاق لا يصح إلا إذا تم تطبيقه، ويعتمد ذلك على إرادة الشركاء والموقعين عليه»، ودعا إلى «العمل من أجل إيجاد علاقة ثقة بين الأطراف الفاعلة، التي لا يمكن تحقيقها إلا بحوار حقيقي بين الماليين».
ويوجد شبه إجماع في الإعلام الجزائري على أن فرنسا هي اللاعب الأساسي في الأزمة المالية، فيما تكتفي الجزائر بدور ثانوي، لا يزيد على استقبال طرفي الصراع، حكومة ومعارضة، فوق أرضها وإطلاق تصريحات حول السلام، لا تأثير لها في الغالب على مجرى الأحداث في الميدان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».