إعادة افتتاح أول مدرسة للبنات غرب الموصل

650 طالبة طمحن لتعويض ما فاتهن تحت حكم «داعش»

TT

إعادة افتتاح أول مدرسة للبنات غرب الموصل

تنهي صافرة مشرفة ترتدي حجابا أسود وقت الاستراحة، فتستعد طالبات متوسطة طرابلس في الموصل للعودة إلى قاعات الدرس من دون أن ينقطعن عن الحديث والضحك.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، تضم كل قاعة تسعين طالبة وتعد هذه المدرسة الواقعة في حي الجديدة أول مدرسة للبنات يعاد افتتاحها في الجانب الغربي من مدينة الموصل بعد هزيمة «داعش»، علما بأن مدارس أخرى أعيد افتتاحها لكن صفوفها لم تجهز حتى الآن.
وقالت نهاد جاسم، المسؤولة الإدارية في المدرسة: «أيام سيطرة (داعش) كانت هناك 27 طالبة، اليوم لدينا 650». البوابة الحديدية للمدرسة التي حطمتها شظايا القذائف، غطيت بشراشف وبطانيات. النوافذ لا تزال من دون زجاج والجدران متصدعة. أما الكهرباء والماء فلم تصلا إلى المدرسة إلا قبل يومين. ورغم كل ذلك، أكدت نهاد جاسم: «نحن سعداء». وأضافت وهي تبتسم: «بعد ثلاث سنوات (من حكم تنظيم داعش)، نريد أن نطور أنفسنا مجددا لنعود متحضرين. أمام هاتيك الفتيات فرصة جديدة بعدما كان مستقبلهن على وشك أن ينتهي للأ بد».
خلال الاستراحة، تتبادل مراهقات تراوح أعمارهن بين 13 و15 عاما أطراف الحديث في الممرات أو يراجعن بعض دروسهن في باحة المدرسة الصغيرة. وجميع الفتيات يضعن حجابا على الرأس مثبتا بدبوس أو عقدة. يمكن ملاحظة آثار مساحيق التجميل على وجوه بعضهن فيما ارتدى عدد محدود النقاب. وعلقت نهاد جاسم: «نرحب هنا بالجميع».
من جهتها، قالت المدرسة إيمان يوسف التي تمارس المهنة منذ 26 عاما أمضت عشرة منها في هذه المدرسة: «أمامنا مهمة ويجب أن ننجح فيها».
وخلال سيطرة تنظيم داعش كان المدرسون مجبرين على الحضور إلى المدرسة تحت طائلة الاعتقال من جانب شرطة الحسبة التابعة للجهاديين. وأوضحت إيمان يوسف أن «كثيرين منهم فروا لكن الذين لم يكن لديهم مكان يذهبون إليه، اضطروا إلى المجيء».
وألغى المتطرفون دروس الأحياء والتاريخ والجغرافيا والعلوم، ولم يسمحوا إلا بتدريس الشريعة الإسلامية واللغتين العربية والإنجليزية. أما اليوم، فقد تغير كل شيء وصارت هذه المرحلة من الماضي.
وعن فترة سيطرة المتطرفين، قالت شذى الشماع، المسؤولة عن تدريب المعلمين التي تطوعت لتدريس اللغة العربية في متوسطة طرابلس: «لا نتكلم عنها. إنها كالجرح الذي لم يندمل، لذا يجب عدم لمسه». وأضافت: «كما أننا لم نتخلص تماما من تنظيم داعش. قد يكون أقارب بعض الفتيات لا يزالون أفرادا في التنظيم». وقالت الطالبة شيماء فارس (15 عاما): «نحن جميعا سعداء، لكن سعادتنا غير مكتملة لأننا فقدنا جميعا شخصا ما. صديقتي قتلت مع عائلتها في المدينة القديمة للموصل». وأوردت زميلتها نور خيري: «قبل أيام تم اعتقال انتحاري بدا أنه كان يحاول استهداف مدرسة. على الحكومة أن ترسل جنودا لحمايتنا».
وتحلم الطالبات بأن يصبحن «أساتذة أو معلمات أو صحافيات أو مهندسات»، والأولوية بالنسبة إليهن كما بالنسبة إلى المعلمين تعويض الوقت الضائع. ولأن الحكومة العراقية لا تعترف بالتعليم الذي فرضه تنظيم داعش، أعادت إلى المدارس المنهج الذي كان معتمدا في 2014. واضطرت مدارس الجانب الغربي من الموصل إلى إعادة فتح أبوابها في الصيف، وهو عادة فترة عطلة، لأنها استأنفت نشاطها متأخرة بخلاف مدارس الجانب الشرقي من المدينة الذي طرد منه المتطرفون منتصف يناير (كانون الثاني). وقالت شمس ماهر: «لم يبق لنا سوى أربعين يوما لتقديم الامتحانات ولم ننه إلا نصف الكتاب».
وعلقت نور خيري: «عددنا كبير والحر لا يحتمل، لكننا لا نبالي وكل ما نريده هو الدراسة». وأضافت بتهكم: «مادتي المفضلة هي الكيمياء لأن كتابها هو الوحيد المتوافر».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.