تونس: أحكام بالسجن على 36 شخصاً أدينوا بمهاجمة الشرطة

19 منظمة حقوقية تدعو إلى رفض قانون منع الاعتداء على رجال الأمن

TT

تونس: أحكام بالسجن على 36 شخصاً أدينوا بمهاجمة الشرطة

أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بتونس أحكاما بالسجن لمدة سنة، مع الحكم بالنفاذ ضد 36 متهما بمهاجمة قوات الأمن، فيما بات يعرف بـ«أحداث الخربة»، وذلك من بين 47 شخصا جرى اعتقالهم في مواجهات مع الشرطة في الثالث من يوليو (تموز) الحالي.
ووجه القضاء العسكري تهم الاعتداء على رجال الأمن والتجمهر في الطريق العام للمتهمين، وذلك بعد أن تخلت المحكمة الابتدائية بالعاصمة عن الملف برمته لفائدة القضاء العسكري، اعتبارا لاختصاصه في القضايا المتعلقة بالاعتداء على قوات الأمن.
وتعود أطوار هذا الملف إلى الثالث من الشهر الحالي حين هاجم نحو 300 من الباعة في نهج سيدي بومنديل، وساحة الخربة وباب الجزيرة، بالقرب من وسط العاصمة قوات الأمن، التي منعتهم من عرض بضاعتهم في تلك الأماكن بصفة غير قانونية. وتطورت المواجهات بين الطرفين لتسفر عن إصابة رجلي أمن، وتهشيم ثلاث سيارات تابعة لقوات الأمن، واعتقال 47 متهما بالمشاركة في الاحتجاجات قبل أن تحتفظ بنحو 36 متهما ثبت تورطهم في أعمال العنف.
من ناحية أخرى، ناشدت 19 منظمة تونسية ودولية، تنشط في مجال حقوق الإنسان، البرلمان بالعدول عن النظر في مشروع القانون 2015 المتعلق بزجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح، ومن بين أبرز هذه المنظمات الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومنظمة «هيومن رايتس ووتش»، والشبكة الأورو - متوسطية لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد قالت آمنة القلالي، رئيسة مكتب منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تونس، إن هذا القانون «قد يتسبب في تكميم أي انتقادات للقوات المسلحة، وتعزيز ثقافة الإفلات من المحاسبة المستفحلة أصلا في النظام القضائي التونسي، الذي يفتقر بشدة إلى إصلاحات معمقة منذ الثورة».
واعتبرت القلالي مشروع القانون «مخالفا للدستور، ومناقضا لالتزامات تونس الدولية في مسائل حقوق الإنسان، خاصة احترام الحق في الحياة ومقاومة الإفلات من المحاسبة واحترام الحق في حرية التعبير»، وقالت إنه يمكن لبنوده «أن تجرم سلوك الصحافيين والمبلغين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم ممن ينتقدون الشرطة، كما تسمح لقوات الأمن باستخدام القوة القاتلة في غير حالات الضرورة القصوى لحماية النفس البشرية»، مشيرة إلى غموض مفهوم «تحقير القوات المسلحة»، الذي تنبني عليه معظم الاتهامات الموجهة للمدنيين في علاقتهم بالقوات الحاملة للسلاح.
وخلف القانون المتعلق بالاعتداءات على الأمنيين والقوات الحاملة للسلاح، والمعروض حاليا على البرلمان، جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا، إذ عبرت عدة منظمات حقوقية عن خشيتها من انعكاس هذا القانون على الحريات في البلاد. وفي المقابل تمسكت النقابات الأمنية بهذا القانون، إذ قال عماد الحاج خليفة، رئيس اتحاد نقابات قوات الأمن التونسي، إن الغاية من هذا القانون هي حماية رجال الأمن ومختلف القوات الحاملة للسلاح من الاعتداءات، التي تكررت بعد الثورة، وهو غير موجه نحو تكميم الأفواه والحد من الحريات، على حد تعبيره.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».